طالعة على عجل كعادتي ليلة ما قبل البارحة على موقع التواصل الفيس بووك وإذ بشخص يرسل في مقدمة صفحاتي الخاصة للفيس مقاطع منقولة من إحدى القنوات لمؤتمر صحفي الذي إجراءه القائد العام لشرطة دبي السيد ضاحي خلفان , وبعدما تأكدت في بداية اللقاء من صوت وصورة شخص ضاحي خلفان , انتابني شعور شديد لدرجة الفضول لمعرفة محتوى اللقاء بكاملة المسجل في شريط الفيديو المدون بتاريخية على صفحات اليوتيوب , وتسألت مع نفسي كثيراُ بعد تفكير عميق ماذا يمكن أن يضيفه السيد ضاحي ,وما هي أسباب تزامن اللقاء الصحفي الذي اعتبرته رسالة رسمية خليجية جاءت بشكل مفتوح تزامنت مع موجة رياح الربيع العربي التي تعصف ببعض الأنظمة العربية , وهل هناك لدية وجهة نظر خليجية مغايرة تجاه الوضع الجديد , وهل هناك ستكون أي قراءات سياسية مختلفة تحملها أفكار السيد خلفان ومن يقف خلفه , وبالذات بعد أن التزمت دولة الإمارات العربية الصمت والحيادية لفترة من الزمن إزاء كل تلك المتغيرات والتحولات السياسية ولم نرى أي مواقف رسمية واضحة , على الرغم من حزمة مواقف الإمارات الطيبة في الماضي تجاه قضايا الأمة العربية التي اتخذتها الحكومة الرشيدة في زمن الشيخ الحكيم والشجاع وقائد الأمة العربية المغفور لهُ بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان إل نهيان طيب الله ثراءه صاحب المواقف التاريخية الشجاعة والقوية وبالذات تجاه القضية الجنوبية أثناء حرب الاجتياح والاحتلال في صيف 94م وغيرها من المواقف , وبالتالي ما كان مني في الحقيقية إلا نصّح نفسي التي أجبرتها على التحلي بنوع من الصبر لمعرفة مضمون وجوهر حديث السيد خلفان في المؤتمر الصحفي , من ثم بدأت في تشغيل شريط اليوتوب بالفعل تفاجئت وأدهشتنا صراحة وأسلوب السيد ضاحي المتواضعة وابتسامته الصفراء التي كانت تحمل كثير من المعاني الغامضة وعدم رضا وقلق رجل الخبرة الأمنية الطويلة بالإطماع والمخاطر والتهديد الحقيقي الذي يحدق ويزعزع الأمن والاستقرار في دول الخليج , وكيفية مواجهته في ظل سياسة الإرهاب الأمريكي في المنطقة التي أشار إليها بشكل واضح دون أي تحفظات أو تخوفات . ولعل قلق دول الخليج الذي عبر عنهُ السيد خلفان تمحور من خلال ثمانية وثلاثين نقطه شرحها بشكل مفصل وبشفافية وصراحة متناهية , وحسب ما عرفته من البعض انزعاج السفير الأمريكي الحاضر في المؤتمر أدى إلى انسحابه , على أي حال وكما يبدو أن الكيل قد طفح عند الأشقاء الخليجيين بعد أن كشف السيد ضاحي عن وجود اختلالات في المنظومة الخليجية الذي تسببت فيها دولة خليجية تغرد خارج السرب , وفي اعتقادي كان يقصد بالتوجهات السياسية الخاطئة التي تتبنها دولة قطر , لاسيما المغامرة الكبرى التي تخوضها دون إدراك عواقبها , والتي تجاوزت حجم وقدرات قطر الطبيعية من خلال دعمها السخي في كثير من الجوانب إعلامياً ومادياً ولوجستيا وعسكريا وسياسياً للتيارات الإسلامية المتطرفة الثائرة ضد بعض الأنظمة العربية .
تلك التيارات التي أنتجتها الصراعات والحروب بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي آنذاك على ساحات القتال في أفغانستان,حقق فيها المعسكر الرأسمالي الأمريكي الانتصارات من خلال التيارات الإسلامية المتطرفة التي كبدت الجيوش السوفيتية في الأراضي الأفغانية التي اجتاحتها في أواخر السبعينات الخسائر البشرية وأجبرتها على الانسحاب , لكن أمريكا تمسكت بل راهنت على بقاء التيارات المتطرفة العائدة من أفغانستان بنمط أخر وخطير لاستخدامها كورقة ضغط وفزاعه تبتز بها دول الخليج , تحت ذريعة ما تسمى بالحرب المقدسة ضد الإرهاب وعلى أوكار الإرهابيين , وربما كان السيد خلفان محق لاستشعاره بالخطر الأمريكي القادم من هذه التيارات المتطرفة على دول الخليج . وهناك الخطر الأخر هو البعبع الإيراني وبرنامجها النووي الذي لم يخفي قلقه السيد ضاحي وتطرق بجراءة بالغة تحترم لم نعتاد على سماعها من غيره , عندما قدم النصح لدول الخليج بعدم التورط والسماح باستخدام أراضيها في أي حرب متوقعة ممكن أن تشنها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد إيران , مذكراً دول الخليج الحرب على العراق ومن كان المستفيد الأول من نتائجها , بمعنى أدق يقصد أن التهديدات الأمريكيةلإيران تندرج في خانت الفرضيات على حساب امن دول الخليج , ولا شك أن رسالة السيد ضاحي كانت في غاية الوضوح ومفادها أن هناك بروباجندا ولعبة مكشوفة مشتركة قد تكون غير مباشرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج بين الإدارة الأمريكية وبين المرجعية الإيرانية لتكثيف الحضور العسكري الإيراني في منطقة الخليج كجزء من عملية الابتزاز الأمريكي لدول الخليج ,وفي تصوري أن دول الخليج استوعبت دروس الماضي , ولا تحبذ تكرار تلك التجارب الماضية القاسية التي أنهكتها وكبدتها الكثير من الأعباء والخسائر في الحروب التي خاضتها أمريكا في المنطقة والتي كانت تكاليفها باهظة جداً أضرت بخزينة دول مجلس التعاون الخليجي وأثرت على أمنها واستقرارها . من الواضح أن السيد خلفان لم يخطئ بخصوص البعبع الإيراني بل على العكس أعطى صورة شبه متكاملة حول استحالت تطوير إيران قدراتها النووية مستقبلاً في المجال العسكري ألا في حال تمكين الولاياتالمتحدة حصول إيران على تكنولوجيا تقنيات أجهزة عالية التخصيب التي تمكنها من تامين وتطوير هذا السلاح الخطير , ومن الطبيعي إذا كانت إيران تمتلك تلك القدرات التقنية العالية لما انتظرت في إجراء أول تجاربها النووية مع كل تلك التهديدات الأمريكية والإسرائيلية , كما حدثت سابقتها من تجارب في الهند ومن ثم باكستان , وبالتالي الزوبعة الإعلامية المستمرة منذُ السنوات الماضية حول التهديدات النووية الإيرانية لدول المنطقة وخصوصاً دول الخليج ما هي إلا جزء من الإرهاب الأمريكي تجاه المنطقة وهذا ما أشار إليه السيد ضاحي خلفان .
ولربما أن الشيء المثير للاهتمام والإعجاب حقاً طرح السيد خلفان آليات الحلول الضرورية والمناسبة التي وضعها بصورة مباشرة لمعالجة الوضع الخطير المحدق باستقرار وامن دول الخليج عبر خطوات جريئة تخفف من استمرار استفحال ظاهرة الإرهاب والابتزاز السياسي التي تمارسها الامبريالية الأمريكية القائمة على الهيمنة الاقتصادية والإرهاب السياسي في ظل احتكار نظام القطب الواحد التي يعاني منها العالم منذ العام 1990م بعد بروستريكا الاتحاد السوفيتي ,من خلال الإطاحة بالمارد الاقتصادي الأمريكي في المنطقة الخليجية وإيجاد بدائل ملائمة عبر فتح أسواق الاستثمارات في روسيا الاتحادية التي اتخذت من النهج الاقتصادي باب أساسي للمنافسة القوية للأسواق الأمريكية , وبالتالي تبقى رسالة السيد خلفان أن صدق حادة للجانب الأمريكي وواضحة تحمل في طياتها النّصح إما تغير نهج وحجم الإرهاب السياسي أو تحويل الاستثمارات الخليجية الاقتصادية العملاقة نحو الدب الروسي .
لا يخفى عليكم تناول ذلك المؤتمر لكثير من القضايا التي تهم امن واستقرار دول الخليج ولم يحالفني الحظ لإكمال شرح باقي تفاصيله كؤنها متشعبة وشائكة , لكن ما دعاني الاهتمام إليه و تسليط الضوء حول ما تناوله جهراً رجل الأمن السيد خلفان في سياق حديثه ذاته حول موضع الإرهاب وخصوصاً الإرهاب السياسي الأمريكي , وبالتالي هذه المسألة تشغل تفكيري دائماً وتشعرني بأن السيد ضاحي خلفان في شرحه المطول لم يبعد كثيراً عن ما يجري في الجنوب , ثم إني لم أجد تعليل أو سبب في وجود الإرهابيين وتعاظم عملياتهم في الجنوب التي أصبحت ظاهرة مزعجة ودخيلة على الأراضي والمواطن الجنوبي الذي لم يعرفها قط قبل الوحدة , لكني في الحقيقية ولا اخشي لومت لائم ربطت أسباب هذه الظاهرة بكل ما قاله السيد ضاحي , ثم استنتجت أن الجانب الأمريكي جزء منها لأننا على يقين من إدراك ومعرفة الجانب الأمريكي خيوط تلك الشبكة الإرهابية المركبة وانتماءاتها لقوى سياسية في الشمال من عناصر الحرس الجمهوري والأمن المركزي اليمني والعناصر الاستخبارتية اليمنية والفرقة الأولى مدرع بالإضافة عناصر القوى الظلاميه والتخلف من حزب الإصلاح والشباب المؤمن المغرر بهم , ومع كل ذلك نرى الإدارة أمريكية تغض النظر عن تلك الحقائق الدقيقة وتقوم بعمليات جوية تستهدف المدنيين ,بل ربما من المؤسف أن تكون هناك علاقة وطيدة متبادلة بين هذه الشبكات الإرهابية المفتعلة وبين الجانب الأمريكي على غرار ما قاله السيد ضاحي خلفان , فتارة يخرج السفير الأمريكي السيد جيرالد فايرستاين من صنعاء بتصريحات فضة مقلقة ضد الحراك الجنوبي يرش سيل من الاتهامات ضد الحراك السلمي الجنوبي المشروع وأهدافه النبيلة , وأحيانا بكل بساطة ينسب الإرهاب لشعب الجنوب ومن ثم يعدل عن ذلك بتهم التواطؤ المد الشيعي الإيراني مع الحراك , هذا يكشف مدى ازدواجية معايير السياسة الخارجية للولايات المتحدة بين نزاهة تبنيها واحترامها للعملية الديمقراطية ودعواتها لإحقاق حقوق الشعوب وإقرار حقها في تقرير مصيرها , وبين تصرفاتها في صناعة أبشع طرق الإرهاب السياسي الذي وصل إلى مراحل متطورة من الإبداع وفقاً لمبادئ تحقيق المصالح العليا الأمريكية على حساب حقوق الشعوب . لكن تبقى الاستفسارات المحيرة كيف وأين تكمن بالتحديد المصالح الأمريكية في الجنوب بينما يشترك الجانب الأمريكي بشكل غير مباشر في نشر الفوضى وعدم الاستقرار من خلال المغالطات والتشويه الإعلامي للقضية الجنوبية , وعبر مد يد العون لقوى سياسية شمالية متنفذة في الجنوب التي تصنع عاهة الإرهاب على الأراضي الجنوبية ؟؟؟؟؟ . بتصوري الشخصي كان ينبغي على الجانب الأمريكي دخول البيوت من أبوابها من خلال قراءة المشهد السياسي في الجنوب بطريقة صحيحة ترتقي بديمقراطيتها أفضل طريقه لها للحفاظ على مصالحها العليا بدلاً من الوقوع في فخ بركة الإرهاب النتنة, وحتماً سيأتي اليوم الذي سينقلب سحر الإرهاب والإرهابيين على كبيرهم الأمريكي الذي علمهم سحر الإرهاب , ونقول للسيد ضاحي خلفان أن الإرهاب الأمريكي مصدر قلق للجميع وليس لدول الخليج فقط ...