أقرت حركة النهضة الإسلامية الاثنين بفوز خصمها حزب "نداء تونس" بالانتخابات التشريعية الحاسمة التي سينبثق عنها أول برلمان وحكومة دائمين في تونس منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي مطلع 2011 ، ودعت إلى تشكيل حكومة "وحدة وطنية". وقال القيادي البارز لطفي زيتون في حركة النهضة "قبلنا النتيجة ونهنئ الفائز نداء تونس ونؤكد دعوتنا مجددا لحكومة وحدة وطنية لما فيه مصلحة البلاد". وكشف المتحدث الرسمي باسم الحركة زياد العذاري أنه استنادا الى إحصائيات مراقبي حزبه في مراكز الاقتراع أن "نداء تونس في المقدمة وسيكون لنا حوالي 70 مقعدا في البرلمان في حين سيكون لهم نحو 80 مقعدا". ودعا العذاري في تصريح لإذاعة "موزاييك إف إم" التونسية الخاصة إلى تشكيل "حكومة وحدة وطنية لتكون قادرة على مواجهة استحقاقات وتحديات البلاد الكبيرة خاصة في السنوات القادمة التي ستكون صعبة على المالية العمومية وعلى الميزانية وعلى أوضاع البلاد". ومساء الأحد، قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لقناة "حنبعل" التونسية الخاصة "سواء كانت النهضة الأولى أو الثانية فإن تونس تحتاج الى حكم وفاق وطني"، مشددا على أنه "من المهم أن نرسخ قضية الديمقراطية، والثقة في المؤسسات". وكانت حركة النهضة فازت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت في 23 أكتوبر 2011 بنسبة 37 بالمئة من الأصوات و89 من مقاعد المجلس ال217. وحكمت الحركة تونس عامي 2012 و2013 قبل أن تضطر بداية 2014 إلى التخلي عن السلطة لحكومة غير حزبية بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة في 2013. ومساء الأحد أيضا، أعلن الطيب البكوش الأمين العام لحزب نداء تونس فوز حزبه في الانتخابات. ونشر الحزب الاثنين على صفحته الرسمية في فيسبوك صورة مؤسسه ورئيسه الباجي قائد السبسي كتب عليها "انتصرنا والحمد لله، تحيا تونس". وفقا لهذه النتائج غير الرسمية، حل حزب "الاتحاد الوطني الحر"، بقيادة رجل الأعمال سليم الرياحي، ثالثا بحصوله على 17 مقعدا، والجبهة الشعبية (أقصى اليسار) في المرتبة الرابعة (12 مقعدا)، وحزب "آفاق" الليبرالي (ثمانية مقاعد). وفي المقابل، لم يحصل حليفا حركة النهضة في حكومة "الترويكا"، التي حكمت بين نهاية 2011 ومطلع 2014 ، "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل من أجل العمل والحريات" مجتمعين سوى على ستة مقاعد (أربعة للمؤتمر واثنان للتكتل) حسب النتائج ذاتها. وكان نداء تونس الذي أسسه قائد السبسي في 2012، رشح هذا الأخير للانتخابات الرئاسية المقررة في 23 نوفمبر المقبل. ويضم نداء تونس منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس السابق بن علي، ونقابيين ويساريين. ويمنح دستور تونس الجديد الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) في ال26 من يناير 2014 صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية. وفي إطار الرقابة الدولية على الانتخابات وصف مراقبو الاتحاد الأوروبي الاثنين الانتخابات البرلمانية التي جرت في تونس بالشفافة وبأنها ذات مصداقية. وقالت رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي آنمي نايتس في مؤتمر صحفي إن الشعب التونسي عزز التزامه الديمقراطي بفضل انتخابات مكنت التونسيين من مختلف الفئات السياسية من التصويت بحرية وفقا لأول دستور ديمقراطي في البلاد. وأضافت المسؤولة الأوروبية أن الحملة الانتخابية جرت على نطاق واسع وبهدوء، مشيرة إلى أن القوائم والأحزاب السياسية تمكنت من تقديم برامجها بحرية مع احترام معايير الحملة الانتخابية رغم تعقيداتها. من جانب آخر هنأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشعب التونسي على الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد والتي وصفها ب"الديموقراطية". واعتبر الرئيس الأميركي في بيان الأحد الانتخابات التونسية بأنها "مرحلة مهمة في الانتقال السياسي التاريخي لتونس". وأضاف أوباما في بيانه "أن الولاياتالمتحدة تكرر التزامها دعم الديموقراطية في تونس وإقامة شراكة مع الحكومة المقبلة للاستفادة من الفرص الاقتصادية وحماية الحرية وضمان الأمن لجميع التونسيين من جهته هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تونس أيضا بإجراء الانتخابات البرلمانية مشيرا إلى أنها خطوة حاسمة من أجل مستقبل البلاد. وقال بيان للأمم المتحدة الاثنين إن الانتخابات تشكل حجر زاوية في عملية التحول الديمقراطي. من جهتها أعلنت روسيا عن ترحيبها بإجراء الانتخابات التشريعية في تونس، واصفة إياها بالخطوة المهمة في طريق التغييرات الديموقراطية في البلاد. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها الاثنين إن النضوج السياسي الذي أظهرته الأحزاب والحركات التونسية وتوجهها نحو البحث عن حلول متفق عليها للمشكلات التي تواجهها البلاد، تشكل أساسا لا بد منه للدفع قدما بالعملية السياسية في تونس، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية في البلاد المقررة في 23 نوفمبر المقبل.