قام نشطاء فلسطينيون ومتضامنون أجانب اليوم الأحد بتوسيع نمط مقاومتهم الشعبية في تحد لمحاولات إسرائيل ضم منطقة الأغوار في الضفة الغربية والاحتفاظ بها في إطار أي اتفاق نهائي مع الفلسطينيين. وأوضحت وسائل الإعلام الفلسطينية أنه ولليوم الثالث على التوالي يواصل عشرات الشبان الفلسطينيين في لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية ومتضامنين أجانب الإقامة في قرية "عين حجلة" المهجورة والقريبة من نهر الأردن ضمن حملة أطلق عليها شعار "ملح الأرض" وهو مقولة من تعاليم المسيح لتلاميذه. وتهدف الحملة إلى التأكيد على أن منطقة الأغوار التي تريد إسرائيل مصادرتها، هي فلسطينية وهي جزء من الدولة الفلسطينية العتيدة، فيما أقام شبان آخرون مساء أمس قرية أخرى في ذات المنطقة تحت اسم "العودة". وقال نشطاء فلسطينيون، إن الجيش الإسرائيلي يفرض حصار مشددا على قرية "عين حجلة" التي تقع في منطقة الأغوار وتبعد مئات الأمتار فقط عن موقع أثري يسمى دير حجلة تابع لطائفة الروم الأرثوذكس، وبني في القرن الخامس الميلادي. وذكر شهود عيان، أن الجيش الإسرائيلي أعلن أن القرية منطقة عسكرية مغلقة يحظر على الفلسطينيين الدخول إليها. وتعرض النشطاء في القرية التي تصنف ضمن أراضي "ج" الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية حسب اتفاقية "أوسلو" إلى ملاحقات من قبل الجيش الإسرائيلي، فيما نشرت دوريات في محيط ومداخل القرية لمنع دخول مزيد من المتضامنين إليها. ورفع النشطاء الأعلام الفلسطينية على أسطح المنازل المهجورة في القرية بعد أن تم ترميم جدرانها، فيما قام آخرون بمحاولة لاستصلاح أراضيها لتأكيد الوجود الفلسطيني فيها. وقال أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية النائب مصطفى البرغوثي "إن الهدف من إحياء القرية وإعادة بنائها، التأكيد على فلسطينية الأرض .. خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل أخيرا أنها تشكل أهمية وأولوية أمنية لها، ولن تتخلى عنها مطلقا". وذكر البرغوثي الذي يشارك في الإقامة داخل القرية، أنه "جاء في إطار مقاومة وطنية مشروعة للاحتلال والاستيطان الذي يستهدف مصادرة الأراضي الفلسطينية".. مشيراً إلى أن هناك خططا أخرى سيتم ترجمتها على الأرض لتصعيد فعاليات المقاومة الشعبية المتمسكة بالأراضي الفلسطينية ومناهضة الاستيطان. وبالتزامن مع خطوة إحياء قرية عين حجلة، أقام نشطاء فلسطينيون من المخيمات في الضفة الغربية الليلة الماضية قرية "العودة" على الحدود بين الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 في منطقة الأغوار أيضا. وكان الجيش الإسرائيلي أغلق غالبية المداخل المؤدية إلى منطقة الأغوار بعد ورود معلومات حول عزم ناشطين فلسطينيين إقامة المزيد من قرى الاعتصام فيها. ويشارك مسئولون في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في فعاليات اللجان الشعبية للاعتصام داخل قرى الأراضي المهددة بالمصادرة الإسرائيلية لصالح الاستيطان. وقال المتحدث باسم حركة "فتح" أحمد عساف، إن هذه الفعاليات الشعبية "جاءت تأكيدا على أن الأغوار هي أرض فلسطينية لا يمكن التنازل عنها". واتهم عساف في بيان له إسرائيل، ب"ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال سيطرتها بالقوة العسكرية على الأرض بواسطة المستوطنين".. مشددا على أنه لن يكون هناك سلام واستقرار إلا بقيام دولة فلسطين على حدود عام 1967 بما فيها منطقة الأغوار. من جهته دعا رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون إلى تكثيف المقاومة الشعبية التي تجلت بإنشاء قرية "عين حجلة" في الأغوار الفلسطينية، وما تبعها من إنشاء قرية جديدة تحمل اسم "العودة". واعتبر المجلس في بيان صحفي اليوم، أن إنشاء مثل هذه القرى يأتي تأكيدا على الحق الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى جاهدا للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وإقامة مزيد من المستوطنات عليها، داعيا إلى المشاركة الواسعة في المقاومة الشعبية وتعزيزها. وجدد المجلس رفضه المطلق لأي تواجد عسكري إسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية ومن ضمنها منطقة الأغوار الفلسطينية، وعلى أن تكون الحدود والمعابر الدولية تحت السيادة الفلسطينية الكاملة، رافضا في الوقت ذاته كل التهديدات الإسرائيلية وغيرها للشعب الفلسطيني وقيادته، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، بسبب موقفه الثابت والرافض للمطالب الإسرائيلية والضغوط الأميركية فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية. ويعد ملف الأغوار أحد ملفات الخلاف الرئيسية في مفاوضات السلام الجارية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل منذ نهاية يوليو الماضي برعاية أمريكية. وتسيطر إسرائيل على ما مساحته 87 في المائة من أراضي الأغوار الحدودية مع الأردن، وهي تنظر إليها كمحمية أمنية، وتقول إنها تريد أن تحتفظ بالمنطقة ضمن أي حل مع الفلسطينيين الذي يرفضون ذلك مطلقا. وسبق أن أعلن الفلسطينيون رفضهم أي تواجد إسرائيلي مستقبلي في منطقة الأغوار التي تشكل ثلث الضفة الغربية. وابتدع نشطاء اللجان الشعبية الفلسطينية أسلوب إقامة قرى من الخيام منذ مطلع العام الماضي في محاولة لتسليط الضوء وإثارة قضية التوسع الاستيطاني ومصادرة إسرائيل لمناطق واسعة من أراضي الضفة الغربيةوالقدس الشرقية. وسبق أن أقامت تلك اللجان عدة قرى أبرزها "باب الشمس" في منطقة "إي 1" قرب القدس، و"باب الكرامة" في قرية "بيت اكسا" في شمال القدس، وقرية "كنعان" في الخليل، إلا أن الجيش الإسرائيلي هدمها جميعا بالقوة. وتجدر الإشارة إلى أن ثلاثين ناشطا بدؤوا مساء السبت الماضي، بنصب الخيام في منطقة الأغوار، على بعد 300 متر من الحاجز العسكري الموصل إلى مدينة بيسان في أقصى شمال الأغوار الفلسطينية، لإنشاء قرية أطلقوا عليها اسم "العودة". وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب خالد منصور، الذي شارك في إقامة هذه القرية، إن النشطاء وصلوا المنطقة ليلاً، وباشروا العمل بأقصى سرعة ليفرضوا قريتهم كأمر واقع قبل بزوغ الفجر، وهناك بدؤوا تحت جنح الظلام في إعداد الأرض والتجهيز لإقامة خيام ليقيم بها النشطاء والمتضامنون الدوليون. وأضاف إن هذا النشاط يأتي استمراراً للهجوم الذي بدأه نشطاء المقاومة الشعبية ومواصلة لنهج قوى الحرية في باب الشمس والكرامة وعين حجلة، ليس بعيداً عن نهر الأردن شرقي مدينة أريحا. وأشار إلى أن هذا يؤكد على عروبة الأغوار، ورفض مشاريع تأجيرها أو ضمها ويؤكد أن نهر الأردن هو للحدود الفلسطينيةالأردنية، ولا يمكن القبول بأي تواجد إسرائيلي عليه، كما لا يمكن القبول بأي تواجد دولي بديل عن السيادة الفلسطينية على طول الحدود والمعابر. وعن اختيار الاسم قال منصور: اسمينا القرية باسم "العودة" تأكيدا على حق العودة للشعب الفلسطيني باعتباره حقا مقدساً لا يمكن التنازل عنه، وهو يعني فقط العودة للديار الأولى والتعويض عن المعاناة. وأكد منصور أن نهج المقاومة الشعبية يتعزز يوماً بعد يوم، وهو طريق الخلاص من الاحتلال، وخصوصا إذا جرى تعزيز حركة المقاطعة العالمية للاحتلال والاستيطان. ودعا فصائل العمل الوطني ونشطاء المقاومة الشعبية لبناء مئات القرى الفلسطينية الجديدة على تخوم المستوطنات وفي الأراضي المهددة بالاستيلاء عليها، لإرباك جيش الاحتلال وإرهاقه. وعلى ذات الصعيد بدأت في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة اليوم الأحد، أعمال الدورة ال35 للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، برئاسة دولة قطر. وأوضحت مدير إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية الهام الشجني، أن اللجنة تناقش على مدى عدة أيام تقرير الأمانة العامة ما بين الدورتين، عن الإجراءات المتخذة لتنفيذ توصيات الدورة السابقة المستأنفة للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان. وأضافت إن اللجنة تناقش عددا من البنود الدائمة في مقدمتها التصدي للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة، وبند حول الأسرى والمعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية وجثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مقابر الأرقام، بالإضافة إلى بند دائم أيضا يتعلق بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، والخطتين العربيتين المتعلقتين بحقوق الإنسان، أولها الخطة العربية للتربية على حقوق الإنسان (2009– 2014) التي تهدف إلى حث الدول العربية على إدماج مادة حقوق الإنسان في المراحل التعليمية المختلفة في المدارس والجامعات العربية، وثانيها الخطة العربية لتعديل ثقافة حقوق الإنسان والتي تهدف إلى نشر مفهوم حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية.