شهدت السلطة القضائية خلال الأعوام الماضية إصلاحات متعددة الاتجاهات، في التشريعات والبنية التحتية والكادر البشري، ولعل أهمها كان إصلاح وتحسين أوضاع الكوادر القضائية العاملة في الميدان. ففي الوقت الذي منحتهم امتيازات خاصة في الدرجة الوظيفية وزيادة الراتب وتوفير السكن ووسيلة المواصلات، مارست رقابة مشددة عليهم نتج عنها عزل ومحاسبة عشرات القضاة وأعضاء النيابة ومساعديهم ممن أخلوا بواجبات المهنة وأخلاقيات العمل القضائي، ضمن منهجية مدروسة اكتملت قواعدها، فمن خرج عنها يعتبر مخالفا ولا بُد من محاسبته، ومن التزم فقد أصاب، ألا وهي "مدونة السلوك القضائي". وإدراكا لأهمية الموضوع تنشر صحيفة "السياسية" ما جاء في مدونة السلوك القضائي، من قواعد سلوكية ومبادئ وقيم وأعرف وتقاليد قضائية، يجب أن يلتزم بها ويطبّقها كل قاضٍ يمني لتكون دستوراً له في سلوكه في حياته الخاصة والعامة ونبراساً يهتدي به في مسيرته القضائية ومسلكه الاجتماعي، ولتكون أيضا أداة لمُحاسبة من يخرج عنها. وتشتمل مدونة قواعد السلوك القضائي على 9 قواعد إجمالاً. ثانياً: التنحي عن نظر بعض القضايا عند توافر الأسباب: 1: التنحي الوجوبي: المادة 72: يجب على القاضي أو عضو النيابة العامة الامتناع عن نظر الدعوى (الخصومة) ويجب عليه التنحي عن نظرها من تلقاء نفسه ولو لم يطلب الخصوم ذلك في أي حالة من الحالات الآتية: 1. إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة. 2. إذا كان قريباً أو صهراً لمحامي أحد الخصوم أو لعضو النيابة الذي يترافع في الدعوى إلى الدرجة الرابعة. 3. إذا كان صهراً لأحد القضاة الذين يشتركون معه في نظر الدعوى أو قريباً له إلى الدرجة الرابعة. 4. إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أولاده أو أحد أبويه خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو زوجته أو أحد أولاده أو أحد أبويه. 5. إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو ممثلاً قانونياً له أو مظنوناً وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الرابعة بالممثل القانوني له أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المخاصمة أو بأحد مديريها أو كان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى. 6. إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو ممثلاً قانونياً له مصلحة في الدعوى القائمة. 7. إذا كان قد أفتى في الدعوى أو ترافع فيها عن أحد الخصوم أو كتب فيها ولو كان قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً وحكم فيها في درجة أدنى أو نظرها خبيراً أو مُحكَّمَاً وأبدى رأيه فيها أو أدى شهادة فيها قبل عمله بالقضاء أو كان لديه علم خاص بها. 8. إذا رفع القاضي دعوى تعويض على طالب الرد أو قدم ضده شكوى إلى جهة الاختصاص. 9. إذا رُفِعت عليه دعوى مخاصمة وتم قبولها قبل الحكم فيها. ويكون عمل القاضي أو عضو النيابة العامة في الأحوال المذكورة في البنود 1، 2، 4، 6، 8، 9، منعدماً (كأن لم يكن)، وكذلك إذا كان قد أدى شهادة في القضية المعروضة عليه قبل عمله بالقضاء أو كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية. وإذا قام سببٌ منها بحكم صدر من المحكمة العليا جاز للخصم أن يطلب منها سحب الحكم وإعادة نظر الطعن في دائرة أخرى في أي وقت علم به ويكون عمل القاضي أو عضو النيابة في الأحوال الأخرى المذكورة آنفاً عملاً باطلاً. المادة 73: يجب على القاضي في الأحوال المذكورة في المادة السابقة أن يُبلغ رئيس المحكمة التي يَتبَعها كتابةً أو رئيس محكمة الاستئناف لتكليف من ينظر الدعوى، وإذا تعلق الأمر بأكثر من عضو في شعبة استئنافية تُعرض الدعوى على شعبة أخرى ويقوم أقدم الأعضاء مقام رئيس المحكمة إذا تعلق الأمر به، ويطبق الحكم ذاته إذا تعلق الأمر بعضو النيابة العامة. المادة 74: يجب على القاضي أو عضو النيابة العامة التنحي تلقائياً والامتناع عن نظر القضية في أي حالة من الحالات المذكورة في المادة 72، وإذا لم يحصل ذلك جاز للخصم الذي تعلق سبب المنع بمصلحته أن يطلب من القاضي أو عضو النيابة الامتناع عن نظر القضية فإذا رفض أيٌ منهما جاز أن يُرفع الأمر إلى رئيس المحكمة ليصدر قراراً بمنع القاضي أو عضو النيابة متى ثبت لديه صحة طلب المنع وتكليف آخر بنظر القضية، وإذا كان المطلوب منعه رئيس محكمة فيصدر قرار المنع من رئيس المحكمة الأعلى درجة، ويصدر قرار المنع من رئيس النيابة إذا كانت القضية في مرحلة التحقيق، أو من النائب العام إذا كان رئيس النيابة من يتولى التحقيق، وفي كل الأحوال يجب أن يصدر قرار المنع خلال سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لتقديم طلب المنع، والقرار الصادر بقبول أو رفض طلب المنع نهائي لا يقبل الطعن بأي طريق. 2: التنحي الجوازي (رد القاضي) : المادة 75: للقاضي أو عضو النيابة العامة من تلقاء نفسه التنحي عن نظر الدعوى وذلك بأن يُخِبر المحكمة في غرفة المداولة أو رئيس محكمة الاستئناف بالنسبة لقضاة المحاكم الابتدائية بالسبب للإذن له بالتنحي، وعلى المحكمة أو رئيس محكمة الاستئناف الإذن للقاضي بالتنحي وإثبات ذلك في محضر يوقعه رئيس المحكمة مع القاضي ويقوم أقدم أعضاء الشعبة مقام رئيس المحكمة إذا كان الأمر متعلقاً به. كما أنه يجوز للخصوم طلب رد القاضي أو عضو النيابة العامة من نظر الدعوى، وذلك في أي حالة من الحالات الآتية: 1. إذا حدث له أو لزوجته خصومة مع أحد الخصوم في الدعوى أو زوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن هذه الخصومة قد أُقيمت بقصد منعه من نظر الدعوى. 2. إذا كان لمطلقته التي له منها ولدٌ أو لأحد أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن هذه الخصومة قد أُقيمت بقصد منعه من نظر الدعوى. 3. إذا كان أحد الخصوم خادماً له. 4. إذا كان قد تلقى من أحد الخصوم هدية. 5. إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يُرجَح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل. المادة 76: يجوز للقاضي أو عضو النيابة العامة إذا استشعر الحرج في نظر الدعوى لأي سبب آخر أن يعرض الأمر على رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس محكمة الاستئناف أو رئيس النيابة على حسب الأحوال لإقراره على التنحي عن نظرها إذا كان السبب واضحاً ومعقولاً أو أمره بالاستمرار في نظرها ويثبت ذلك في محضر الجلسة على النحو المبين في المادة السابقة. الثامنة: الالتزام بقواعد المداولة وسريتها.. المداولة هي عبارة عن تبادل الآراء والمناقشة بين قضاة المحكمة الذين نظروا القضية كهيئة مكوّنة من رئيس وأعضاء فيما يجب عليهم الحكم به، وذلك بعد إقفال باب المرافعة وحجز القضية للحكم. وعلى القاضي في هذه القاعدة الالتزام بالنصوص الآتية: المادة 77: يجب على القضاة المعينين في إطار محكمة مكونة من هيئة حكم مُشكّلة من أكثر من قاض الاجتماع معاً للمداولة في الحكم، ولا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة. المادة 78: يجب أن تكون المداولة سراً بين قضاة هيئة الحكم مجتمعين ولا يجوز للقضاة إفشاء سر المداولة قبل صدور الحكم أو بعده. المادة 79: لا يجوز للقضاة أثناء المداولة أن يسمعوا أحد الخصوم أو أن يقبلوا أوراقاً في الخصومة دون إطلاع الخصم الآخر عليها. المادة 80: يجوز للقضاة أثناء المداولة إعادة فتح باب المرافعة بقرار مسبب إذا رأوا وجهاً لذلك، وعلى المحكمة حينئذٍ أن تُعلِن أطراف الخصومة بالحضور وتستوفي الإجراءات بحضور الخصمين أو وكيليهما. المادة 81: يترأس رئيس الهيئة المداولة وهو الذي يتولى إدارتها وليس له أن ينفرد بالرأي دون بقية الأعضاء، وتتم المداولة بأن يبدأ أحدث الأعضاء بإبداء رأيه ثم من يسبقه في الأقدمية، ويكون رئيس الهيئة آخر من يُبدي الرأي ثم يُجرى التصويت ويُرجح رأي الأغلبية. المادة 82: تبدأ المداولة بالتثبت من اختصاص الهيئة وأن الدعوى قد تهيأت للحكم فيها فإذا رأى أحد الأعضاء غير ذلك جرى التصويت على رأيه، وتُجرى المداولة في القضايا الجنائية على مرحلتين : الأولى: الرأي في الإدانة أو البراءة. الثانية: تقدير العقوبة ومبررات الرأفة وتخفيف العقوبة أو وقف تنفيذها، أو مبررات تشديد العقوبة بحسب الأحوال. المادة 83: يجب على رئيس الهيئة أن يكون لَبِقاً في إدارته للمداولة وأن يتحلى بالصبر وأن لا يتعسف مع الأعضاء في طريقة المداولة، ويجب ألا يُخل بحق الأعضاء في الاطلاع على كافة أوراق القضية وبحث ما فيها من مسائل قانونية وواقعية وأن يُنصِت إلى وجهات نظرهم. المادة 84: يجب أن يتم التداول في القضايا قبل اليوم المحدد لجلسة النطق بالحكم بوقتٍ كاف، وأن يتبادل القضاة الاطلاع الفعلي على ملف القضية محل المداولة، ويجب على كل قاض أن يدرس ملف القضية دراسة وافية وأن يأخذ رأي زميله بالإضافة إلى رأيه فيجري عليه التمحيص ومحاولة التفهم للآراء من مختلف مصادرها مُدعّمَةً بالأسانيد الشرعية والقانونية، فإذا ما جاء اجتماع الهيئة بعدئذٍ لمواصلة المداولة فالأغلب الأعم أن يكون القضاة قد التقوا على الرأي الصحيح، ويفيد التأجيل في أن يُعِيد كل قاض النظر في رأيه، حتى لا تطول المداولة دون جدوى. المادة 85: يجب على رئيس وأعضاء الهيئة أن يتداولوا لا في منطوق الحكم وحده وإنما في أسبابه كذلك، فمنطوق الحكم يرتبط بأسبابه ارتباط العِلة بالمعلول، ولا تكفي المداولة في منطوق الحكم دون الأسباب، وتجري المداولة في المنطوق والأسباب سواءٌ حرر مسودة الحكم رئيس الهيئة أو أحد أعضائها. المادة 86: يصدر الحكم بأغلبية الآراء، فإذا تشعبت الآراء وجب على الفريق الأقل عدداً أو الذي يَضُم أحدث القضاة أن يَنضم إلى الرأي المقدم من القضاة الأكثر عدداً عند أخذ الرأي مرةً ثانية أثناء المداولة في الحكم. المادة 87: لا يجوز لأي قاض أن يمتنع عن التصويت في المداولة لإصدار الحكم أو القرار ، كما لا يجوز له أن يمتنع عن التوقيع على الحكم أو القرار مهما كان رأيه مخالفاً. المادة 88: يجوز للقاضي أثناء المداولة إذا كان له رأي مخالف لرأي أغلبية أعضاء الهيئة أن يُدوِن رأيه المخالف مُدعّمَاً بأسبابٍ مستقلة مؤيدة لرأيه بمسودة الحكم ويُودِعه ملف القضية ولا يؤثر ذلك على صحة الحكم ونفاذه، ولا يجوز إطلاع الخصوم على الرأي المخالف بأي حالٍ من الأحوال. المادة 89: بعد تمام المداولة وقبل النطق بالحكم يجب أن تُحرر مسودة الحكم الصادر من هيئة متعددة القضاة بخط أحد قضاتها مشتملةً على الأسباب التي بُني عليها الحكم ثم المنطوق وأن يُوقّع القضاة المشتركون في الحكم على هذه المسودة، ويجب أن تودع مسودة الحكم في ملف القضية، ولا تُعطى صورٌ منها لأحدٍ من الخصوم، ويُراعى عند إيداع مسودة الحكم في ملف القضية حفظ صورة منها في ملف خاص بالمسودات بعد مطابقتها على الأصل بمعرفة رئيس المحكمة. التاسعة: الالتزام بقواعد إصدار الأحكام والقرارات والأوامر وفي هذه القاعدة على القاضي الالتزام بالنصوص الآتية: المادة 90: يجب على القاضي إصدار الحكم دون تأخير متى انتهت المحاكمة أو كانت الخصومة صالحة للفصل فيها وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً. المادة 91: يجب على القاضي بعد حجز القضية للحكم تحديد موعدٍ للنطق به ولا يجوز تأجيل النطق بالحكم إلا لعذر قهري ويتم إثبات ذلك في محضر الجلسة. المادة 92: يجب على القضاة النطق بالأحكام في جلسات علنية بتلاوة منطوق الحكم مع أسبابه ولو كانت الدعوى قد نظرت في جلسات سرية وفقاً للقانون. وإذا كانت المحكمة مُشكّلة من هيئة متعددة القضاة ينطق رئيس المحكمة بالحكم في حضور باقي الأعضاء، وإذا حصل لأحدهم عذرٌ وجب أن يكون موقّعِاً على مسودة الحكم وأن يُبدي ذلك في محضر تلاوته، وتُستثنى المحكمة العليا من علنية النطق بالأحكام ما لم تكن محكمة موضوع. المادة 93: يجب على القاضي أن يحكم في كل طلب أو دفع قُدِم إليه في القضية ولا يجوز له أن يحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، أو لمن لم يكن طرفاً في الخصومة أو عليه، كما يجب على القاضي الفصل في مصاريف الدعوى في الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامه. المادة 94: يجب على القضاة تسبيب الأحكام تسبيباً قانونياً كافياً وعدم مناقضة الأسباب مع بعضها البعض أو مع المنطوق، وعدم مخالفتها للنصوص القانونية أو الوقائع، كما يجب عليهم مناقشة وسائل الدفاع الجوهرية المقدمة من الخصوم والرد عليها في الحكم،كما يجب أن تتضمن الأحكام كافة البيانات الواجب توافرها قانوناً. المادة 95: يجب على القاضي أن يحكم في الدعوى بمقتضى العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته من خلال المحاكمة، ولا يجوز له أن يبني حكمه على أي دليل لم يُطرح أمامه في الجلسة. المادة 96: لا يجوز لأي قاض أن ينظر موضوع الدعوى بعد إصدار حكمه فيها إلا بالطرق المقررة لذلك في القانون، كما لا يجوز له تعديل الحكم أو إلغاؤه إلا بالشروط وبالطرق المقررة قانوناً. المادة 97: يجب على القاضي إبلاغ المحكوم عليه بأن له الحق في الطعن في الحكم وأن يوقفه على المدة التي يجوز له خلالها ذلك. المادة 98: يجب على القضاة تحرير نسخة الحكم الأصلية والتوقيع عليها من قبلهم ومن قبل كتابها وختمها بعد مراجعتها على مسودة الحكم وذلك خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ النطق بالحكم. وبالنسبة للأحكام الجزائية خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوما من صدورها. المادة 99: يجب على القاضي بعد الانتهاء من تجهيز النسخة الأصلية للحكم والتوقيع عليها وختمها تسليم صورة معمدة منها لكل خصم بعد توقيعهم على الاستلام في السجل الخاص بذلك وإذا لم يحضر المحكوم عليه لاستلام نسخته بعد الانتهاء من تجهيزها وجب إعلانه إعلاناً صحيحاً مصحوباً بنسخة الحكم وفقاً لقواعد الإعلان المقررة قانوناً. المادة 100: لا يجوز للقاضي أن يحكم بعد انتهاء ولايته أياً كان سببها فيما عدا ما سبق له حجزه من قضايا للحكم قبل صدور قرار نقله أو ندبه أو إحالته للتقاعد... صحيفة السياسية