من المقرر ان تبدأ يوم غد الاثنين بالعاصمة البحرينية المنامة اعمال الدورة الخامسة والعشرين للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية . ولاشك في أن قمة هذا العام تعد محطة سياسية مهمة على طريق التعاون بين دول المجلس غير ان السؤال المهم هو هل يمكن ان تكون هذه القمة مختلفة عن القمم السابقه بمعنى هل يمكن لهذه القمة ان تتخذ قرارات اكثر جرأة ازاء القضايا والتحديات التي تواجه دول المجلس . يرى بعض المحللين والخبراء انه من الطبيعي أن تكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها من القمم بحكم اختلاف الظروف والسياق السياسي الذي تنظم فيه. ويؤكدون على أن قمة المنامة تنطوي على أهمية استثنائية سواء في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية الراهنة أو في ضوء تنامي التحديات التي تواجه دول المجلس على مستويات شتى إذ ستجد القمة نفسها - تلقائياً - في مواجهة ملفات وقضايا قد تؤثر مستقبلاً في العلاقات البينية بين دول المجلس، وهذه القضايا تتطلب قدراً كبيراً من المكاشفة والمصارحة والمرونة بين الدول الأعضاء، حتى يمكن الحفاظ على تماسك المجلس واستمراريته وضمان تحقيق أهدافه بطريقة فاعلة. ويرى غيرهم أن اختلاف هذه القمة عن القمم السابقة لا يتحقق فقط باختلاف لهجة الخطاب السياسي المتضمن في البيان الختامي الصادر عنها في نهاية الاجتماعات، لجهة المرونة أو الشدة في التعاطي مع القضايا والملفات المطروحة على أجندة القمة، ولا يتحقق هذا التمايز أيضاً عبر تعدد وتباين القضايا والملفات التي يعلن عن طرحها على طاولة محادثات القادة، ولكنه يتحقق عملياً عبر الخطوات والإجراءات الملموسة التي يمكن أن يتم الاتفاق عليها بين القادة من أجل مواجهة القضايا المثارة وتفادي أي مشكلات أو عقبات تواجه مسيرة مجلس التعاون، وكذلك بتقريب وجهات النظر حيال بعض المسائل الطارئة التي يمكن أن تؤثر في مستوى التنسيق والتعاون مستقبلياً بين دول المجلس. وبالمقابل يرى مراقبون ومحللون آخرون ان قمة المنامة لا يمكنها بحال ان تكون قمة مختلفة ذلك انه و على الرغم من التحولات الإقليمية والدولية الكبرى التي ستعقد في إطارها القمة، فإنه من غير المتوقع أن تكون هذه القمة مختلفة بدرجة كبيرة عن سابقتها، باعتبار أن مواقف وسياسات دول المجلس بشأن العديد من القضايا الخليجية والإقليمية والدولية، التي سيتضمنها البيان الختامي تكاد تكون معروفة. ويشيرون الى أن دول المجلس اعتادت تجنب المواقف الحدية والمتطرفة بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وبالتالي فإن الجديد الذي يمكن أن تطرحه هذه القمة سيكون محدودا في أفضل الأحوال. ورغم هذا الاختلاف حول ما يمكن ان يصدر عن القمه الا ان هناك شبه اجماع على الملفات والقضايا التي ينبغي ان تقف امامها القمة وتناقشها باستفاضة وفي مقدمتها ملف عقد اتفاقات التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون منفردة والولايات المتحدةالأمريكية و الدعوات والمقترحات المثارة حول بناء مؤسسات وصياغة أطر تعاون إقليمية جديدة وهذه نقطة بالغة الأهمية بالنسبة إلى مستقبل مجلس التعاون كتجمع إقليمي فاعل. ويرى اولئك الخبراء انه بات من الضروري الاتفاق على أطر وقواسم مشتركة تفرق بين الالتزام بروح ومنهجية العمل الجماعي داخل منظومة مجلس التعاون من ناحية، وبين مصلحة كل دولة من الدول الأعضاء من ناحية ثانية بحيث لا تعمل إحداهما في اتجاه مضاد للأخرى. ومن القضايا التي ينبغي مناقشتها قضية مستقبل علاقات دول مجلس التعاون مع العراق في ظل ضبابية المشهد السياسي الراهن وما يمكن أن تفرزه الانتخابات العراقية المقبلة،بالاضافة الى التحولات المرتقبة والتغيرات بالنسبة للقضية الفلسطينية، فضلاً عن ملف الإرهاب الذي يفرض نفسه بقوة على أجندة القادة لاسيما أن القمة ستعقد في أعقاب استهداف القنصلية الأمريكية في مدينة جدة السعودية. وبالإضافة إلى ذلك هناك ملف الجزر الإماراتية التي تحتلها ايران وهي القضية التي لم يعد بالامكان الاستمرار في التعامل معها بطريقة روتينية وصار لازما الوقوف الجدي أمامها لاقناع إيران على الجلوس لطاولة المفاوضات او القبول بالتحكيم الدولي . فهل ستكون القمة الخليجية قادرة على اتخاذ مواقف وقرارات جديه ازاء هذه الملفات ام انه ليس بالامكان احسن مما كان !