وأشار – في مفتتح جلسات المجلس لمناقشة التقرير اليوم- الى ارتباط تقدم الشعوب والدول بامتلاكها للمعرفة، بإعتبارها لا تعني مجرد نقل المعلومات أو تلقيها أو استخدامها كمنتج جاهز بل هي ذات أبعاد ودلالات أعمق، تتمثل بدرجة أساسية في تعميم التعليم الراقي والحديث ونشره وتحويل ذلك إلى قيمة مجتمعية وسلوك لدى الفرد والمجتمع. مشددا على أهمية توطين العلم والمعرفة من خلال إعادة النظر في طرق ومناهج التعليم، والتخلص من طرق التدريس القديمة والقائمة على التلقين الذي يقضي على روح المبادرة والإبتكار لدى الطالب وقبلها لدى المعلم.. كما شدد على أهمية أن تكون مخرجات التعليم ملبية لإحتياجات التنمية والتطور، من خلال إرادة جماعية من قبل جميع قوى المجتمع لمساندة برامج التحديث والتطوير وتحويل ذلك الى ثقافة مجتمعية عامة تسعى إلى اللحاق بالعصر. وأشار إلى بروز العديد من المبادرات لإصلاح الشرق الأوسط التي تستند إلى تقرير التنمية الإنسانية، و ارتكاز هذه المبادرات على "إعلان صنعاء" الذي صدر عن مؤتمر الديمقراطية وحقوق الانسان ودور محكمة الجنايات الدولية، كما كان الأساس في المشروع الذي سيقدم إلى إجتماع الدول الثمان الذي سيعقد في الولاياتالمتحدةالامريكية في يونيو القادم. وأكد رئيس مجلس الشورى، في ختام كلمته الى أن أي إصلاح ينبغي أن يأتي من الداخل وليس من الخارج اياً كانت أهداف الخارج، مؤكدا أن المبادرات الخارجية أياً كانت حسن نيتها لا بد أن تقترن بتقديم الدعم الكامل للدول النامية، بحيث يشعر المواطن بأن تلك الإصلاحات قد حسنت من مستوى معيشته، كما أن تلك الاصلاحات لا يمكن أن تنجح ما لم تحل القضية الأساسية للأمة العربية وهي القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الاجنبي للعراق. بعد ذلك إستعرض الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، الجانب السياسي لتقرير التنمية الإنسانية العربية، حيث أكد أن الجمهورية اليمنية قد تفردت من بين الدول العربية في إهتمامها بتقارير التنمية الإنسانية من خلال الندوات والمناقشات سواء في مجلس الشورى أو الجامعات اليمنية، والتي قوبلت بتقدير عالي من قبل مكتب الاممالمتحدة. واكد أن مفهوم التنمية الإنسانية قد تطور عبر العقود منذ النصف الثاني من القرن العشرين.. مشيراً إلى أن مقاييس التنمية البشرية دقيقة تعتمد أساساً على تغيير حياة الإنسان في مأكله وملبسه ومسكنه، فضلاً عن توفير فرص التعليم للجميع والقضاء على الأمية. وأوضح أن التغيير الجذري في حياة الإنسان تقوم أساساً على نظام الحكم والديمقراطية وإحترام حقوق الانسان.. منوها إلى أن اليمن كانت من أول الدول المبادرة في إصدار تقرير حول التنمية البشرية عام 1998م، وهو التقرير الذي نال إهتماماً بالغاً، وأن التقرير قد أعطى المعارضة والكتاب فرصة لتناوله سلباً وأيجاباً وذلك بفضل الديمقراطية ، ومع ذلك فقد مثل التقرير خطوة إيجابية بما يتضمنه من تشخيص للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. وأضاف أن التنمية الإنسانية بمفهومها لا تنحصر في التغيير المادي في حياة المواطن، بل هي تغيير في الثقافة وإسلوب ممارسة العمل السياسي وإحترام حرية الرأي والرأي الآخر وتعزيز دور المرأة في المشاركة، وذلك من خلال الحكم الرشيد. وتطرق الدكتور الارياني الى الخطوات التي قطعتها اليمن في مجال الاصلاح السياسي والاقتصادي بما يخدم المصلحة العليا للمواطن والوطن ، منوهاً انه في المجال السياسي خطت اليمن خطوات متقدمة بشهادة المنظمات الدولية حيث شهدت منذ اعلان الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 90م ثلاث دورات انتخابية برلمانية قائمة على التعددية السياسية والحزبية، بالاضافة الى الانتخابات الرئاسية التي شهدتها اليمن لأول مرة في تاريخها الحديث وكذا انتخابات محلية في عموم محافظات ومديريات اليمن . واشار الى مايتردد حول مشروع الشرق الاوسط الكبير، منوهاً الى ان اليمن قد قطعت شوطاً متقدماً في مجال الاصلاح الشامل منطلقة من مفهومها للاصلاح ومنسجماً مع مقتضيات التطور، مؤكداً انه من الضرورة بمكان تهيئة المنطقة للاصلاح ،فالاصلاحات لاتنسجم مع الاحتلال وانتهاك حقوق الانسان باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. من جانبه استعرض الأخ أحمد محمد صوفان نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي، الجانب الاقتصادي للتقرير موضحاً أهمية إصدار تقارير التنمية البشرية والإنسانية على المستوى العالمي والإقليمي والوطني. وأشار أن اليمن كانت ثاني دولة في المنطقة العربية أصدرت تقرير التنمية البشرية اليمني الأول عام 1998م، وفقاً للمنهجية العلمية المتبعة في إصدار التقارير على المستوى الدولي ترعاها الأممالمتحدة والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة، كما تم أصدر تقرير التنمية البشرية الثاني عام 2000/ 2001م ويجري حالياً الإعداد لتقرير التنمية الإنسانية اليمني الثالث. كما أوضح أن إصدار هذه التقارير يهدف إلى نشر المعلومات والبيانات عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بكل شفافية ووضوح، ولذلك وجد أن المعلومات والرؤى التي قدمها تقرير التنمية البشرية الأول مثلت مرجعية هامة ومادة خصبة ليس لمتخذي القرار والباحثين والمهتمين من المنظمات الاقليمية والدولية فحسب،وانما أيضاً كانت معلومات وبيانات واضحة وجريئة لكافة القوى السياسية الوطنية. وقد أستمر هذا النهج في تقرير التنمية البشرية الثاني الذي ركز على تحليل واقع منظمات المجتمع المدني والشراكة التنموية بين جميع الأطراف في المجتمع (الدولة - القطاع الخاص - المجتمع المدني). وتناول صوفان عرضاً مختصراً لتقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني لعام 2003م، الذي أصدره المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في المنطقة العربية، والذي ركز على قضايا المعرفة وأهمية العلم والثقافة في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية في المنطقة العربية. واستعرض الدكتور عبدالعزيز بن حبتور نائب وزير التربية والتعليم إسهامات الدولة والحكومة في مجال التربية والتعليم، ومنطلقات الإستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي المقرة من الحكومة وجهود الوزارة لتصحيح وتطوير التعليم الأساسي في بلادنا. مؤكداً ان تنفيذها يستند على تفعيل دور المجتمع في العملية التعليمية وإعطاء الفرص لمنظمات المجتمع المدني والقطاع لخاص للإسهام بدوره في هذا المجال الحيوي الهام ، بعد ان شجعت الدولة الاستثمار في المجال التعليمي في مختلف مستوياته من التعليم الأساسي الى التعليم الجامعي. واستعرض الاخ علي لطف الثور رئيس اللجنة الإقتصادية بالمجلس العوامل التي تعيق عملية التطور الاقتصادي والتنموي. منوهاً إلى أهمية بناء مجتمع المعرفة من خلال إعطاء الأولوية لإكتساب تقنية الإنتاج وتطويره، معتبراً بأن الحرية والديمقراطية قواعد أساسية للنهوض التنموي ببعده الإنساني. مؤكداً على أهمية تشجيع الإبداع والابتكار والعمل ومكافأتها واجتثاث معوقاتها وكذا الاهتمام بالتعليم والتدريب النوعي والبحث العلمي في جميع المؤسسات الحكومية والأهلية. وأشار الى ضرورة بناء القدرات الذاتية بالعلم والمعرفة في شتى المجالات وبالعمل الجماعي بالاستفادة القصوى من تقنية المعلومات المتطورة في معالجة المعوقات التنموية واكتساب وتوطين الخبرة في شتى المجالات الاقتصادية. والعمل الجاد للقضاء على الامية وحل مشكلة البطالة وهجرة الكفاءات العلمية المدربة . منوهاً إلى أهمية تبادل الخبرات في المجالات الاقتصادية بين الدول العربية خاصة في مجال الاستثمارات وتنمية القدرات الذاتية للمجتمع، وكذا في مجال التقنية ووسائط المعرفة واكتساب المعلومة بحيث تصبح ميسرة وبأقل التكاليف. واستعرض الأحسن اللوزي رئيس لجنة الاعلام والثقافة والشباب والرياضة في المجلس عدد من الملاحظات حول تقرير التنمية الإنسانية العربية، وكذا ما يتعلق بوسائط الإعلام والتحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى استعراض واقع الثقافة العربية وإستراتيجيتها. مؤكداً ان التقرير قد أغفل الكثير من الجوانب المشرقة في الثقافة العربية ومفهومها الإنساني وهو ما يتطلب قيام جهد جماعي مثابر يستهدف التعامل مع اضاءات التراث المعرفي العربي عبر وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم يتجاوز التفاخر الأجوف إلى التمثل المتأصل لأسباب ازدهار المعرفة العربية في العقول والبنى المؤسسية العربية.. مشيراً إلى ان ذلك يتطلب أن يحافظ كل بلد عربي على الثقافات الفرعية التي ينظمها ويدعم فرص ازدهارها وتفاعلها مع بعضها البعض. كما أشار إلى أركان مجتمع المعرفة كنظام للحياة البشرية بهدف تطوير نهضة إنسانية في معظم الوطن العربي مع تأكيده على أهمية النهوض باللغة العربية، كما عرض عدد من التوصيات الهادفة إلى الاهتمام بالمعرفة وتكريسها نشراً وإبداعاً. بعد ذلك جرى نقاش حول ما تم عرضه في جلسة اليوم، حيث أشار المشاركون إلى أن الإصلاحات يجب أن تكون شاملة وغير مجزئة ومدخلها الرئيسي الديمقراطية بمعناها الإقتصادي والتنموي والمشاركة الشعبية وتأكيد حق المرأة فتلك هي عوامل نجاح أي مجتمع. هذا وسيواصل المجلس مناقشته للتقرير يوم غداً بمشيئة الله تعالى.