محمد الطوقي في الوقت الذي يقترب فيه يوم ال29 من الشهر الحالي وهو موعد تقديم الطلب لعضوية فلسطين بصفة دولة مراقبة في الاممالمتحدة صعدت اسرائيل من تهديداتها للسلطة الفلسطينية في حال واصلت مسعاها للحصول على مقعد دولة غير كاملة العضوية في المنظمة الدولية. وقال نائب رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي سيلفان شالوم بأن توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الاممالمتحدة للحصول على مكانة دولة غير عضو تعتبر خرقا لاتفاقات أوسلو . واضاف شالوم إن إسرائيل ستتخذ إجراءات مناسبة ضد السلطة الوطنية الفلسطينية في هذه الحال. من جانبها قالت صحيفة /هآرتس/ : "إن وزارة الخارجية الإسرائيلية أصدرت تعليمات لجميع سفرائها في العالم بتسليم رسالة إلى وزراء الخارجية ورؤساء الحكومات والرؤساء في الدول التي يعملون فيها، مفادها أن إسرائيل ستدرس إلغاء اتفاقيات أوسلو بشكل كامل أو جزئي في حال موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الطلب الفلسطيني بالحصول على مكانة دولة غير كاملة العضوية". وبعثت الخارجية الإسرائيلية برقيات عاجلة إلى جميع سفرائها الأحد الماض، وجاء فيها "عليكم إجراء اتصال فوري مع بدء أسبوع العمل مع وزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء ومستشار الأمن القومي أو مكتب الرئيس (في الدول التي يعملون فيها)، ومطالبتهم بالعمل من أجل كبح الخطوة الفلسطينية بسبب عواقبها بعيدة الأمد". وأضافت الصحيفة: "انه تم إرسال هذه البرقيات عقب مداولات أجراها وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان في فيينا وتضمن تهديدات إسرائيلية للفلسطينيين، وبينها وقف تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية وإلغاء اتفاقيات أوسلو وإلغاء تصاريح عمل آلاف العمال الفلسطينيين في إسرائيل". وتشير التقديرات في إسرائيل وفقا للصحيفة إلى أن " 150 دولة تقريبا من أصل 193 دولة عضو في الجمعية العامة ستؤيد الطلب الفلسطيني، وأنه بسبب عدم وجود إمكانية لاستخدام حق النقد (الفيتو) في الجمعية العامة كما هو الحال في مجلس الأمن الدولي، فإن إسرائيل ترى أن بإمكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحده فقط أن يوقف أو يرجئ تقديم الطلب الفلسطيني إلى الأممالمتحدة". ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية، قوله إن "الجهود الإسرائيلية تركز على تجنيد أكثر عدد ممكن من الدول والزعماء لكي يمارسوا ضغوطا على عباس ويحذرونه من عواقب الخطوة الفلسطينية في الأممالمتحدة". ورغم ذلك، قالت /هآرتس/ إن "التقديرات في وزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتوقع أن احتمالات تأثير الجهود الإسرائيلية ضد الخطوة الفلسطينية ضئيلة، خاصة بعد فشل محادثة هاتفية بين عباس والرئيس الأميركي باراك أوباما في تغيير موقف الرئيس الفلسطيني". من جانبها كشفت مصادر سياسية أن شخصيات اسرائيلية رسمية وغير رسمية عقدت في الايام الاخيرة لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين في اطار الضغوطات الممارسة ضد السلطة الفلسطينية ومن أجل التأثير على القيادة الفلسطينية ومنعها من طرح الطلب الفلسطيني على الجمعية العامة. وأكدت وسائل الاعلام الاسرائيلية ممارسة اسرائيل الضغط على السلطة الفلسطينية، حيث نقلت صحف اسرائيلية عن مصادر سياسية في تل ابيب بأن اسرائيل تمارس ضغوطا على السلطة الفلسطينية بواسطة دول اوروبية والولاياتالمتحدة ودول خليجية بهدف منعها من مواصلة طريقها نحو الاممالمتحدة. بدوره كشف وزير المالية الاسرائيلي في لقاءات مغلقة أنه أوضح لرئيس الوزراء سلام فياض في لقاءات جمعتهما مؤخرا بأن اسرائيل ستعمل على وقف كامل اشكال التعاون مع السلطة الفلسطينية في حال توجهت الى الاممالمتحدة. ونقل فياض رسالة الى قيادة السلطة حملت تحذيرات الوزير شتاينتس وبأن اسرائيل ستوقف تحويل اموال الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية في حال قررت السلطة القيام بخطوات احادية الجانب واصفا الخطوة الفلسطينية نحو الاممالمتحدة بأنها اخطر بكثير من القذائف الصاروخية التي تطلقها المجموعات المسلحة في غزة باتجاه اسرائيل. في السياق نفسه ، ذكرت مصادر سياسية بأن الرئيس الفلسطيني مصر على الذهاب الى الاممالمتحدة لعرض الطلب الفلسطيني . وقال كبير المفاوضين الفلسطنيين صائب عريقات ان الرئيس عباس رفض دعوة وجهها إليه وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالامتناع عن التوجه إلى الأممالمتحدة للحصول على مكانة دولة غير عضو في المنظمة الدولية. وأكد عريقات إن الفلسطينيين سيتوجون يوم الخميس المقبل الموافق التاسع والعشرين من شهر نوفمبر الحالي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم هذا الطلب. وكان عريقات قد صرح قبل يومين بأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أكدت للرئيس الفلسطيني خلال اجتماعهما الأخير في رام الله أنه سيلحق دمارا سياسيا بنفسه إذا توجه إلى الأممالمتحدة. ووفقا لصحيفة /هآرتس/ فإن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حذرت خلال لقائها الأخير برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزيريه للدفاع والخارجية إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان من "الأبعاد الخطيرة" لأي خطوات عقابية قد تقوم بها إسرائيل ضد السلطة في حال توجهها إلى الأممالمتحدة الأسبوع المقبل. وكانت كلينتون قد زارت اسرائيل الأربعاء الماضي في إطار جولة قامت بها لوضع حد للعنف الذي اندلع في قطاع غزة الأسبوع الماضي. وقالت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني إن كلينتون طلبت من نتنياهو" العمل على دراسة السبل الكفيلة بتعزيز مكانة رئيس السلطة، محمود عباس، بدلا من معاقبته، وخاصة أن الحملة العسكرية على قطاع غزة، أدت الى تعزيز مكانة حركة "حماس" في الشارع الفلسطيني". وأتي تحذير كلينتون بعد لقائها الرئيس الفلسطيني والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كل على حدة حيث تأكدت أن "لا رجعة عن قرار أبو مازن التوجه الى الأممالمتحدة". وتعارض الولاياتالمتحدة تلك الخطوة الفلسطينية بشدة حيث هددت بوقف المساعدات المالية الأمريكية للسلطة الفلسطينية. ونقلت الصحيفة عن مسئول كبير في وزارة الخارجية الأميركية اطلع على مضمون اجتماعات كلينتون بنتنياهو، قوله إن كلينتون أكدت لإسرائيل وجوب عدم "كسر الأواني" مع السلطة والتصرف بحكمة في اليوم التالي للتصويت في الأممالمتحدة. وأضاف المسئول الأميركي ل "هآرتس" قائلا: "نعتقد بأنه ينبغي محاولة تقليص الأضرار المحتملة الناجمة عن الخطوة الفلسطينية قدر الإمكان لإدراكنا أن خطوات متطرفة لن تساعد، بل ستعقّد الوضع". من جانبه أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن ثقته بأن ينفذ الرئيس الأميركي باراك أوباما وعوده التي طرحها خلال خطابه الذي ألقاه في القاهرة في مايو 2009، والذي تحدث فيه عن رؤية حل الدولتين، ووقف الاستيطان. وقال الرئيس عباس خلال تسلمه في مقر المقاطعة في رام الله امس نسخة من الكتاب الذي أعده، طلاب مدارس اللوثرية في مدينة بيت لحم، الموجه للرئيس أوباما وعدد من زعماء العالم، لدعم المطلب الفلسطيني في الأممالمتحدة، :" إن الرئيس أوباما في فترة ولايته الثانية، لذلك نتمنى أن يقف إلى جانب تحقيق السلام". وتابع: إن هذه قد تكون الفرصة الأخيرة لتحقيق السلام والاستقرار، لذلك على الجميع أن يعمل من اجل تحقيقه، مؤكدا أن الجانب الفلسطيني مستعد للعودة إلى طاولة المفاوضات فور الحصول على عضوية دولة فلسطين بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال الرئيس الفلسطيني" لا يوجد ما يمنع من حصولنا على العضوية غير الكاملة في الأممالمتحدة، لذلك سنقدم طلبنا في 29 من الشهر الجاري، وسنطلب التصويت عليه، ونحن متأكدون بأن دول العالم الحرة ستوافق على طلبنا وستصوت معنا". ووصف الرئيس عباس مبادرة الطلبة بالعظيمة لدعم التوجه الفلسطيني في الأممالمتحدة، مشيدا بالجهود التي بذلوها لإيصال الصوت الفلسطيني إلى العالم ليقف إلى جانب الحق والسلام. بدوره أكد وفد من قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس خلال استقبال الرئيس عباس لهم مساء امس بمقر الرئاسة فى رام الله وسط الضفة الغربية، دعم الحركة للتوجه الفلسطينى إلى الأممالمتحدة للحصول على وضع دولة غير عضو. وقال النائب أحمد عطون عن حركة حماس عقب اللقاء :" لقد كان لقاءا مثمرا، فقد أطلعنا الرئيس على آخر المستجدات المتعلقة بالتوجه الفلسطينى فى الأممالمتحدة"، مضيفا "أكدنا للرئيس دعمنا ومباركتنا لخطوته فى الأممالمتحدة، وأن أية خطوة فى أى محفل دولى ننتزع فيها أى حق لشعبنا، نحن نؤيدها". وأشار القيادى فى حركة حماس إلى أن لقاءهم مع الرئيس عباس، جاء لتأكيد دعمهم لجهوده فى هذا الاتجاه، وفى أى خطوة تحقق تقدما تجاه انتزاع الحقوق الفلسطينية، وأن الرئيس يذهب إلى الأممالمتحدة ممثلا لكل الشعب الفلسطينى فى الداخل والخارج. وأضاف عطون "تطرقنا إلى آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، على أمل أن تتم قضية المصالحة بعد عودة الرئيس من الأممالمتحدة، وسيكون التنسيق مع كافة الأطراف والقيادات الفلسطينية على قدم وساق خلال الفترة المقبلة وبشكل متواصل، لضمان وحدة الموقف الفلسطينى من كافة القضايا". يذكر أن السلطة الفلسطينية تقدمت بطلب عضوية كاملة في الأممالمتحدة العام الماضي إلى مجلس الأمن، غير أن المجلس لم يصوّت على الطلب الفلسطيني بعد أن قالت الولاياتالمتحدة إنها سترفض انضمام فلسطين مستخدمة حقها في النقض "الفيتو". وتتمتع السلطة الفلسطينية حاليًا بصفة "مراقب" في الأممالمتحدة، ويجب لتحصل على وضع "دولة عضو" في المنظمة أن يحظى طلبها بموافقة مجلس الأمن. أما العضوية غير الكاملة، فإنها تلزم موافقة الجمعية العامة التي تضم كل الدول الأعضاء في المنظمة، ولا يحق لأي دولة استخدام حق النقض أثناء التصويت على قراراتها.