تنتشر روائح الديزل المحروق من مولدات الطاقة المحلية خارج متجر اليوسف للهواتف الجوالة في شارع القصر في المنطقة التجارية في العاصمة اليمنية، صنعاء.يشتكي البائع حسين محمد، وهو بائع، من أن العمل الذي كان يدر عليه 450 دولاراً شهرياً تباطأ إلى نصف هذا المبلغ في الشهر الماضي. وتعني دورة التراجع هذه أنه بالكاد قادر على تغطية الإيجار، بينما ترتفع تكاليف ممارسة النشاط التجاري بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة. ويواجه اليمن عجزاً حادا في الوقود، يُزعم أنه بسبب مهاجمة رجال قبائل في مأرب مصافي التكرير. وبينما ترتفع درجات الحرارة في الصيف، تصبح المولدات التي تعمل على الديزل ضرورية للغاية لكل شيء، من الإبقاء على الإمدادات الغذائية للمدن إلى ضخ المياه إلى المنازل. وارتفعت أسعار الوقود إلى 15 دولاراً لكل 20 لتراً في السوق السوداء، أي ثلاثة أضعاف السعر الرسمي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المياه بما يراوح بين ثلاثة وسبعة أضعاف، اعتماداً على المنطقة، كما يقول برنامج الغذاء العالمي. ويقف السائقون في طوابير عند محطات الوقود في صنعاء، متسببين في زحام شديد في شوارع المدينة الرئيسية. ويمتد أحد الصفوف إلى أكثر من كيلو مترين، بينما ينتظر السائقون يوماً أو أكثر للحصول على الوقود. وبعضهم ينام في سياراته، أو يلجأ إلى شراء الوقود المهرب المحمول في براميل على شاحنات صغيرة. ووقود الطبخ المعبأ في أوعية سعة أربعة لترات نادر أيضاً. ويلجأ الفقراء إلى استخدام الحطب. وحين سئلوا عن هذا الوضع، اشتكى عدد من المواطنين الحانقين من أن الدولة تتعمد زيادة معاناتهم لتحويلهم ضد المحتجين الذين ظلوا يضغطون منذ كانون الثاني (يناير) الماضي من أجل تنحي الرئيس علي عبد الله صالح. ويقول علي صدقة، المحاسب البالغ من العمر 32 عاماً: ''تحاول الحكومة خنقنا. نحن ندفع ثمناً غالياً، بينما يعيشون في القصور. كيف استطاعت مصر ب 80 مليونا من السكان تجنب مواجهة عجز في الكهرباء، أو الوقود خلال ثورتها؟ مبارك ملاك بالمقارنة مع صالح''. بينما تتعمق الأزمة السياسية اليمنية، تقترب البلاد من حافة انهيار اقتصادي. وتتباين حسابات البنك المركزي من احتياطي العملات الأجنبية. وأشارت أحدث أرقام رسمية نشرت في شباط (فبراير) إلى احتياطيات حجمها 4.9 مليار دولار، لكن خبيراً أجنبياً يقول إنها تراجعت إلى أربعة مليارات دولار. ويقول مصطفى نصر، وهو رئيس مركز للدراسات الاقتصادية في صنعاء، إن الاحتياطيات الآن تراوح بين 2.2 مليارات دولار وثلاثة مليارات. ويضيف: ''طلبنا من الحكومة تقريراً واضحاً عن الاحتياطيات، لكنها لم تجب''. ويتابع: ''كانت الحكومة تنفق بقوة، ليس فقط على السلع الرئيسية، وإنما كذلك على شراء الموالين''. وتتضخم الأجور في الخدمة المدنية والقطاع العسكري من خلال موظفين وهميين، بحسب المعارضة ومراقبين غربيين، الأمر الذي يجعل رجال الأعمال الأثرياء المقربين من النظام ينقذون الحكومة. وتراجعت قيمة الريال اليمني بنسبة 10 في المائة خلال أربعة أشهر، وجمدت البنوك خطابات الاعتماد الخاصة باستيراد الأغذية، كما يقول المسؤولون. كذلك لم يتسلم اليمن كثيرا من الدعم الخارجي، أو من الوكالات الدولية. ويقول دبلوماسيون إن صفقات المساعدات المالية الغربية والخليجية مشروطة بتنحي صالح وتوقيعه على مبادرة مجلس التعاون الخليجي الخاصة بنقل السلطة. ولتخفيف أزمة الوقود، تبرعت المملكة العربية السعودية بثلاثة ملايين برميل من النفط، ذهب بعضها إلى السوق السوداء. وأثناء ذلك توزع الوكالات الدولية في المناطق الريفية والجنوبية الأغذية الأساسية للاجئين الفارين من القتال بين متشددين والقوات الحكومية. ويقول عبد الغني الإرياني، وهو محلل سياسي، إن الموارد المتقلصة بسرعة يمكن أن تحدث شروخاً في دعم الرئيس، إذا فشل هو وأقاربه الذين يحتلون مناصب عسكرية وأمنية مهمة في الدفع لأتباعهم. ويشير خبراء إن الاحتياطيات يمكن أن تغطي احتياجات أربعة أشهر من واردات الغذاء، لكن إذا استمر المأزق السياسي، فإن الأموال يمكن أن تنتهي خلال فترة أقصر. وبحسب هشام شرف عبد الله، وزير التجارة والصناعة اليمني، تكبد اليمن خسائر بلغت أربعة مليارات دولار خلال الأشهر الأربعة الماضية بسبب توقف صادرات النفط، وكذلك بسبب مشتريات النفط بالأسعار الدولية، إضافة إلى تراجع عائدات السياحة، والرسوم الجمركية، والضرائب. ووصلت السياحة التي كانت تساهم ب 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، البالغ 35 مليار دولار، إلى نقطة الصفر. وتكاد الفنادق تكون خالية، إضافة إلى أن المطاعم تفتح أبوابها لساعات معينة، بينما تصارع لتخفيض التكاليف. وفي بلد يواجه بالفعل بطالة نسبتها 40 في المائة يضيف فقدان وظائف جديدة بؤسا إلى بؤس. ووفقا لعبد الله ''إن أزمة إنسانية تلوح في الأفق في الريف بسبب قطع الطرق. الضواحي الأفقر أصبحت غير قادرة على دفع ثمن الغذاء''. ويلاحظ أن عجز الميزانية آخذ في الارتفاع إلى 1.7 مليار دولار، بعد أن زادت الحكومة رواتب العسكريين والمدنيين بمبلغ إجمالي وصل إلى 300 مليار ريال يمني (1.4 مليار دولار) حين بدأت القلاقل. وبحسب الإرياني، اليمن بحاجة إلى نحو 3.2 مليار دولار لسد عجز الميزانية وتحقيق استقرار الاقتصاد. ويقول مسؤول في وزارة المالية ''إن الوضع الاقتصادي سيئ منذ البداية. إنها لمعجزة أننا لا نزال صامدين''. المصدر- الصحيفه الاقتصاديه الالكترونيه