انطلقت في سوريا أول انتخابات رئاسية تعددية- يرفضها الغرب والمعارضة مسبقا وتؤيدها روسيا والصين وإيران- في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات بين قوات النظام السوري ومقاتلي المعارضة في العديد من المناطق السورية. ويتوقع أن يحقق الرئيس بشار الأسد المرشح لولاية ثالثة فوزا ساحقا في هذه الانتخابات التي تجري في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام. ويقول خصوم الأسد إنه لا يمكن إجراء انتخابات في بلد بها مساحات شاسعة من الأراضي خارج سيطرة الدولة فضلا عن ملايين المشردين. وكثفت قوات المعارضة هجماتها في مناطق تحت سيطرة الحكومة خلال فترة الاستعداد للانتخابات في محاولة لتعطيل التصويت. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين في الساعة السابعة صباح اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي ليستمر التصويت حتى الساعة السابعة مساء مع إمكانية تمديد الاقتراع في حال كانت نسبة المشاركة عالية. ويخوض الانتخابات إلى جانب الرئيس الأسد عضو مجلس الشعب السوري ماهر حجار والوزير والنيابي السابق حسان عبد الله النوري. وسجّلت لجنة الانتخابات للمشاركة في الانتخابات نحو 15.8 مليون شخص، علما بأن سكان البلاد يتجاوز 22.4 مليون شخص. وقد أدلى الأسد بصوته في مركز اقتراع في حي المالكي الراقي في وسط دمشق اليوم الثلاثاء في الانتخابات الرئاسية، حسبما أفاد التلفزيون السوري. وتعتبر هذه الانتخابات هي التعددية الأولى في سوريا منذ نصف قرن، تاريخ وصول حزب البعث إلى الحكم. وقد تعاقب على رأس السلطة منذ مطلع السبعينات الرئيس حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار عبر استفتاءات شعبية. ووصل الاثنين إلى دمشق وفد روسي يضم برلمانيين وأعضاء من اللجنة الانتخابية المركزية لروسيا الاتحادية "لمواكبة الانتخابات الرئاسية"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية، ويتوقع أن تكون هناك وفود مراقبين من دول أخرى، من إيران والبرازيل وغيرها. وقد دعا رئيس الائتلاف الوطني للمعارضة السورية أحمد الجربا الاثنين إلى مقاطعة الانتخابات وعدم النزول إلى مراكز الاقتراع للتصويت فيها. وفي دمشق وحلب افتتح 5235 مركز تصويت، بينما يبلغ عددها في مجمل أراضي البلاد 9601. وكانت دمشق قد أجرت الأربعاء الماضي انتخابات في 43 سفارة لها في العالم، "وتجاوزت نسبة التصويت 95 بالمائة من الذين سجلوا أنفسهم"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السورية السبت، عن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري. ورفض وزير الخارجية السوري وليد المعلم الانتقادات الغربية وقال إنه لا يمكن لأحد في العالم فرض إرادته على الشعب السوري. وقال المعلم عقب إدلائه بصوته في المركز الانتخابي في مبنى رئاسة مجلس الوزراء إن سوريا "تبدأ اليوم العودة إلى الأمن والأمان من أجل إعادة الإعمار وإجراء المصالحة الشاملة وتبدأ بمسار الحل السياسي للازمة." وأكد المعلم وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أن "من ينتمي للشعب السوري يفتخر أن هذا الشعب يبرهن اليوم مرة أخرى على صموده وصلابته ورؤيته لمستقبل أفضل". كما أكد المعلم أن السوريين يسجلون اليوم إرادتهم الحرة في انتخابات ديمقراطية شفافة تعددية ويختارون من سيقودهم في المستقبل كما يسطرون مستقبلهم بكل حرية ونزاهة. وتجرى الانتخابات في سوريا بعد ثلاث سنوات من الانتفاضة التي تحولت إلى حرب في مختلف مناطق البلاد . وانهارت محادثات السلام في جنيف بين الحكومة والائتلاف الوطني للمعارضة في فبراير الماضي . وتقول المعارضة إن المحادثات يجب أن تستند إلى مبدأ تنحي الأسد وتشكيل حكومة انتقالية. ومنذ استعادت القوات النظامية السيطرة على معاقل المعارضة على الحدود اللبنانية وقطعوا خطوط الإمداد وأوقفوا تدفق المقاتلين انسحبت قوات المعارضة من وسط مدينة حمص في حين ركز الانسحاب من حمص الاهتمام على مدينة حلب في شمال البلاد وزادت حدة القتال هناك في الأسابيع القليلة الأخيرة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي المعارضة أطلقوا صواريخ على مناطق واقعة تحت سيطرة الحكومة في حلب مما أسفر عن سقوط 50 قتيلا خلال مطلع الأسبوع.في حين قالت وسائل الإعلام الحكومية أمس الإثنين أن سيارة ملغومة انفجرت مما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل في محافظة حمص.