يظل معنى الام سرا غامضا يحضن في طياته مشاعر رقيقة ومرهفة وحساسة وتظل الام هي المرفأ الذي يشتاقه جميع من تستهويه نفسه للبحر والسفر للوصول الى العطف والحنان واليوم وفي عيد الام لا يجيد الكثيرسوى لغة الانحناء لتقبيل يديها الطاهرتين . في هذا اليوم حاولنا تسليط ضوء خافت حول الاحتفاء بعيد الام وكثيرا من التقينا بهم اختلفت مظاهر احتفالهم بهذه المناسبة في حين اعلن البعض مقاطعته للاحتفال مصرحا انه حرام .. عيد الام فرصة للمصالحة لم تقتنع غدير بأي من الهدايا التي عرضها عليها اصحاب المعارض ومحلات التحف والهدايا ورأت ان كل ما عرض عليها من هدايا عجز عن التعبير لذلك الحضن الدافئ ولتلك المشاعر الفياضة بالحب والعطف لذا قررت غدير ان تكون هديتها معنوية مغلفة بالطاعة والإنصات وكذا الاحترام والتقدير هكذا كان احتفالها بعيد الام .. اما بالنسبة لامل فقد فضلت انتهاز فرصة المناسبة في مصالحة والدتها بعد فراق دام سنتين واعتبرها جميع افراد عائلتها اعظم هدية قدمتها امل في هذا اليوم . واختلف الوضع مع احلام وسهام حيث رفضتا لاحتفال بعيد الام بمفردهما بل اعتادتا منذ ثلاث سنوات على اشراك جاراتيهما ام احمد وام خالد في هذه المناسبة لان والدتهما تكن لهما كثيرا من الحب والاحترام وترى كلا من احلام وسهام ان الاحتفال بالمناسبة امر شكلي ومجاراة لما يحدث في الواقع المعاش رغم تأكيدهما ان اغلب الحي اللذان يسكنان فيه في بير عبيد لا يحتفلون بهذه المناسبة لانهم يرون انها بدعة . وقد حظيت والدة سهام واحلام وام خالد وام احمد بهدايا رمزية قد جمع ثمنها قبل شهور كما اشارت الاختين . واكدت ثريا ان هدية والدتها لم تكن محيرة مقارنة بهدية عيد ميلاد زوجها الذي يصادف في نفس اليوم وكذلك سعر الهدية لانها تفضل ان تكون هدية عيد ميلاد زوجها مميزة في كل عام لذلك لا تمثل المناسبتان لثريا هما بقدر تحديد الهدايا واسعارها . في حين ترى بلقيس وملاك وليلى ان لا وجود لهذة المناسبة في حياتهن وان الام تكرم في كل وقت والعيد كما وضحت لهم معلمة المدرسة انه عيد النصارى ولاعلاقة للمسلمين بهذا العيد والاحتفال به حرام . يأمل منير 28عاما ان يكون عيد الام فرصة لمصالحة امه التي مضى عليهما في خصام اكثر من شهرين رغم انه ليس من الموافقين على احياء مثل هذه المناسبة لانها كما يقول من المناسبات الغربية إلا ان الظروف سوف تتيح له استغلال المناسبة لمحو الخلاف مع امه اذا نجحت هديته التي انفق عليها مبلغا كبيرا لانها من الذهب الخالص ومن الاشكال التي تمتدحها امه دوما . اما اكرم الطالب في الثانوية العامة فقد هداه نقاش مع زملائه في الصف الدراسي على ان يبحث كل واحد منهم عن اكثر شيئ تحتاجه امهاتهم سرا دون معرفة احد بذلك ليكون مفاجأة تزيد من حبهن لهم وبعد ان الححنا عليه ان يقول لنا ماهي هديته لامه وكذا هدايا زملائه بوعد مسبق اننا لن نفسد عليهم متعة المفاجأة. اخرج اكرم من جيبه ورقة صفراء سجل عليها عشرة من اصدقاءه عددا من الاحتياجات التي تباينت من حقيبة اليد الى علبة مكياج وقطعة قماش والى احتياج ام اكرم نفسه الذي كان تسديد قسط مدرسته الذي كان اكبر من قدرته البسيطة على تقديمه كهدية لامه فقرر ان يقدم لها جلبابا جديدا . ولعيد الام فائدة أصبحت الأعياد والمناسبات التي يحتفي فيها الناس بمشاعرهم فرصة للتجار والبائعين لكل صغيرة وكبيرة من الورود الى التحف والهدايا وحتى المجوهرات والحلي وفي عيد الام يصر علي على انه اقتنى لمحلة الواقع في شارع تجاري مميز أفضل الهدايا التي يمكن ان تقدم للام بل انه تسابق في ذلك مع عدد من زملائه التجار في احضار بعض التحف والمجسمات التي تجسد الأمومة وتعبر عن الحنان وكذلك السجاجيد الخاصة بالصلاة والسبح وعلب الحلي بل وحتى قطع القماش المميزة..لذلك تفضل عبير باقة ورد صغيرة تدفع عربونها الى غد على ان تقع هي وأمها ضحية مزايدة علي عليها في دفعها لشراء مجسم كبير لمريم العذراء تحمل عيسى المسيح بين ذراعيها . الهداية اكبر هدية الحجة صفية والتي حفرت عليها العقود الستة تجاعيدا كثيرة توحي لناظرها ان الزمن وتجاربه كان لها الاثر الكبير في تغيير ملامحها لا تريد في هذه المناسبة سوى ان يصلح الله حال ابناءها الاربعة اللذين فرقتهم مشاغل الحياة عنها وتقول ويديها مرفوعتان الى السماء ( انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء . ومع اختلاف البعض في كيفية احياء المناسبة واتفاق البعض الاخر في اهمالها لعدم اهميتها وحضورها في المجتمع المسلم تظل جميعها شكليات ولن تؤثر في ذلك العطاء المتجدد لان الام سواء تم تقديرها او اهملت تبقى العصا التي يتوكأ عليها الجميع من عثرات الزمن وتظل كتلة العواطف والمشاعر الرقيقة التي تغمر بعاطفتها جميع البشر هي الطاقة التي يستمد منها حياة جديدة .