من بين منتجات ومشغولات يدوية وصناعات تقليدية كثيرة ارتبط اسمها باليمن عبر التاريخ، كان العقيق اليماني ، ولا يزال المنتج الطبيعي الأكثر شهرة والأوثق ارتباطا باليمنيين حتى اليوم. وعلى الرغم من اندثار معظم الحرف والصناعات التقليدية التي مارسها اليمنيون ، وهجران أصحابها لها بفعل ظروف وعوامل متعددة، لعل من أبرزها التطور الصناعي والاجتماعي ، ظل المشتغلون بصناعة استخراج وتشكيل العقيق يتوارثون هذه الحرفة جيل بعد جيل . ويرجع المشتغلون بصناعة العقيق عدم اندثار هذه الحرفة الى استمرار الطلب على العقيق الذي تحضي تجارته اليوم ، أكثر من أي وقت مضى، برواج كبير في كثير من الدول العربية والإسلامية. ويتمتع العقيق اليماني بشهرة تاريخية واسعة ، وورد ذكره في الكثير من المراجع والمصادر التاريخية القديمة. ويروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال " تختموا بالعقيق فإن فيه البركة". يقول الدكتور يوسف محمد عبدالله وكيل وزارة الثقافة والسياحة " العقيق حجر شبه كريم ، تشتهر به جبال اليمن ، لاسيما المحيطة بصنعاء وجبال آنس ..الشيء المهم في العقيق هو عملية قطعه وحكه وهي صنعة يمنية قديمة .. وقد أشار الهمداني الى العقيق في كتابه (الجوهرتين العتيقتين". وأكد " يقصد بالجوهرتين العتيقتين ، الذهب و الفضة ، ولكنه ذكر الأحجار الكريمة". ويتميز العقيق اليماني بخصائص فنية وألوان جميلة وجذابة ، فضلا عن الشفافية والبريق . وارتبط العقيق عند اليمنيين بأشياء كثيرة كالبن وأغصان القات ، واستعار الشعراء الأحمر منه للكناية عن الشفاه عند التغزل بالمرأة . يدلل الدكتور يوسف محمد عبدالله على ذلك بقول الشاعر: كل خمر علينا حرام .. غير خمر العقيق اليماني. و أردف قائلا" يقصد لثم الشفاه ". وهناك أكثر من عشرين نوعا من العقيق ، منها الأحمر و البني والأبيض والأصفر والأزرق والأخضر ، بالإضافة إلى المصور والمشجر والمزهر ، وهي أنواع تحمل رسومات وصور وأشكال متعددة . ويؤكد على مصلح الحداد ، وهو حرفي يشتغل بصناعة العقيق " بعض الفصوص تحتوى على رسومات أشكال طبعيه جميلة ، منها لفظ الجلالة ، او لا اله الله محمد رسول الله ، او صورا لأشخاص ومعالم بارزه". و أشار الحداد ، إلى أن أسعار مثل هذه الفصوص تكون مرتفعة . يرى الدكتور يوسف عبد الله أن الناس يحبون ان يتبركوا بالعقيق ، وأن يتخيلوا صورا عديدة على صفحاته الشفافة ، وإن كان معظمها تشكيلات طبيعية". وقال الدكتور يوسف ،وهو يرأس ايضا الهيئة العامة للاثار والمتاحف والمخطوطات "اليمنيين القدماء ، كانوا فعلا ينقشون على العقيق أشكالا حيوانية و آدمية ، وبعضها تعبر عن تمائم وتعويذات". وارجع شهرة العقيق اليماني الى "جودته وحسن تسويقه". وتختلف أسعار فصوص العقيق اليماني تبعا لاختلاف ألوانها وأحجامها وطريقة قطعها وتشذيبها . يقول على محمد الماطري (حرفي في صناعة العقيق).. " العقيق الأحمر هو افضل أنواع العقيق .. وهو نادر ومطلوب ، وكلما اشتدت حمرة العقيق زادت قيمته". و أضاف " لكل فص سعره .. فص قيمته آلفين ريال .. وفص ثلاثة آلف ..وفص قيمته ثلاثين آلف .. وفص قيمته يصل الى أكثر من مائتي الف ريال". وأصبح للعقيق هذه الأيام هواة كثيرون في العديد من الدول العربية والإسلامية يجمعون النادر منه ، ويتبادلونها مع غيرهم بالبيع او بالشراء. و أطلق بعضهم مواقع على الإنترنت للترويج بما لديهم من قطع نادرة من هذا الحجر الكريم. وبحسب المشتغلين في تجارة العقيق يكثر الطلب على هذا الحجر الكريم في السعودية ودول الخليج ، والعراق وايران وسوريا ، نظرا لما يتميز به من خصائص جمالية متعددة . لكن لا يقف الجمال وحده فقط وراء شهرة العقيق ورواج تجارته في اليمن والدول المجاورة . ولا يزال هناك الكثير من الناس يعتقدون بشكل راسخ ، إن أنواعا من العقيق تجلب الرزق ، والخير ، وتدخل الفرح والسرور والسعادة الى القلب ، وتشفي الكثير من الأمراض ، كما تمنح الزوجين المتقدمين بالسن كثيرا من الشباب والحيوية. ويذهب الحاج محمد سالم عبد الله النعامي(73) عاماالى ان " العقيق الأحمر والبني يجعل الإنسان متفائلا ويشعر بسعادة بالغة .. وإذا كنت تعاني من الرعاف ضع خاتم به فص من العقيق الأحمر على يدك ، سيكون فيه العلاج بإذن الله".