انطلقت صباح اليوم الاثنين الجلسة الأولى من مفاوضات جنيف-2 بين الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي ووفد المعارضة السورية المشارك في الجولة الثانية، الذي سيقدم تقريرا حول "انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان". وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أنه من غير المقرر عقد جلسات مشتركة اليوم بين وفدي المعارضة ونظام الرئيس السوري بشار الأسد.. لكن الموفد الدولي سيلتقي الوفد الرسمي السوري في وقت لاحق اليوم. وكان الإبراهيمي قد وصل إلى قصر الأمم في جنيف، وتبعه بعد نحو ساعة وفد المعارضة برئاسة كبير المفاوضين هادي البحرة. وقال مصدر معارض إن وفد المعارضة سيرفع إلى الإبراهيمي تقريرا عن "العنف الذي يمارسه النظام السوري والجرائم ضد الإنسانية وإرهاب الدولة". وترتكز بنود التقرير الذي ستقدمه المعارضة السورية على تقارير سابقة لمنظمات حقوقية منذ اندلاع النزاع السوري منتصف مارس 2011. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية والتي حصلت على نسخة من التقرير الخاص بالمعارضة السورية، أن التقرير يشير إلى أن "النظام السوري قتل منذ بدء المفاوضات في مؤتمر جنيف-2 ""الذي بدأ في 22 يناير في مدينة مونترو السويسرية""، أكثر من 1805 من السوريين، منهم 834 شخصا في حلب وحدها، مستخدما خلالها ما يزيد عن 130 برميل متفجر". ويصف التقرير عمليات القصف التي تعرضت لها الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في كبرى مدن الشمال السوري خلال الأسابيع الماضية ب"الحملة المسعورة". كما تشمل ورقة المعارضة تقريرا نشرته منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية في 30 يناير، وأشارت فيه بالصور والشهادات إلى قيام النظام بهدم آلاف المنازل "دون وجه حق"، لا سيما في دمشق وحماة. ويذكر التقرير أيضا بخلاصات لجنة المحققين حول أعمال العنف في سوريا التابعة للأمم المتحدة، والتي أشارت في تقريرين نهاية العام 2011 ومطلع 2012، إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية في سوريا بعلم "السلطات على أعلى المستويات في الدولة وبموافقتها على ما يبدو". ويشير التقرير إلى الهجوم بالأسلحة الكيميائية في ريف دمشق في أغسطس الماضي، والذي أودى بحياة مئات الأشخاص، واتهمت المعارضة ودول غربية دمشق بالوقوف خلفه. ويورد تقرير المعارضة السورية إحصاءات قال إنها من تقرير للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة "الاسكوا" في يناير 2014. وترجح هذه الإحصاءات، في حال استمرار الأزمة، مقتل ستة آلاف شخص شهريا، وخسارة سوريا لعشرة ملايين ليرة "نحو 67 ألف دولار أميركي" في كل دقيقة، وفقدان عشرة آلاف شخص لوظائفهم أسبوعياً. هذا وقد وبدت الهوة واسعة في الجولة الأولى من المفاوضات بين أولويات البحث بالنسبة للطرفين. فبينما يصر النظام السوري على الانطلاق من ملف محاربة الإرهاب وتجفيف ينابيع تزويد الثوار بالسلاح، تؤكد المعارضة ومعها الوسيط الأممي على ضرورة الانطلاق من نتائج "جنيف 1" والمتمثلة أساسا في نقل السلطة كاملة إلى هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات. وكان رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا قد طالب في تصريحات له الليلة الماضية بأن يترأس نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع وفد النظام في الجولة الثانية من المفاوضات في جنيف اليوم.. متسائلاً "لماذا لا يأتي الشرع ويكون على رأس الوفد وهو له مصداقية لدينا والباقي ليس لديهم مصداقية لدينا؟". ورحب الجربا في الوقت نفسه بضم معارضين آخرين إلى وفد التفاوض، وقال: "نرحب بهم ومكانهم موجود في الوفد إذا أرادوا الحضور اليوم أو غداً.. ونحن حريصون على من يقول إنه ضد النظام فهذا نظام مجرم". وشدد على أن مفاوضات جنيف ليست الموضوع، وقال: "نحن موضوعنا هو إنهاء الكارثة في سورية ونخلص من هذا النظام المجرم المستمر في قتل السوريين على مدى ثلاث سنوات". من جهة أخرى، صرح عضو الوفد المفاوض هيثم المالح، بأنه "حتى الآن لا توجد نتائج مرضية للشعب السوري بالنسبة لاجتماعات جنيف2، خاصة بالنسبة للجانب الإنساني".. معرباً عن أمله في أن تفضي الجولة الحالية إلى نتائج. وتأتي الجولة الثانية من المفاوضات في جنيف بعد نحو عشرة أيام من نهاية جولة أولى غير مسبوقة من التفاوض، تحت إشراف الإبراهيمي، من دون أن تؤدي إلى نتائج ملموسة. وتسعى مفاوضات جنيف للبحث عن حل سياسي للازمة التي أدت إلى مقتل أكثر من 136 ألف شخص وتهجير الملايين. إلى ذلك، أشارت وثيقة خاصة إلى أن الإبراهيمي طلب من وفدي الحكومة والمعارضة السورية إعلان أن لديهما الإرادة السياسية لحل القضايا المطروحة.. لافتة إلى انه يعتزم لقاء الوفدين السوريين بشكل منفصل خلال اليومين أو الثلاثة أيام المقبلة على أمل أن تتحسن أجواء المحادثات. وابلغ الإبراهيمي بحسب الوثيقة الوفدين بأنه يعتزم تناول قضيتي وقف العنف وتشكيل هيئة حكم انتقالي، ويأمل في تناول قضايا المحافظة على مؤسسات الدولة وإصلاحها والمصالحة الوطنية. من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن باريس ودولا أخرى ستطرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي للمطالبة بفتح ممرات إنسانية للمدنيين في المدن السورية المحاصرة. ودعا فابيوس إلى تسهيل الوصول لمدن سورية من أجل نقل أدوية ومواد غذائية، قائلا: "إنه لأمر فاضح أن نكون نناقش هذا الأمر منذ فترة طويلة وأن يتواصل جوع الناس". هذا ومن المتوقع أن يدلي الإبراهيمي بمؤتمر صحفي عقب نهاية اليوم الأول من المفاوضات في وقت لاحق من بعد ظهر اليوم وفق التوقيت المحلي لمدينة جنيف السويسرية. وتختلف أجواء تلك الجولة عن سابقتها التي انطلقت في ال24 من يناير الماضي وتواصلت دون توقف حتى الثالث من فبراير الجاري إذ يأتي الطرفان إلى جنيف هذه المرة وقد أدرك المجتمع الدولي من هو الطرف المستعد للحلول ومن الذي يعرقل تقدم مسارها. ويرى مراقبون أن الوفد الرسمي السوري يعاني من موقف ضعيف أمام المجتمع الدولي من ناحية وأمام منظمات الأممالمتحدة المعنية بالأزمة الإنسانية السورية من ناحية أخرى وذلك لمواصلته القصف بالبراميل المتفجرة واستمرار حصاره لمناطق شاسعة من البلاد. في المقابل يتوجه وفد المعارضة السورية إلى الجولة الثانية بدعم ربما أكثر من ذي قبل بعد أن اثبت قدرته على التفاوض بشكل جدي لاسيما وانه لم ينصع إلى المحاولات "الاستفزازية" أثناء الجولة الأولى من المفاوضات بل قدم الحجة والبرهان الأمر الذي عزز موقفه كطرف يسعى إلى حل الأزمة الآن قبل الغد. كما اكتسب وفد المعارضة السورية مصداقية أوسع نطاقا منذ جولة المفاوضات الأولى لاسيما بعد اجتماعه الأخير مع وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف في موسكو والذي استغرق أربع ساعات كاملة ما يعكس تحولا كبيرا في الموقف الروسي. يذكر أن الجولة الأولى من المفاوضات قد تمكنت من كسر الجليد بين طرفي الأزمة السورية بجلوسهما على طاولة واحدة تحت سقف الأممالمتحدة إلا أن الهوة واسعة بين مواقف الطرفين تجاه مستقبل السلطة الانتقالية في سوريا. الجدير ذكره أن الجولة الثانية من محادثات جنيف-2 ستُعقد في جلستان منفصلتان، أولهما بدأت الساعة العاشرة بتوقيت جنيف بين الممثل الخاص للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ووفد المعارضة.. والجلسة الثانية تبدأ في الساعة الحادية عشرة والنصف بين الإبراهيمي ووفد النظام، على أن تتأخر الجلسات المشتركة إلى الأيام المقبلة.