دخل المغرب اليوم عهداً جديداً تمثل بإعلان العاهل المغربي محمد السادس بلاده “ملكية دستورية”، من خلال تعديلات دستورية تخلى بموجبها عن سلطات واسعة كانت لديه إلى الحكومة التي باتت تتمتع بصلاحيات تنفيذية يتم اختيار رئيسها من الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية المباشرة، كما يحق لرئيس الحكومة حل البرلمان . وتنص التعديلات الدستورية، التي ستطرح في استفتاء شعبي في الأول من يوليو (تموز) المقبل، على فصل السلطات وتوازنها وتعاونها، وعلى الديمقراطية والمواطنة، والمشاركة، وربط المسؤولية بالمحاسبة . أحسن الملك محمد السادس فعلاً، لأنه كان المبادر إلى التغيير، ذلك أنه قرأ التاريخ جيداً، كما قرأ باكراً تداعيات الحراك الشعبي العربي، وأدرك أن لا مناص للحاكم إلا أن يلبي تطلعات شعبه في التغيير إذا ما أراد لبلده الأمن والأمان والنماء، والعبور إلى العصر وآلياته وأدواته من خلال تكريس حق المواطن في الحرية والديمقراطية والعدالة . أدرك العاهل المغربي أن التغيير سنة الحياة، ولم ينتظر أو يماطل أو يتجاهل، بل أطلق بنفسه آلية التغيير من خلال تعديل الدستور، ثم أشرف بنفسه على ذلك وحدد مهلة للجنة التعديل ووفّى بعهده، وبذلك جنب المغرب محاذير ومخاطر وقع غيره فيها وعرض بلاده لمخاطر الانقسام والحروب الأهلية والتدخلات الأجنبية . عرف الملك الشاب الذي استشرف المستقبل، أن لا مستقبل لأي بلد إذا لم يتغير، لأن البقاء في الماضي يعني العدم، لذلك أطلق آلية التغيير باعتبارها حتمية تاريخية . لقد نفض عن وجه المغرب إرثاً بات يشكل سداً أمام التقدم والرقي والانطلاق إلى رحاب الحرية، وبذلك صار المغرب نموذجاً عربياً جديداً في التغيير السلمي الديمقراطي . هكذا يتصرف العقلاء والحكماء الذين يحرصون على أوطانهم وشعوبهم .