قراءة المشهد اليمني والتوقع بما يمكن أن يأتي به الغد يبدو مجازفة في التحليل السياسي لبروز الكثير من التداخلات السياسية والعسكرية والقبلية الاجتماعية ، إلا أن التوقع أو التنبؤ بما سيؤول إليه النظام الحاكم في اليمن لا يختلف عليه اثنان من حتمية السقوط وما يحكم هذه الحتمية هو الصمود السلمي للشباب اليمني وعدم الانجرار إلى خطوات غير مدروسة ، فضلا عن عامل الزمن الذي يستند إلى ما سبقه ويرتكز عليه . والرهان على هذه العوامل هو رهان على نجاح الثورة المتزامن مع رهانات النظام التي تعتمد على أوراق و فزاعات واسطوانات مشروخة سئم الشعب اليمني منها ، ولم يعد بحاجة إلى القراءة والتحليل والاستنتاج وانتظار نتائج التحقيق من دولة اللاحقوق ونظام اللانظام . وبما أن الرهان على صمود الشباب المستند على العزيمة الصلبة التي تتجلى كل يوم مع نسائم الحرية المنبعثة من ساحات التغيير في الجمهورية التي تنقي الهواء في وطن عبث فيه الفساد ثلاثة عقود ،والرهان أيضا على عقلانية وسلمية الثورة قان الزمن يصبح بالنسبة لنا كشباب هو ذلك المسرح المنقوش كل يوم بيوميات الثورة ،ويصبح الزمن أيضا هو ذلك القناع الذي يكشف كل يوم عن الوجه الحقيقي لنظام لطخت يداه بدماء الوطن واستند بقاء كرسيه على المساومة على كرامة المواطن وترابه الطاهر . هذا القناع الذي يبدوا عليه ملامح القذاذفية تظهر حقيقته كل يوم وتتجلى للعلن ،وكل لحظة تزداد قتامه هذا النظام سوادا ،بقدر نصوع ونقاء الثورة المشروعة المترافقة مع الدماء العطرة والزكية للشهداء ليتجلى العلم اليمني بألوانه الناصعة الثلاثية التي تسطر لوحته بلحظة واحدة لا تختزلها الأحقاب . فالمتابع لأسلوب التعامل مع ثورة الشباب يدرك بما لا يدع مجال للشك أن النظام اليمني لم يستفيد من الأنظمة السابقة في تونس ومصر وليبيا ، بل يبدوا عليه انه سيطبق كل التجارب التي جربتها الأنظمة السالفة الذكر في مقاومة الثورة ،وغاب عن النظام استلهام النتيجة النهائية التي تحكم الفوز لإرادة الشعوب . فالنظام اليمني الذي أوفد موفدا خاص للقذافي ليستفيد من تجاربه بدئت تبرز نتائج الزيارة واقعا على الأرض ،وبنفس المنهجية الشعواء بعد أن نفذت عليه كل الخيارات فالجيش والأمن انحاز لخيار الشعب ،فاستخدم النظام خيار البلاطجة من مصر بنسخة مطورة ليفشل أخيرا ، فيستلهم صالح ونظامه خيارات القذافي بنسخ مطورة ومستحدثة تستند إلى ارث سابق للنظام باستخدام المسرحيات الهزيلة التي أصبحت بالنسبة لنا مالوفه لم تأتي بجديد. فما حدث في جعار بمحافظة ابين وسقط ضحيته العشرات من الشهداء يوحي بان هذا النظام مستعدا لان يستنفذ كل الخطط التي تتعارض مع القوانين والأنظمة الدولية والشرائع السماوية فقط من اجل البقاء ولو لأيام معدودة ، وعند الوقوف على تفسيرات فضائية النظام وقناة سبأ (التي لو سمعت بها بلقيس وشاهدتها لتبرأت من اسم مملكتها )،فبحجم ما ادمي الفؤاد من الجريمة نتيجة سقوط العدد المخيف من الشهداء ،فإنها كشفت عن سقوط كل الخيارات أمام النظام الجاثم ولم يبقى أمامه سوى مسرحيات هزيلة تذاع كل يوم على أبواق قنوات النظام ،يعتقد المحللون أن طاقم هذه القنوات لولا شظف العيش لأعلنوا العصيان والتمرد . هذه الجريمة التي أقدم عليها النظام مع تواتر الأدلة والشهود ، هي إضافة لما سبق من تاريخ نظام حافل بمسرحيات القاعدة والطرود ، في ظل إفلاس الإخراج والإعداد فضلا عن كونها أوراق مخجلة لا يزال النظام يتغنى بها على أمل المباركة الدولية وتناسى هذا النظام أن الكراسي في الألفية الثالثة لم تعد تحكم بالولاء للبيت الأبيض وإنما لإرادة الشعوب الحرة . وفي ظل همجية النظام الحاكم وحكمة الثوار فان إحراق هذه الورقة الأخيرة التي أقدم عليها النظام قد تأتي بنتائج تصب رمادها و قذائها على النظام وبال وخزي ، ستتجلى هذه الحكمة بتلاحم الجميع في لوحة تعزز الوعي لدى الشباب اليمني تنطلق من القيام بجنازات تشييع رمزية والصلاة على الغائب من قبل كل المشاركين في ساحات التغيير في الجمهورية لأرواح كل الشهداء ، وأتمنى أن تكون الجمعة القادمة على أرواح شهداء مجزرة جعار بما سيضفي ذلك من روح معنوية ستتحطم عليها كل فزاعات وأوراق النظام المتهاوية وتصل للرئيس صالح رسالة مفادها يا صالح ما تقوم به عمل غير صالح .