قال لي أحد الزملاء الغاضبين مما وصل إليه حال الأمة من أوضاع كارثية: لولا أن أعيادنا مرتبطة بشعائر دينية لا مناص من أدائها في مواقيتها لجاز لنا تأجيلها إلى أن تتحسن الأوضاع وتعود أحوال الأمة إلى ما كانت عليه قبل أن تداهمنا الأيام بما لم نكن نتوقع ولا نريد، وقبل أن تدخل الأقطار العربية والإسلامية في سلسلة من المآسي والآلام لا وقت لحصرها. وما من شك في أن الزميل الغاضب على حق في شكواه فقد تكاثرت هموم الواقع العربي والإسلامي وصار الإنسان بسببها واقعاً تحت ضغوط عاصفة تجعل الابتسامة نادرة وإذا ما حدثت فلم تعد تلك التي تضيء الوجوه وترسم على الشفاه ضوءاً غير متكلف ولا لاهث. لقد كان للأعياد - في سنوات مضت- مذاقها الخاص وطابعها الإنساني والروحي وكانت لها احتفالاتها وبهجتها وأغانيها وذلك عندما كانت الأمة حية ترزق وحين كان أبناؤها يجدون من الرزق الحلال ما يضمن لهم الاكتفاء ويحقق لهم الأمان والاستقرار ولا يخافون من أن تقطع الأساطيل طريق القمح والسكر والدواء، يذهبون لأداء فريضة الحج ورؤوسهم مرفوعة، يؤدون صلاتهم وجباههم متألقة لا مكان للعدو في ديارهم الحرة المستقلة ولا مكان في وطنهم الكبير لغازٍ أو محتل.. إن صورة ذلك الماضي حاضرة في ذهن كل عربي وفي ذهن كل مسلم، ويزداد حضورها وضوحاً وتألقاً حين يتم استعراض الواقع الراهن بكل مهاناته وخيباته، احتلال استيطاني متوحش في فلسطين، واحتلال دموي ساخن في العراق وحيثما يمّمت وجهك سوف تجد حالة أو أكثر من الاحتلال غير المباشر. لقد فشل العرب ومعهم أشقاؤهم المسلمون في استغلال ما يمتلكونه من قوة لا يستهان بها في الدخول إلى قلب المعادلة الدولية واستغلال موازين القوى لمصلحة أقطارهم ودرء الأخطار عنها، وكان من أهم أسباب الفشل- وما يزال- ثقتهم بأعدائهم والمراهنة الخادعة على إمكانية النجاح في كسب ودّهم واستمالتهم لتأييد القضايا المركزية التي تتصدر الشأن العربي والإسلامي ، وعلى الرغم من أن الأيام والتجارب الطويلة أثبتت خطأ هذا الوهم فإن القائمين على الشأن السياسي والاقتصادي- عربياً وإسلامياً- ما يزالون يمارسون هذه اللعبة ويتوهّمون بل يعتقدون أن حل مشكلات الأمة بيد الأعداء، وأن هؤلاء الأعداء جادون في مواقفهم وجادون في تطوير مؤسساتنا العسكرية والمدنية بما يضمن للعرب والمسلمين تفوقاً يعيد إليهم ما تهدّم من مكانتهم ويحافظ على ما تبقى من كرامتهم!! لقد كان العيد استراحة مثالية تنتشي معها الروح ويتحرر الجسد المثقل بأعباء العمل الروتيني اليومي، فأصبح العيد مناسبة لاجترار الهموم والآلام، ويصح - والحديث عن العيد- القول بأن جموع الفقراء الذين يملأون الساحات ويكادون يسدُّون بعض الطرقات يزدادون عاماً بعد عام، وجُلّهم ممن لم يعودوا يجدون لهم منفذاً للحصول على لقمة العيش خارج أوطانهم بعد أن بدأت طلائع العولمة تحكم سيطرتها على الاقتصاد العربي وأسواقه وأصبح العامل العربي منبوذاً وغير محل للثقة لا من أرباب العمل وهم عرب أشقاء وإنما من المتحكمين في العمل وممن يعدون للوطن الكبير خرائط جديدة وسكاناً جدد. الدكتور عيدروس نصر ناصر في مجموعتين قصصيتين حديثتين: من حقه علينا أن نعترف له بأنه أثرى المكتبة اليمنية بإنتاجه الشعري والقصصي، ذلك هو الصديق الدكتور عيدروس نصر ناصر، فقد استقبلت المكتبة منذ أيام وفي وقت واحد مجموعتيه القصصيتين « ذاكرة الأسفلت» و «جمعية الفتنة الخيرية» وبهما يكون الدكتور عيدروس قد أصدر ستاً من المجموعات القصصية، بالإضافة إلى ديوانين من الشعر وحقق سبقاً إبداعياً متميزاً، أتمنى له المزيد من الإنتاج والإبداع. تأملات شعرية: كل عامٍ وأنتم بخير الموائدُ معمورةٌ بالطعامِ اللذيذ وما تشتهي النفس من هذيان يبارك أحزاننا، والبيارقُ منشورة فوق شمس القلاعْ. كل عامٍ وأنتم بخير العروبةُ مصلوبةٌ والكرامةُ مسلوبةٌ والسيادة في كل عاصمةٍ للأعادي تباعْ!