بعد مرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة السلام العربية في قمة بيروت وبالرغم من أن دول العالم كافة وخصوصا الولاياتالمتحدةالأمريكية حليفة إسرائيل تعتبر قيام الكيان الإسرائيلي ببناء مستوطنات في الضفة الغربية تصرفا "غير شرعي" إلا أن هذا الكيان مازال يرفض السلام ويصر على استلاب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة. ورفضت إسرائيل تماما الاستجابة لمبادرة السلام العربية،إن لم نقل الرفض الفوري المعزز بالجرافات والحديد والنار، وبإعادة احتلال الضفة الغربية على رؤوس الأشهاد بدلا من أن تبادر للاستجابة للمبادرة العربية. وكالعادة تسعى واشنطن إلى تفصيل عملية السلام على المقاس الإسرائيلي ،لكن مع ذلك ترفض إسرائيل باستمرار أي خطوات حتى ولو مقترحات أمريكية نحو إيجاد حلول للوصول إلى تحقيق السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالمحتلة. وأطلقت واشنطن نهاية الشهر الماضي تصريحات مليئة بالآمال بشأن استمرار عملية السلام في الشرق الأوسط بالرغم من أن المفاوضات الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فشلت في نهاية أبريل الماضي بعد تسعة أشهر من اللقاءات غير المثمرة بين الطرفين برعاية أمريكية. وشدد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من جديد على أن مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تمت وذلك بعد أن استقال الوسيط الأمريكي مارتن أنديك من منصبه يوم الجمعة الماضي وذلك في مؤشر آخر على انهيار عملية السلام في الشرق الاوسط. وقال كيري في بيان ان انديك "سيواصل العمل من أجل السلام، والولاياتالمتحدة، كما سبق ان قلنا مرارا، ما زالت ملتزمة بالعمل ليس من أجل قضية السلام فحسب وانما ايضا من أجل استئناف عملية (الحوار) عندما تجد الأطراف طريق العودة الى المفاوضات الجادة". وارتبطت مبادرة السلام العربية حينها باسم ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وقوبلت بردود فعل إيجابية من جانب واشنطن ، لكنها جوبهت بالرفض المدوي من خلال تحريك الأرتال العسكرية وإحكام الحصار على مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وعزا أنديك استقال من منصبه في 27 يونيو الماضي، فشل مفاوضات السلام إلى انعدام الثقة، والريبة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وقال إنديك في أول حوار له، بعد تنحيه من منصبه، لصحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية إن "انعدام الثقة بين الطرفين قادة وشعوبا يؤخرنا ويجعل الأمر صعبا". وقال "إن ما واجهناه من صعوبات يعود لانعدام الثقة خلال العشرين سنة الماضية أكثر من كونه نابعا من أي خلاف حول القضايا الجوهرية". وأوضح إنديك أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس محمود عباس كلاهما كانا على استعداد للتفاوض بشأن اتفاق سلام لكن هذا الحماس تبدد لدى الجانبين مع مرور الأشهر". يشار إلى أنه غداة توقف مفاوضات السلام، قال وزير الخارجية جون كيري ومبعوث السلام مارتن إنديك إن قرار إسرائيل بناء مستوطنات جديدة سرع بفشل عملية السلام. وحاول جون كيري احياء عملية السلام في الشرق الأوسط في يوليو الماضي، عندما اقنع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بالعودة الى طاولة المفاوضات. لكن إسرائيل اعلنت وبصورة مفاجئة بعدها في أبريل عن خطة لبناء 700 وحدة استيطانية، ورفضت اطلاق سراح الدفعة الاخيرة من الاسرى الفلسطينيين بعدما اطلقت سراح عدد منهم في وقت سابق. وفي المقابل، تقدم محمود عباس بطلب عضوية لفلسطين في 15 اتفاقية وميثاق للأمم المتحدة. وعبرت اسرائيل عن غضبها بعدما نُقل عن مسؤول أمريكي لم يذكر اسمه - يعتقد ان يكون مارتن انديك - خلال حديث لصحيفة يديعوت أحرانوت الإسرائيلية، لومه إسرائيل على انهيار المحادثات وقوله إن نتنياهو "لم يتحرك قيد أنمله". وردت إسرائيل بحدة على تصريحات المبعوث الأمريكي عن فشل عملية السلام بعد أن حمل البناء الاستيطاني الإسرائيلي جانبا من المسؤولية عن انهيار محادثات السلام مع الفلسطينيين وقالت إن المبعوث نفسه لم يفعل شيئا لإنقاذ المفاوضات وأشار الرد الإسرائيلي الحاد إلى استمرار التوترات العميقة بين إسرائيل وواشنطن بسبب المحادثات التي تقودها الولاياتالمتحدة وانهارت في شهر ابريل الماضي وسط اتهامات متبادلة. وتعرض الرئيس الفلسطيني لانتقادات داخلية بسبب موافقته على العودة إلى طاولة التفاوض على الرغم من استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات. وحاول كيري تخفيف الضغوط على عباس بالتأكيد على أن الجانب الفلسطيني لم يوافق أبدا على استمرار بناء (المستوطنات). واستأنف الإسرائيليون والفلسطينيون مفاوضات السلام المباشرة في أواخر يوليو الماضي بعد تعثرها لثلاثة أعوام. ويوجد حاليا حوالي 500 ألف يهودي يعيشون في أكثر من 200 مستوطنة ووحدة سكنية بالضفة الغربيةوالقدس الشرقية. وتعتبر هذه المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن إسرائيل تطعن في ذلك بالرغم من حليفتها وراعية المفاوضات واشنطن تعارض أي جهود تهدف إلى توسيع المستوطنات الإسرائيلية الحالية أو إنشاء مستوطنات جديدة أو تشريع بؤر استيطانية.