تطل علينا ذكرى توحيد الوطن اليمني الكبير في الثاني والعشرين من مايو‘ واحتفالنا هذا العام بالعيد الوطني الخامس عشر لقيام الجمهورية اليمنية ‘له دلالة خاصة ومتميزة وذلك باختيار محا فظة حضرموت لإقامة هذا العرس التاريخي‘ وهي بمثابة لفتة رائعة لهذه المحا فظة التي شهدت خلا ل سنوات التشطير عزلة وتخلف يدركه الجميع ممن عاصروا تلك السنوات الطنانة والرنانة بالشعارات البراقة التي لم تجلب لهذه المحا فظة سو ى العزلة والتمزق والتخلف وهروب او مغادرة العديد من ابنائها إلى خا رج الوطن بحثا عن لقمة العيش الكريمة. وهذه حقائق يدركها ابناء هذة المحافظة أكثر من غيرهم‘ ولقد اندهشت كثيرا أثناء زيارتي لليمن في شهر مارس الما ضي حيث زرت برفقة زوجتي الاسبانية وأربعة أصدقاء آخرين دهشت بما شهدته محا فظة حضرموت بصفة عامة والمكلا ء بصفة خاصة من ثورة عمرانية حقيقية تغيرت معها صورة المكلاء التي عرفتها عن قرب قبل الوحدة‘ فارتسمت لوحة الوحدة مع آمال الشعب اليمني عامة نحو طريق البناء والتعمير لتكو ن اليمن واحة واسعة تتسع لكل ابنا ء الوطن الواحد‘ وأن نطمس من قاموسنا اليومي كل النعرات التي تستهدف تمزيقنا وعلينا أن نكون يقظين من تلك العيون والعقول المزدوجة التي لا تريد الخير لهذا الوطن..فالوحدة اليمنية أعادت للكل الكيان والبنية اليمانية‘ ومنذ إعادة الوحدة المباركة عاد الكثيرون من ابناء هذا الوطن طواعية او اضطرارية نتيجة للأحداث التي شهدتها المنطقة نتيجة لغزو الكويت وما افرزته من تداعيات دفع ثمنها الألا ف من البشر ولكن لم يشعر أي يمني عاد إلى أرض الوطن وهي الملا ذ الا خير بانة غريب وهذا بفضل الوحدة المباركة بالرغم من المعاناة والصعوبات الاقتصادية ولكن مع مرور الزمن بدأ يتلاشى جزءاً من هذه المعاناة. لقد مثل قيام الجمهورية اليمنية يوم 22 مايو 1990 حدثا عظيما ذا دلالة عميقة‘ فقد تجسدت آمال وطموحا ت الشعب اليمني الذي قدم التضحيات في سبيل تحقيقها وهذا اليوم هو اشراقة عهد جديد ترتسم على ملامحه مهمات وواجبا ت جسيمة في سبيل بنا ء يمن العزة والكرامة يمن تنهض فيه كل أشكال التطور الاقتصادي والاجتماعي‘ ولذلك لم يكن يوم 22 مايو يوم تحقيق الوحدة الذي راود الملايين صدفة بل هو حدث تحقق بعد عنا ء شاق واجهه هذا الشعب بكل حكمة بالرغم من المخاطر والصعوبات غير أن تصميم شعبنا وإرادته الصلبة استطاع ان يرفع عاليا راية الوحدة خفاقة في سما ء الجزيرة العربية والوطن العربي الكبير وكتب التاريخ سوف تتذكر جيدا هذا الحدث التاريخي بإعادة وحدة التراب اليمني في ظل التمزق العربي.. كما يتذكر الجميع يوم الثلاثين من نوفمبر عام 1967 يوم خروج الاستعمار البريطاني من الشطر الجنوبي سابقاً‘ وجا ء هذا الاستقلال المجيد بعد نكبة حزيران من نفس العام وهنا تكمن عظمة وشموخ الانسان اليمني الذي يتفاعل في اللحظات الحرجة من تاريخ الأمة العربية.. وهذا برهان ساطع لمدى إدراك شعبنا اليمني بان الوحدة هي مرادفة للقوة والصلابة.. وذات مرة سألني احد الرفاق ما ذا كسبت من الوحدة اليمنية ؟.. فا جبت علية بان هذه الوحدة ليست سلعة قابلة للعرض والطلب بل هي امل راود الملايين من أبناء هذا الشعب الذي قدم التضحيات الجسام من اجلها وأنبل مكسب حققته الوحدة هو ان كل واحد منا استطاع ان يتنقل من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب.. واريد ان اذكر اولئك البعض من ضعفا ء النفوس باننا عانيننا اثنا ء التشطير الكثير والكثير وكنا نحمل جواز سفر يسمح لنا بزيارة الد ول الاشتراكية وسو ريا واثيوبيا وفي نفس الوقت لا نستطيع ان نزور الشطر الشمالي وهو جزء من التربة اليمنية.. ولنا حكايات كثيرة فيها تمتزج الطرافة والألم ولا نريد ان ننبش من صفحا ت الماضي المر ونقول لكل من يتوهم بأنه سيعيد عجلة التاريخ إلى الوراء با نهم عاجزون وأصبحت هذه الوحدة أكثر قو ة وصلابة. الوحدة والديمقراطية هي الطريق الوحيد نحو تقدمنا ونحو بنا ء يمن العزة والكرامة يمن الإعمار والتشييد‘ نتفاعل مع البشرية في تقد مها التكنولوجي والتقني. وبهذه المناسبة التاريخية نحيي قائد المسيرة رمز الوحدة وباني اليمن الجديد الاخ الرئيس علي عبد اللة صالح الذي كرس جهوده طيلة مسيرته النضالية في سبيل ان تكون لليمن مكانة خاصة ومرموقة في الخارطة العربية والعالمية هذا ا لزعيم الذي استطاع بحكمته ان يجنب اليمن الكثير من المآسي واستطاع بسياسته الحكيمة أن يثبت الأمن والاستقرار في اليمن وكذلك مع دول الجوار‘ وأصبحت اليمن تعيش أجوا من الأمن والاستقرار حيث ان هذه الوحدة اخرجتنا من نفق الاغتراب والاقتتال وحقنت دماء اليمنيين. ولذلك لابد من التركيز في هذه المرحلة الهامة من تاريخنا الحديث على تعميق جذور وحدتنا الوطنية وتما سك جبهتنا الداخلية‘ فنحن شعب واحد لا مكان فيه للتمييز بكل اشكاله ولا يوجد في قاموسنا مواطنين من الدرجة الأولى أو الثانية وكل هذه التسميات الشاذة هي من صنع "ضعفاء النفوس" اولئك الذين خسروا مكانتهم في خارطة الوطن الكبير حيث ولدت الوحدة لتُحيي أمل الجميع.. فقد اقترنت الوحدة بالديمقراطية ولا يمكن الفصل بينهما وهما الخيار الوحيد الذي اختاره شعبنا وسيظل يتمسك به مهما كبرت التضحيات.. اما المعارضة السليمة والبناءة والتي تهدف وبحسن النية الى تصحيح اي خلل او سلبيات تراها فهي الجديرة بالبقاء‘أما معارضة الكيد وتصفية الحسابات والمعارضة المستوردة والمعلبة لا يمكن لها البقاء. فالوطن بحاجة إلى تكاتف كل أبناءه وفي الظروف الصعبة تبرز بكل جلاء النوايا الحسنة والتي تهدف الى تجنيب الوطن أي مكروه.. لقد مرت 15 عاما كانت مليئة بالانجازات وكذلك بالصعوبا ت والكل يتطلع إلى رفع المعاناة عن الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود ليعم الجميع الخير والرخاء ‘ فالوحدة وخيراتها هي ملك للجميع‘ وهذا العا م 2005 نضيء 15 شمعة ساطعة في سما ء الوطن تلهمنا كل الامال التي سعينا لتحقيقها في الماضي وترسم طريق المستقبل وتجدد فينا كل آيات البناء والازدها ر المنشود ‘ ولهذه الوحدة الجبارة كل الاعتزاز ولشعبنا اليمني العظيم كل التحية والتقدير [email protected]