لا يزال الغموض يكتنف إستراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط والمفاوضات المجمدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ اربع سنوات،في الوقت الذي لاقت فيه دبلوماسية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المنطقة انتقادات واسعة بوصفها جهودا عقيمة. وكان كيري أعلن خلال أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي على البحر الميت في الأردن أن مجموعة من الدول ستحاول إيجاد 4 مليارات دولار للاستثمار في الضفة الغربية وغزة، في اطار تحرك أوسع لإحياء المحادثات المعطلة على أساس حل الدولتين. وأنتهج كيري سياسة الزيارات المكوكية وإغداق الأموال على الفلسطينيين لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط نحو حل الدولتين وتبادل الأراضي، لكن سياسته اصطدمت بفتور فلسطيني وبتعنت إسرائيلي. ومنذ تولى كيري منصب وزير الخارجية في ادارة الرئيس باراك اوباما، وهو في حركة دائمة بين دول الشرق الأوسط، متنقلًا من اجتماع إلى آخر مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين طيلة الأشهر الأربعة الماضية في محاولة لتفعيل عملية السلام لكن دون ي جدوى تذكر. وبالرغم من الوعود التي أطلقها الرئيس أوباما بشأن إيجاد حل لأزمة الشرق الأوسط وقيام دولة فلسطينية لا تزال اسرائيل مستمرة في تبني سياسات متشددة "تقوض عملية السلام وكذلك المصالح الأمريكية وصورتها في العالم العربي". وجاءت تصريحات وزير الاقتصاد الاسرائيلي نفتالي بينيت امس الاثنين التي قال فيها أن التسوية السياسية التي تتحدث عن إقامة دولة فلسطينية قد وصلت إلى "طريق مسدود" وعن ضرورة الانعطاف إلى تسويات أخرى تضمن "بقاء السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة|" كدليل جديد على استمرار اسرائيل في ارادتها الممنهجة في رفضها لاي سلام يطرح في المنطقة. وشنت السلطة الفلسطينية هجوما كبيرا على الحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها بالسعي لتكريس الاحتلال وإفشال قيام دولة فلسطينية وذلك ردا على تصريحات الوزير الاسرائلي بينيت. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن "هذه تصريحات خطيرة صادرة عن وزير في الحكومة الاسرائيلية التي تواصل عمليات التوسع والاستيطان والمماطلة والتهرب من تنفيذ أية التزامات، اضافة الى فرض شروط لأية مفاوضات". وأشار إلى أن هذه التصريحات ليست فقط رسالة لإدارة الرئيس اوباما، التي تبذل جهوداً متواصلة لإحياء عملية السلام، وإنما تشكل تحديا ورفضا واضحا لكل الجهود المبذولة والتي تحاول انقاذ ما يمكن إنقاذه، مطالبا المجتمع الدولي، وتحديدا الادارة الأمريكية بإدانة هذه التصريحات الخطيرة والمدمرة ضد كل من يؤمن بحل الدولتين والسلام العادل، وبإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس. وجدد ابو ردينة الموقف الفلسطيني المتمسك بالسلام العادل والشامل المبني على الاعتراف بحل الدولتين ووقف الاستيطان وإطلاق سراح الاسرى. بدوره دعا كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات المجتمع الدولي الى مواجهة الواقع وإدراك حقيقة ماتسعى إليه إسرائيل من خطط لتدمير حل الدولتين. وقال عريقات: "في الأيام القليلة الماضية، صدرت العديد من التصريحات من قبل المسؤولين الإسرائيليين، وخاصة من وزارات الخارجية، الدفاع والشؤون الدينية وغيرها، وبيانات واضحة حول الموقف الرسمي الإسرائيلي الرافض لحل الدولتين المبني على أساس حدود عام 1967. ان هذه البيانات تؤكد مرة أخرى نية إسرائيل الدفع باتجاه قتل حل الدولتين . وأضاف " تأتي هذه التصريحات تماشيا مع سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بما في ذلك توسيع المستوطنات، وهدم المنازل، وعمليات الإخلاء وسحب الهويات. ان هذا جزء لا يتجزأ من خطة إسرائيل لإفشال أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية". وتابع عريقات: "إن الحكومة الإسرائيلية عازمة على تدمير الجهود الذي يبذلها جون كيري. وان دعوات نتنياهو لاستئناف المفاوضات ما هي إلا كلام فضفاض , فالحكومة الإسرائيلية غير جادة بشأن السلام والشيء الوحيد الذي تسعى اليه إسرائيل هو ترسيخ احتلالها وإلغاء الحقوق الفلسطينية ". ودعا عريقات المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته "على المجتمع الدولي ان يتوقف عن المطالبة باستئناف المفاوضات لأجل المفاوضات بل عليه المطالبة في تحقيق العدالة من أجل تحقيق السلام. ينبغي إخضاع إسرائيل للمحاسبة التي تخلت عن العدالة والسلام بممارساتها العدوانية اليومية و مواصلة التحريض ضد فلسطين وشعبها ". يذكر بأن بينيت، وهو مليونير يهودي متطرف يتخذ موقفا واضحا رافضا قيام دولة فلسطينية، ويرفض إخلاء المستوطنات أو تقديم أي تنازلات في الأراضي، وقدم خطة تدعو إلى ضم الكثير من الأجزاء بالضفة الغربية. ويشار إلى أن نائب وزير الحرب الاسرائيلي داني دانون قال قبل عشرة أيام إن الحكومة تعارض حل الدولتين، وتبذل أقصى جهودها من أجل صد محاولة إقامة دولة فلسطينية . وهذا ما أكد عليه مجدداً أمس نائب وزير الخارجية زئيف إلكين في تصريحات للإذاعة الاسرائيلية وقبل ذلك قال للقناة الأولى إن الحل يكمن أصلاً في الأردن . وقبل أيام قال وزير الحرب موشيه بعلون "إن المبادرة العربية للسلام ليست سوى مناورة وإن محاولات جون كيري لتحرك المفاوضات فشلت محملاً الفلسطينيين المسؤولية لرفضهم الاعتراف بالكيان دولة يهودية . وفي محاضرة له في واشنطن كرر أقواله بأنه ليس هناك حل ثابت للصراع ولذا ينبغي إدارته فقط ورعاية سلام اقتصادي" .