تؤكد الدراسات والمسوحات الميدانية ان شجرة القات أصبحت تسيطر في زراعتها على جزء كبير من مساحة الأراضي الزراعية في الجمهورية اليمنية، رغم ما لهذه الشجرة من أضرار صحية ومادية ونفسية واجتماعية وزراعية .." سبأنت" قامت بجولة استطلاعية في عدد من قرى مديرية أرحب "محافظة صنعاء"والتي تعد ضمن المناطق الغنية بزراعة القات . زراعة القات تشهد توسعا في قرى مديرية أرحب ، بل أخذت منحى يجعلها تقضي على ما تبقى من شتلات وغرائس العنب بمختلف أنواعه "الرازقي والعرقي والأسود والعاصمي والنشان وغيره، وباتت العنب على شفا جرف هار من الانقراض بعد ان أسقطته شجرة القات من مرتبته الأولى التي كان يحتلها بزراعته على ما يقارب ال 80% من مساحة الأراضي الزراعية بالمديرية. رأس الحربة: شجرة القات تشكل راس الحربة أو العامل الرئيسي الذي يقف وراء هذا التهديد بالانقراض لأشجار العنب نظرا لما تشهده هذه الشجرة"القات" من توسع مثيرا للقلق والجدل معا بزراعتها على مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية . حيث شهدت قرى عديدة بهذه المديرية ومنها على سبيل المثال لا الحصر " بوسان ، ودرب عبيد، والمكاريب ، وهزم ، وبيت مران، ويحيص والبكول والدرب " وغيرها خلال العشر السنوات الماضية توسعا هائل في زراعة هذه النبتة " القات". سباق نحو الجنون: الحاج يحيى حمزة (56) عاما ، هو واحد من مزارعين كثر التقيناهم ، يمتلك من الاراضي الزراعية المزروعة باشجار القات ما يقدره ابناء قريته بالف لبنة، تتناثر كقطع زراعية في انحاء مختلفة من قريته.وبعد ان أصبح يحتل المرتبة الأولى بين ابناء قريته في زراعة القات حسب تصنيف ابناء قريته فانه يقول: اتمنى لو يرجع الزمان للوراء قليلا، لكي لا اقطع شجرة عنب او فرسك او أي فاكهة قطعتها بيدي وانا نادم الان.ويضيف حمزة : بعد ان كنا نجني الاكوام الكبيرة من العنب والزبيب وباقي انواع المحاصيل الزراعية الاخرى كالبر والشعير والعدس والفول ، اصبحنا لا نمتلك من اشجار العنب الا ما يثمر علينا بالخريف " أي ما يأكله وافراد اسرته من العنب طيلة ايام فصل الخريف".ويقول : المزارع اليمني اني اخاف ان ياتي يوما لا نجد فيه هذا الخريف بسبب هذه الشجرة الخبيثة " القات" فنحن وليس في قريتنا فقط اصبحنا نتسابق نحو الجنون بسباقنا نحو التوسع في زارعة شجرة القات . احمد علي هادي (57) عاما والذي يقول انه انه قضى عمره عند شجرة القات حسب تعبيره، يعمل على غرسها على اكبر جزء من ارضه الزراعية ، وانه كان يقوم بإقتلاع أشجار العنب بمختلف انواعه واشجار فواكه أخرى الخوخ والسفرجل والرمان، شجرة تلو شجرة، الى ان أصبح اليوم لم يعد يمتلك من شجرة العنب الا ما يعد على الأصابع من شجر العنب الاسود فقط ، اما باقي المحاصيل الزراعية فانه يشتريها من السوق. شواهد التوسع . من ابرز الشواهد على ذلك التفشي الزراعي لأشجار القات بهذه المديرية هو ما أوحى لنا به عدد كبير من المزارعين بمختلف اطيافهم العمرية ، بانهم أصبحوا ياتون "بالغرس " وهي الشتلات والغرائس الصغيرة من شجرة القات ، من مناطق زراعية مختلفة من محافظات الجمهورية وبأغلى الاثمان نظرا لانعدامها واستنفاذها في منطقتهم . عواقب وخيمة: المهندس الزراعي طلال محمود النهمي يؤكد أن التوسع في زراعة شجرة القات وبشكل رئيسي أعاد تقسيم ورسم الخارطة الجغرافية في عدد من المناطق، بسبب استحداث اراضي زراعية جديدة من اراضي زراعية تتصف بالازلية، وهذا بدوره ساهم في اثارة عدد من المشاكل القبلية والتي قد تتفاقم احيانا .واعتبره تهديد خطير ومستمر يواجهه أي محصول زراعي او فاكهة او حبوب كانت تشتهر به هذه المنطقة التي تشهد توسعا في زراعة القات ومثالا على ذلك العنب في ارحب وقال إن أي توسع في شجرة القات يقابلة استنزاف جائر للمياه الجوفية ، كون التوسع يقع على ارض زراعية مستحدثة لا تتمتع بخصائص الارض الزراعية القديمة التي من مزايها الاحتفاظ بالرطوبة لفترة طويلة قد تصل الى السنة الواحدة ، وهذا بدوره يجعل من الحاجة لحفر ابار ارتوازية .ما سبق ذكره يؤكد التخوفات التي تطلقها جهات عدة مختصة ، من ان حوض صنعاء المائي واحواض اخرى باتت مهددة بالجفاف نتجة لهذا التهور في حفر الابار الارتوازية العشوائية.وخلاصة الامر أن المزارعين يجمعون أن على سبب جوهري واحد وهو أنهم يحققون عائدا نقديا أعلى جراء زراعة القات في قطعة ارض، في حين لا يحصل على العائد نفسه في حال كان المحصول الزراعي غير القات. سبانت