مع إطلالة اليوم العالمي للمرأة يكثر الحديث عن المرأة المعطاءة دائما وما حققته من إنجازات في مختلف المجالات وأيضا عن المعوقات والصعوبات التي تواجهها باستمرار وترفع كثيرا من الشعارات المطالبة بمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة. لكن مع ذلك لا تزال حقوق المرأة وحرياتها الأساسية إحدى أهم قضايا العصر، إذ تحظى هذه القضية باهتمام كبير، نتيجة المعاناة التي عادة ما تظهر جراء تدهور ملموس لأوضاع المرأة وعدم الاعتراف بحقوقها الإنسانية والشخصية وخاصة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. وفي هذا السياق، يكتسب اليوم العالمي للمرأة أهمية استثنائية، كونه يوماً عالمياً تجتمع فيه النساء في كل مكان من العالم، بغض النظر عن الاختلافات اللغوية والثقافية والاقتصادية والسياسية، للاحتفاء به، وجعله مناسبة تعد اختصاراً، لجهة مناقشة واستعراض الانجازات التي تحققت للمرأة، وكذلك للتوجه في رسم الطموحات والتطلعات التي يمكنها الارتقاء بشؤونها، من أجل المزيد من التقدم في قضيتها وتثبيت حقوقها في العمل والحياة. ** صعوبات وبهذه المناسبة ارتأينا أن نستعرض في هذا اليوم أهم الصعوبات التي تواجه مديرات إدارات المرأة في بعض الوزارات ونشاركهن أحلامهن وشكاواهن. إن تواجد المرأة سواء على الصعيد الثقافي أو الاجتماعي أو الصحي أو التعليمي أو الاقتصادي وحتى السياسي أصبح الآن أمرا لا مفر منه، وعلى الطرف الآخر التعامل مع هذا الواقع الجديد التي تفرضه المرأة بكل هزيمة وإصرار. لا يخفى على أحد أن هناك مشاكل وصعابا تواجه المرأة وتعوقها عن الحصول على حقها ومكانتها في المجتمع. وهناك أمنيات كثيرة وكبيرة من نساء كثيرات على جميع الجهات حكومية أو أهلية أو أحزاب ومنظمات مجتمع مدني بإفساح المجال للمرأة وإزالة كل العراقيل التي قد تعوق تحركها ومنها تلك العراقيل النابعة من عادات وتقاليد وثقافة المجتمع. في الآونة الأخيرة أظهرت النساء اليمنيات الكثير من التقدم كشريكات في التنمية في جوانب كثيرة مثل التعليم والصحة، ولكن الانخراط الكامل للمرأة في الحياة العامة يتطلب دعماً إضافيا لمشاركة المرأة اليمنية في السياسة وتمثيلها في المناصب العليا القيادية. عندما أصبحت النساء يشكلن نصف السكان في اليمن فإن إنشاء إدارات معنية بقضاياهن أصبح حاجة ماسة, فالتنمية والسير قدما لا يمكن أن يتحقق بدون مشاركة المرأة، فلا يمكن أن نتقدم أو نتطور ما لم تكن التنمية تسير بمشاركه كل من الرجل والمرأة على حد سواء. العديد من الإدارات التي قامت "السياسية" بزياراتها لها مهام مرتبطة بقضايا الطفل والمرأة على وجه الخصوص, ومن خلال اللقاءات مع مديرات الإدارات خرجنا بتلخيص لمهام هذه الإدارات وهي خدمة المرأة وقضاياها، والعمل على حصول المرأة على حقوقها من خلال هذه الإدارات. ** اعتقادات تعتقد الكثير من الموظفات وكذا مديرات إدارات المرأة أن الرجل له حقوق متفق عليه لا نقاش فيها فبالتالي لا يحتاج إلى إدارة تمثله، بعكس المرأة فإن عليه السعي الحثيث لتنال فرصتها بما يخدم قضاياها وحقوقها. إن الأمية بين النساء منتشرة وهنا تكمن الحاجة الماسة لإدارات معنية لتبني قضاياهن بصورة أعمق وأكثر فاعليه, لذا كان القرار 46 لعام 1999 بإنشاء الإدارة العامة للمرأة بديوان عام الوزارة وبعد فترو اعتمدت المادة الثانية التي قضت بن تضاف مهام واختصاصات هذه الإدارة ضمن مهام واختصاصات الإدارة العامة في لائحة تنظيم الوزارة ولائحتها التنفيذية. ** إصرار انتصار عمر خالد -مدير عام إدارة المرأة والطفل في وزاره الإعلام- توضح لنا أن كافة أنشطة وبرامج الإدارة ترتبط ارتباطا مباشرا بالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة واللجنة الوطنية للمرأة. حيث إن إدارتها تمثل الوزارة في عدة جهات تختص بقضايا المرأة بشكل عام والطفل بشكل خاص حيث توجد العديد من اللجان التي تهتم بقضايا الطفولة: اللجنة الفنية لمكافحة تهريب الأطفال, واللجنة الفنية الاستراتيجية الوطنية للمعاقين والعديد من اللجان التي تهتم بقضايا المرأة والطفل. وعن مدى تقبل الجهات المعنية وتعاونها مع مطالب الإدارة, تحدثت انتصار عن معركة غير متكافئة تخوضها كإدارة لتحقيق الذات وتقول: "نخوض معركة لإثبات جدارتنا خاصة في ظل وجدود قيادة ذكورية مسيطرة على المناصب وهؤلاء ثقافاتهم الأسرية والقبلية قد رسخت في أذهانهم مفاهيم خاطئة عن دور المرأة وتواجدها بقوة في مجال العمل". وتضيف: "علينا الصبر ثم الصبر وألا نيأس ونستمر في النضال من اجل انتزاع حقوقنا". ** تهميش تشتكي كل موظفات الوزارات التي زارتها "السياسية" من عدم تفعيل الإدارات لتكون لهن متنفس في ظل تهميش واضح لأبسط حقوقهن ويأملن في أن تفعل هذه الإدارات أكثر. وتسرد لنا موظفات وزارة الإعلام العديد من المشكلات التي لم يتم حلها, فهن كن يأملن أن وجود إدارة معنية بقضاياهن سيفتح باب أمل لحل مشكلاتهن، سرعان ما اكتشفن أن بعض هذه الإدارات لا ترقى إلى المستوى المطلوب وأن تلك الإدارات لا تؤخذ على محمل الجد؛ فسرعان ما تتعثر مطالب مديرات الإدارات على أبواب المسؤولين. وتشاركهن الرأي موظفات وزارة الصناعة اللاتي اشتكين من عدم تفعيل الإدارة فعليا لتستطيع حل مشكلاتهن. ** مهام... وعن مهام الإدارة في وزارة العدل حدثتنا القاضي نهاد فضل محسن، رئيس دائرة المرأة والطفل وحقوق الإنسان في وزارة العدل، أن الإدارة تشارك في إعداد ومناقشة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات والأنظمة المتعلقة بشؤون المرأة وتقديم المقترحات اللازمة لتطويرها وأن الإدارة أيضا تقوم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بشأن تحسين أحوال الأطفال الموقوفين في مراكز الحجز أو المودعين في الإصلاحيات لمراعاة توفر الضمانات القانونية لمعاملتهم كأطفال وأحداث وبما يتفق مع القوانين واللوائح والعديد من المهام المتعلقة بالطفل والمرأة على حد سواء. وسردت لنا بعض المشاريع المستقبلية، فالإدارة عملت على إنجاح مشروع في 2010 للتعاقد مع 10 محامين للنظر في قضايا المرأة في المحاكم و16 محاميا يقومون بالترافع عن الأحداث في المحاكم وفي مراكز الشرطة. ** جهود... عملت اللجنة الوطنية للمرأة على إصدار القرار الوزاري الخاص بإنشاء الإدارات الخاصة في كل وزارة، فالحاجة إلى إشراك المرأة في الوزارات أيا كان مستواها الإداري في الفعاليات والأنشطة ورسم الخطط وإعداد المشروعات الخاصة بقضايا المرأة بشكل جاد وتفعيل دورها كان أمرا لا بد منه في ظل تنامي الوعي بأهمية دور المرأة في جميع المجالات. تقوم اللجنة الوطنية للمرأة بالإعداد لمؤتمر سنوي يضم كافة العضوات من مديرات الإدارات في جميع الوزارات وفي هذا المؤتمر يتم التباحث حول العديد من القضايا التي تخص المرأة, حيث يتم أيضا مناقشة الصعوبات والتحديات التي تواجه عملهن. تمد العضوات اللجنة الوطنية للمرأة بجميع البيانات اللازمة حول المرأة العاملة وإلى أي مدى وصلت في السلم الوظيفي ومن مهام اللجنة الوطنية أيضا تنظيم العديد من الدورات وبرامج التدريب للعضوات وخاصة مواضيع التعريف بالنوع الاجتماعي وتنميه قدراتهن في مجال قضايا المرأة. ** استخفاف... بينت لنا د. إيمان القباطي، مدير عام تنمية المرأة في وزاره الصحة، أن الإدارة تابعة لهيكل وزارة الصحة كما هو الحال في بقية الوزارات حيث تتبع هذه الإدارات وزارتها ماليا وإداريا بإشراف من اللجنة الوطنية للمرأة. وعندما سألنا الدكتورة إيمان عن التمويل وعن إمكانيات الإدارة وفاعليتها شرحت لنا بمرارة أن الدعم المادي ينقص الإدارة بشكل كبير وذلك ما يؤثر على سير عمل الإدارة وعلى مدى فاعليتها فالدعم الذي تحصل عليه يأتي فقط إما من WHO أو مبلغ بسيط من صندوق الأممالمتحدة. لم نجد في وزارة التربية والتعليم إدارة خاصة للمرأة، ولكن هناك ما يسمى بقطاع تعليم الفتاة، وتتركز مهام القطاع, كما أخبرتنا عنها آمال علي البعداني، مدير عام دعم تعليم الفتاة في وزارة التربية والتعليم، في التواصل والتنسيق مع الجهات المعنية لعمل شراكة للوصول إلى عمل مشترك وتكاملي في مجال تعليم الفتاة. وتضيف: "يتولى القطاع الإشراف على وضع الخطط لتنفيذ أهداف تعليم الفتاة الواردة في الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي, وأيضا يقترح سياسات وبرامج لتشجيع التحاق المرأة بسلك التعليم وخصوصا في الريف". هدى سلطان القرشي، مدير مكتب وكيل قطاع تعليم الفتاة، تؤكد أهمية وجود إدارات معنية بالمرأة في جميع الوزارات حيث تتمنى وجود إدارة فاعلة في وزارة التربية والتعليم التي لا توجد بها إدارة للمرأة إنما قطاع تعليم الفتاة. ** ختاما أحلام مبعثرة هنا وهناك لتنال المرأة اليمنية ما تستحقه دور ريادي وأن تأخذ هذه الإدارات على محمل الجد دون الاستخفاف بما تقوم به من مناصره وأيضا حل للعديد من القضايا الشائكة للمرأة. العديد من مديرات الإدارات اللاتي التقتهن "السياسية" كن متفائلات بمستقبل إدارتهن ومدى تفهم الرجل لعملهن والبعض لمسنا منها تشاؤما من أن يتغير الوضع إلى الأحسن لكن بالرغم من القرارات الصادرة إلا أننا بحاجة إلى تفعيل دور هذه الإدارات لتقوم بمهامها على أكمل وجه. صحيفة السياسية