تتضاءل فرص تحقيق السلام في الشرق الأوسط بسبب سياسة التعنت التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، وإصرار الاحتلال على فرض سياسة الأمر الواقع، بالإضافة إلى محاولته المستمرة لإذلال الفلسطينيين من خلال سياسة العقاب الجماعي التي يتبعها واستلابه ما تبقى من الأراضي، ورفضه للحق الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف. ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إتباع سياسة العنف والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني ، يبرز على السطح أمامهم خيار المقاومة كخيار استراتيجي لتحرير الأرض والإنسان. وبالرغم من التصريحات الأمريكية الأخيرة المتفائلة بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط ، لكن مع ذلك فإن هذه التصريحات لا تغني ولاتسمن من جوع في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بقطاع غزةوالضفة الغربيةوالقدس الشريف. وتصر حكومة الاحتلال المتطرفة التي يقودها بنيامين نتنياهو على الاستمرار في سياستها العدوانية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة متذرعة بالحاجة لتوفير الأمن للإسرائيليين وذلك رغم الدعوات التي إطلاقها المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار . وعرض وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداد بلاده التوسط للاتفاق على هدنة ووقف لإطلاق النار في غزة. واتصل كيري الأحد بنتنياهو لتكرار عرض بلاده التوسط من اجل الاتفاق على هدنة فيما كثف الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه على قطاع غزة. وصرح مسؤول كبير في الخارجية الاميركية ان كيري "شدد على المخاوف الاميركية حيال تصعيد التوتر ميدانيا". كما اكد كيري لنتنياهو انه ملتزم الى جانب مسؤولين اقليميين "المساعدة على وقف اطلاق الصواريخ لاستعادة الهدوء وتجنب سقوط ضحايا مدنيين". واشار الى ان الولاياتالمتحدة مستعدة لتسهيل وقف اعمال العنف بما يشمل العودة الى اتفاق وقف اطلاق النار المبرم في نوفمبر 2012". واعلنت اجهزة الاغاثة الفلسطينية عن مقتل 166 فلسطينيا اغلبهم من المدنيين منذ بدء عملية "الجرف الصامد" الإسرائيلية وجرح حوالى 1120. وتوعد نتنياهو الاحد في اجتماع لحكومته بضرب حماس "بقوة اكبر"، مختلقا مزاعم بأن الحركة تستخدم "السكان كدروع بشرية" . واعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عند وصوله الى العاصمة النمساوية انه "في غزة كما في اسرائيل، الاولوية المطلقة هي لوقف اطلاق النار". ورغم الدعوات الدولية الى وقف اطلاق النار، صرح نتنياهو لشبكة "سي بي اس" الاميركية بان اسرائيل لن توقف عملياتها العسكرية ما دامت لم توفر لشعبها "امنا دائما". ونزح الفلسطينيون بالالاف الاحد من شمال قطاع غزة بعد ليلة من الغارات الاسرائيلية المكثفة وتحذير اسرائيلي لهم بالمغادرة استعدادا لقصف مكثف ظهرا ربما تمهيدا لعملية برية محتملة. وفي بعض مناطق بيت لاهيا، بدت الشوارع خالية تماما بعدما غادرها سكانها مع حاجيات بسيطة استطاعوا حملها. والتجأ بعض السكان الى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) مؤقتا. واضطر مئات من سكان منطقتي العطاطرة والسلاطين قرب بيت لاهيا للجوء الى المدرسة واستخدم بعضهم عربات تجرها حمير واحصنة بالاضافة الى دراجات نارية لنقل بعض اغراضهم. من ناحيته، اكد مدير عمليات الاونروا روبيرت تيرنر للصحافيين بان الالاف من النازحين في غزة بالفعل ذهبوا الى مدارس الاونروا. ومساء الاحد، قال المتحدث باسم الاونروا كريس غونيس في بيان "فتحنا عشرة مدارس لاستقبال الفارين من القصف. لجأ الينا اكثر من 10 الاف شخص اليوم والعدد في ازدياد". وبعثت القيادة الفلسطينية رسالة رسمية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عبر ممثله في الأراضي الفلسطينية روبرت سيري، تطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأرضه. وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القيادة الفلسطينية قررت الطلب رسميا من الأممالمتحدة توفير الحماية الدولية لشعب وأرض فلسطين. وأضاف الرئيس الفلسطيني أن "الوضع لم يعد يحتمل الصبر أكثر من هذا، فإسرائيل أوغلت في كل شيء، ولا بد من إيقاف عدوانها على الشعب الفلسطيني الذي بدأ في الخليل ثم في مدينة القدس، ثم في باقي الضفة الغربية، وأخيرا في غزة، وهو وضع لم يعد يحتمل وعليه أرسلنا هذه الرسالة". وتمكن كيري من استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في يوليو من العام الماضي بعد توقفها لمدة 3 سنوات، إلا أن جهوده فشلت قبل مهلة 29 إبريل من العام الجاري عندما خرقت إسرائيل بوعدها بإطلاق أكثر من 20 أسيرًا فلسطينيًا، فرد الفلسطينيون على ذلك بالتقدم بطلبات انضمام إلى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية. وفي مؤشر آخر على انهيار عملية السلام ، قدم الوسيط الأمريكي مارتن انديك استقالته من منصبه نهاية شهر يونيو الماضي . واستقال انديك من منصبه بعد اقل من سنة من تكليفه من جانب وزير الخارجية ليلعب دورا في الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية من أجل التوصل إلى اتفاق للسلام. وقال كيري في بيان اصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، "سيواصل العمل من أجل السلام، وكما قلنا مرارا فإن الولاياتالمتحدة ملتزمة ليس بقضية السلام فحسب بل باستئناف العملية السلمية عندما يجد الطرفان طريقا للتفاوض بجدية." وغالبا ما يكرر كيري التأكيد على أن الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم باستطاعتهم أن يقرروا استئناف "مفاوضات السلام". وأفاد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية في منتصف شهر مايو الماضي بأن "(كيري) قال بوضوح إن الباب مفتوح أمام السلام إلا أنه يعود إلى الطرفين أن يقررا ما إذا كان يريدان اتخاذ الإجراءات الضرورية لاستئناف المفاوضات".