صنعاء - بعد أن ساد الاعتقاد بأن الأوضاع الأمنية في العراق تسير نحو الأفضل زعزعت الانفجارات التي هزت العاصمة العراقية بغداد مؤخرا هذا الاعتقاد . واتجهت الاوضاع الامنية نحو التردي الخطير وأصبح من الصعب التخطيط لأي شيء في العراق ، كما ان حلم العراقيين بالأمن والاستقرار بعيد المنال في الوقت الراهن أو أنه في أحسن حال محطة ربما يطول زمن وصول العراقيين إليها. ففي ظل التدهور المريع في الوضع الأمني في العراق على خلفية مسلسل تفجيرات الاثنين تلاشت الآمال باحتمال تحقق انفراج على الصعيد الأمني الذي شهد تحسناً نسبياً في الأسبوعين الأخيرين . وعلى الرغم من انتشار اعداد كبيرة من القوات الأمريكية في مختلف انحاء العراق وذلك الحضور الكثيف للدوريات العسكرية الأمريكية الا ان العراقيين ما يزالون بعيدين عن الشعور بالأمن والاستقرار . ويرى المراقبون ان ذلك التحسن النسبي في الوضع الامني الذي يعيشه العراق خلال الايام القليلة الماضية لا يبدو سوى محطة بين محطتين إذ بدا وكأنه فترة اعداد لعمليات تفجيرجديدة تشهدها مناطق متفرقة من العراق . كما أن ذلك التحسن كان على صعيد انخفاض نسب الجرائم الاعتيادية من قتل وسرقة وسلب فيما تزايدت في ذات الفترة وعلى نحو ملحوظ الجرائم ذات الطابع السياسي من اغتيالات وتفجيرات وعمليات تخريب أخرى . وما يتضح للمراقب للشأن العراقي بان هناك نوعين من العمليات التي تتواصل في العراق فهناك عمليات تندرج تحت إطار المقاومة المشروعة للاحتلال ولممارساته وهناك أيضاً عمليات تندرج تحت إطار العمل التخريبي وهي تشير إلى نفسها بوضوح كبير . وقد بدأت عمليات المقاومة العراقية ضد الوجود الأمريكي والبريطاني المحتل منذ المرحلة التي سبقت سقوط بغداد ومع احتلال العراق بأسره صارت تلك العمليات تتخذ صوراً مختلفة . فمن عملية ينفذها فدائي عراقي إلى مهاجمة رتل عسكري أو موقع قوة معادية تنفذه مجموعة معينة إلى كتابة الشعارات المناهضة للاحتلال على الجدران ونشر البيانات التي تروج لثقافة التصدي والمواجهة وكل ذلك مما يندرج تحت هذا الإطار العريض والواسع الذي يأخذ صفة المقاومة العراقية . ومما يراه المراقب انه وحتى الآن يبدو أن عمليات المقاومة الجارية منذ ذلك الوقت لم تتخذ طبيعة منظمة إلى الحد الذي يسمح باعتبار أن جهة أو جهات محددة وموصوفة بدقة تقف وراءها بالضبط ، لأن ما جرى في السابق ويجري الآن لا يسمح بإطلاق هذا الوصف بالضبط عليها . وغالبا ما تكتسي عمليات مقاومة الاحتلال الأمريكي بالطابع الفردي وهي في بعض الحالات تكتسي طابعاً محلياً لا أكثر ولا يعتقد أن ثمة جهة واحدة منظمة فعلا هي التي تقف وراءها . اما القوات الامريكية فغالباً ما تنسب هذه العمليات الى انصار النظام العراقي السابق سواء من كان منهم في الأجهزة الأمنية أو من خلايا تنظيمات حزب البعث لكن ذلك ينظر اليه على انه لا يعدو مجرد تقييم سطحي وحالة يقصد منها استمرار تهييج الشارع العراقي ضد النظام السابق . ومما يراه المحللون ان بعض عمليات التفجير تكون رسائل موجهة الى جهات بعينها فقد كان واضحاً عندما تم تفجير مقر الأممالمتحدة في فندق القناة ببغداد في يوليو الماضي أن مضمون الرسالة التي وجهها منفذو العملية كان ضرورة مغادرة المنظمة الدولية الأراضي العراقية ، وهو ما حصل فعلاً ، وكان واضحاً ايضاً أن حادث تفجير السفارة الأردنية يرمي إلى تصفية حسابات شخصية . ويبدو أن المخططين للهجوم على مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ايضاً سعوا إلى إبلاغ هذه المنظمة ومثيلاتها التي تتأهب للقدوم إلى العراق بأنهم عناصر غير مرحب بها ، وأنها ستكون عرضة للقتل ، مما يعني أن الولاياتالمتحدة مدعوة إلى مزيد من التورط في العراق لتتحمل بذلك لوحدها مسؤولية ما جرى ويجري في البلد الذي احتلته وفشلت في إدارته . كما سعى المخططون إلى توجيه رسالة إلى أفراد الشرطة العراقية بأنهم سيكونون هدفا مشروعاً للقتل ما داموا ينفذون مخططات المحتل الأمريكي . وتجدر الإشارة هنا إلى تزايد أعداد العراقيين الذين اشتكوا في الآونة الأخيرة من سوء تصرفات الشرطة العراقية خلال عمليات المداهمة والتفتيش والاعتقال التي تنفذها دوريات أمريكية وعراقية مشتركة ، حتى أن عددا من أولئك أنحوا باللائمة في كل ما تعرضوا إليه من معاملة سيئة إلى العراقيين الذين باتوا أقسى عليهم من الجنود الأمريكيين ، حسب ما جاء في اعترافات البعض وشهاداتهم. أما المعتقدون بنظرية المؤامرة ، فإنهم يرجحون أن يكون هدف تلك العمليات تشويه صورة المقاومة العراقية ووصمها بصفات الإرهاب والعمليات الدموية باعتبارها استهدفت الآمنين بعملياتها ، كما أنها جاءت في بداية شهر رمضان المبارك الذي يستوجب التراحم والتسامح والسلام ، وهو ما يعني أن من نفذ تلك العمليات لا يمت بصلة إلى تنظيمات المقاومة التي يغلب عليها الطابع الإسلامي، وإنما تقف وراءها عناصر خفية مدسوسة من قبل أجهزة وتنظيمات يهمها استمرار توتر الأوضاع في العراق . وكالة الانباء اليمنية(سبأ)