مع البدايات الأولى لميلاد الجمهورية اليمنية في ال 22 مايو 1990م، بزغ فجر جديد للعمل المدني الجماهيري لخدمة المجتمع ودعم الحكومة في عملية البناء والتنمية. حيث بدأت العديد من منظمات المجتمع المدني الإعلان عن نفسها تباعا بدء من الأحزاب والتنظيمات السياسية ومرورا بالجمعيات والاتحادات والنقابات المهنية والمتخصصة والمنتديات والمنظمات الحقوقية والمراكز الفكرية والجمعيات الخيرية رافق ذلك تلقى الجهات المختصة طلبات الترخيص لعشرات المنظمات الخارجية الناشطة في المجالات الحقوقية والإنسانية والتنموية والتي تعمل جنبا إلى جنب مع المنظمات المحلية. وتعد الحكومة اليمنية منظّمات المجتمع المدني جزءا مهما من نسيج المجتمع اليمني وشريك أساسي للجهود الرسمية في عملية البناء والتنمية ولذا فأن الحكومة منذ إعلان قيام الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990م، عملت على إفساح المجال واسعا أمام المنظمات وقدمت لها كل الدعم والرعاية في سبيل إيصال رسالتها للمجتمع. وتشير تقارير وإحصائيات وزارة الشئون الاجتماعية والعمل إلى أن عدد منظمات المجتمع المدني العاملة في اليمن بلغ حتى نهاية العام الماضي 2009م، 7 آلاف و46 منظمة أهلية وتعاونية واتحاد ومؤسسة وجمعية ونقابة منها ألفين و250 منظمة ومؤسسة وجمعية خيريّة بنسبة 40 % تنتشر في محافظات الجمهورية. وتظهر المسوحات والدراسات التي تقوم بها وزارة الشئون الاجتماعية في تقييمها لعمل منظمات المجتمع المدني أن هناك عملا أهليا جيدا وممتازا رغم المصاعب والمشكلات التي تواجهها المنظّمات. حيث تبين المُسوح المنفذة في الفترة 2001- 2005م، لها أن عدد المنظّمات يتزايد بصورة كبيرة ..معتبرة ذلك مؤشر ايجابيا لعمل منظمات المجتمع المدني حيث تلقى قبولا واستجابة من قبل الحكومة والمواطنين. وتوضح تقارير وزارة الشئون الاجتماعية والعمل أن مساهمة 844 منظّمة أهلية في العمل الخيري والخدمي والاجتماعي بلغ خمسة مليارات ريال حتى نهاية عام 2005. وهو ما تعتبره الوزارة تأكيدا على أن منظمات المجتمع المدني استطاعت أن تحدث فرقا وأنه من الممكن لهذه المنظّمات أن تُساهم بشكل أكبر فيما لو تغلّبت على مشكلات ضعف القُدرة الإدارية والتنظيمية واستطاعت تأهيل كوادرها وتعزيز البناء الداخلي الهيكلي وتوفير الموارد في الأوقات المناسبة، وأنه من الممكن أن تحدث فرقا أكبر لو أن نسبة المنظمات الفاعلة تزايدت. وبحسب إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن عدد المنظّمات الفاعلة لا يتجاوز 30 إلى 35 % من العدد الإجمالي، وأن 30 % منظّمات متعثرة و30 % مجمّدة نهائيا. وعلى صعيد الاهتمام الحكومي بمنظمات المجتمع المدني تشير التقارير إلى أن منظمات المجتمع المدني تحظى بدعم ومساندة من الحكومة ومن المجتمع وتؤكد البرامج السنوية للحكومة دعم الحكومة نشاط المجتمع المدني واستقلاليته وشفافيته. حيث تركز الدعم الرسمي لهذا القطاع خلال العقدين الماضيين في عدد من الجوانب منها المالي والتشريعي ومنها العيني اذ تقدم الحكومة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لهذه المنظمات خطابات إلى الجهات المانحة وتوجه الصناديق والبرامج والمشروعات من أجل دعم هذه المؤسسات والجمعيات ودعم قُدراتها الفنية والإنتاجية والمهارية لتقوم بدورها في تنفيذ مشروعاتها المجتمعية. كما تقدم الحكومة لهذه المؤسسات والمنظمات إعفاءات جُمركية وضريبية، حيث بلغ إجمالي الإعفاءات المقدمة لهذه المنظمات خلال الفترة 2006 – 2009م، أكثر من 60 مليون دولار، ويبلغ حجم المبالغ المقدّمة نقدا من الحكومة لدعم بعض الاحتياجات داخل هذه المنظّمات 300 مليون ريال سنويا. ويوضح التقرير إلى أن الدعم الحكومي لمنظمات المجتمع المدني لم يقتصر على الجانب المالي والمعنوي بل وصل إلى تمكين عدد من الجمعيات والمنظمات من إدارة مراكز اجتماعية وصحية لتقوم بإدارتها واستثمارها لتشكل مصدر دخل دائم لهذه المنظمات والجمعيات. كما شجعتها على إنشاء المشروعات الصغيرة والإقراض الصغير والأصغر وتوجيه البنوك والمؤسسات المالية والائتمانية لتقديم التسهيلات والتشجيعات والحوافز لهذه الجمعيات. وتشير الدراسات إلى أنه منذ قيام الوحدة اليمنية في 22مايو 90 صار متاحا لمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني العمل على كافة المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ودخلت كشريك حقيقي في عمليات البناء والتطوير ومنها أنها أصبحت تعمل في مختلف الأنشطة الحيوية المجتمعية. حيث توضح الدراسات أن هذه المنظمات تعمل في تدعيم الخدمات الصحية خاصة في المناطق الريفية القريبة منها وتعمل في مشاريع الرعاية الصحية الأولية والصحة الإنجابية والتعليم وفي المشاريع الإنتاجية الصغيرة، وفي حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات والتدريب والتأهيل، ومحو الأمية. وتعمل أيضاً على متابعة عدد من الاستراتيجيات منها إستراتيجية مكافحة الفقر والإستراتيجية الوطنية للمرأة والإستراتيجية في مجال التنمية والطفولة والشباب للإسهام في تنمية المجتمعات المحلية وتقديم الخدمات وتقوية البنية الأساسية للمجتمع.