كشفت الدكتورة إريس جيرلخ / مديرة المعهد الألماني بصنعاء أن خبراء المعهد عثروا قبل نحو شهر على نقش عليه كتابة باللغة النبطية ، فيما يمثل دليل يسجل لاتصال من هذا النوع بين حضارة جنوب العرب وحضارة العرب الشماليين. ولم تشأ الدكتورة جيرلخ التي كانت تتحدث اليوم في قسم الآثار بجامعة صنعاء ضمن المحاضرة التي نظمتها الجمعية اليمنية للآثار حول أحدث اكتشافات البعثة الألمانية في مدينة صرواح السبئية ، أن تخوض في مزيد من التفاصيل حول هذا الاكتشاف لكنها قالت إن النقش الذي تصل مساحته إلى نحو متر يخضع الآن للدراسة من قبل البروفيسور / نوربرت نيبس / عالم النقوش الألماني . وقالت مديرة المعهد الألماني أمام عدد من طلاب قسم الآثار والتاريخ ، وبحضور الدكتور/ يوسف محمد عبد الله وكيل وزارة الثقافة والسياحة رئيس الهيئة العامة للآثار ، والدكتور/ عبد الغني علي سعيد / رئيس قسم الآثار : إن المعهد الذي يعمل منذ خمسة وعشرين عاماً في اليمن يولي اهتماماً إلى تقنية حصاد وتصريف المياه التي مكنت من قيام حضارة مزدهرة في منطقة قليلة المطر هي مأرب . وقدمت لمحة عن جهود المعهد في التنقيب عن الآثار في مأرب بما في ذلك المقبرة التى تم اكتشافها إلى الجنوب من معبد أوام .. واستعرضت تقنيات حجز وتصريف المياه في أهم سد في اليمن / سد مأرب / والتي تم من خلاله التغلب على مشكلة ارتفاع الأراضي الزراعية عن مستوى جريان المياه في الوادي. وفي سياق عرضها لنتائج الحفريات التي قام بها المعهد الألماني في مدينة صرواح أوضحت الدكتورة إريس جيرلخ أن مدينة صرواح السبئية التي تقع على مساحة ثلاثة هكتارات تسجل تشابهاً في بنيتها العمرانية مع مدينة مأرب ، إلا أنها قالت إن الجهود لا زالت تبذل للتحقق من وظيفة هذه المدينة التي تحتضن معبد ألمقه الشهير ، وتضم عدداً كبيراً من المعابد بالقياس إلى مساحتها الصغيرة ، دون أن تجزم بما إذا كانت صرواح مدينة دينية . ولفتت الباحثة الألمانية في مجال الآثار الشرقية إلى دور الري الصناعي في بث الحياة في مدينة صرواح عبر القرون الذي ظلت فيه المدينة تؤدي دوراً مهماً على مستوى اليمن ، وقالت إن المعهد أجرى دراسات في محيط المدينة والذي تشير ملامحه إلى خلوه من الحياة مما يؤكد أهمية الري الصناعي وتقنية حصاد المياه التي اعتمدها السبئيون في صرواح . وكشفت مديرة معهد الآثار الألمانية أن المعهد يمتلك رؤية بشأن الأهمية التجارية التي كانت تتمتع بها مدينة صرواح بوقوعها عند ملتقى شبكة من الطرق ، ودللت على ذلك بجزء من الطريق الذي كان يصل المدينة بمنج للرخام هو الأهم في اليمن ، حيث يعتقد أن هذا المنجم الذي عثر فيه على نقوش مسندية كان جزء من النشاط التجاري للمدينة . وقالت إن المتحف الألماني بالتعاون مع المعهد يجري حالياً مزيداً من الدراسات على هذا المنجم . وفي سياق حديثها عن نتائج الحفريات التي أجراها معهد الآثار الألماني في معبد ألمقه الشهير بصرواح وأهم منشأة في المدينة قالت الدكتور إريس جيرلخ إنه تم هدم المباني التي كانت مقامة منذ نحو مائتي عام في حرم المعبد بعد أن تم إسقاطها على خرائط وتوثيق كافة تفاصيلها ، من أجل إجراء مزيد من الدراسة على المعبد الذي قات إن تاريخ بنائه يعود إلى منتصف القرن السابع قبل الميلاد وقالت الدكتورة جيرلخ إن الحفريات التي أجراها المعهد منذ نحو عام أسفرت عن توضيح جزء هام من المصاطب التي كانت مخصصة للموائد الدينية ، وكشفت عن أن المعبد كان مزوداً بنظام متقدم للصرف ، عارضة بالصورة جزءً من هذا النظام . وعرضت صوراً لنقوش كرب إل وتار الملك السبئي الشهير التي تميز المعبد ، والتي سجلها على أحجار تصل طولها إلى 80ر6متراً وتحدث فيها عن فتوحاته العسكرية وأعماله المعمارية ، لافتة إلى ما تعرض له النقش من أضرار واضحة بسبب العوامل البيئية . وقالت إن المعهد سيقوم في الخريف المقبل بإجراء مزيد من الحفريات للتعرف على أساسات المعبد والنقوش التي لا تزال بالمعهد . وأوضحت مديرة معهد الآثار الألماني أن الحفريات الأولية التي أجراها المعهد حول المعبد كشفت عن قبر يحمل سمات القبور الموجود في مقبرة أوام بمأرب وربما كان جزء من مقبرة كبيرة ، توقعت الدكتورة جيرلخ أن تكشف عنها الحفريات المقبلة . وتحدثت الدكتورة جيرلخ عن الحفريات التي أجراها المعهد الألماني في موقع قصر صرواح المجاور لمعبد ألمقه والذي قالت إنه يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد ، وعبرت عن اعتقادها أن هذا القصر ظل مستخدماً حتى القرن الثالث الميلادي . مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بمبنى بارتفاع 14متراً ، معبرة عن الأسف لأن جزء من هذا القصر لم يعد موجود بسبب تعرضه لأعمال نهب لأحجاره تمت خلال الفترة الماضية . وكشفت الدكتورة جيرلخ عن وجود أسوار مبنية من الحجارة في المنطقة المحيطة بمدينة صرواح ، وعبرت عن اعتقادها بأن لهذه الأسوار صلة بطقوس صيد الوعل التي كان يمارس ملوك ومكاربة سبأ . وكانت الدكتورة عميدة شعلان الأستاذ المساعد في قسم الآثار بجامعة صنعاء قد عبرت عن ترحيبها في بالمحاضرة الألمانية ، وأشارت إلى أن هذه المحاضرة هي جزء من النشاط الثقافي للجمعية اليمنية للآثار .. وعبرت عن أمله في أن تسهم المحضرة في تأسيس معرفة أعمق بأهمية الآثار اليمنية لدى الطلاب . سبا