الديمقراطية خيار وطني يمني خالص ارتبط اشتراطياً بالوحدة ومتلازماً معها ليكون الاساس الذي عليه قام البناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة، وتصوير البعض اليوم لغايات مصلحية سياسية ضيقة، ان مواصلة هذا والتمسك به انما فرضته وتفرضه ضرورة علاقات اليمن الدولية دون انكار حقيقة اننا جزء من هذا العالم ومتغيرات حداثة اوضاعه الاقليمية والدولية تؤثر بهذا القدر، لكنها ليس عاملاً رئيسياً حاسماً في تحديد توجهاتنا، فعند انجاز فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الوحدة ورديفها الديمقراطية لم يكن مطروحاً بعد مثل تلك الاملاءات التي اتخذت صورة المشاريع التغييرية المفروضة من الخارج ولم تبدأ هذه المشاريع بالظهور الا في السنوات الاخيرة والذي يفترض الاقرار به في هذا السياق هو ان قيادة الوطن السياسية كان لديها قراءة عميقة عند إعادة تحقيقها للوحدة لاتجاهات التحولات العالمية مستشرفةً من خلالها بنظرة ثاقبة آفاق المستقبل مستوعبة تداعيات انتهاء الحرب الباردة لصالح ترسيخ الوحدة والديمقراطية، وبالتالي وجود مثل هذا الطرح من قبل البعض يمكن فهمه على أساس انه يأتي في اطار تأثير المناخات التي خلقها اقترابنا من الاستحقاق الديمقراطي المتمثل في الانتخابات الرئاسية والمحلية في سبتمبر القادم ومناقشة مثل هذه الاطروحات تفضي الى استنتاج انها قناعات تعبر عن عدم اقتناع اصحابها بالديمقراطية الا بماهي مطلب خارجي فرضتها واستدعتها ظروف المرحلة، ولكن بما انهم امام استحقاق انتخابي فالسياسية تقتضي أكل الثوم بأفواه الآخرين معاً، ان البعض من هؤلاء اصبح يفصح عن قناعة بالديمقراطية تأتي من باب انها استحقاق يستجيب لمتطلبات دولية ومن مستلزمات السياسة مجاراة هذه الرغبة الدولية معطياً في هذا المنحى تحليلات تصل بعضها الى مجافاة الحقيقة جملة وتفصيلاً، متجنبين الحديث عن الديمقراطية التي تريدها الدول الغربية للمنطقة والتي ينبغي ان تكون مفصلة على مقاييس مصالحها- بمعنى انها تتعاطى معها من منظور برجماتي وهناك اكثر من دليل يبرهن على ان ماتريده ليس الديمقراطية بماهي كذلك ولكن بمدى انسجامها مع استراتيجية مصالحها وموقفها من نتائج الانتخابات الفلسطينية من الانتخابات في دول اخرى من العالم يؤكد صحة ماذهبنا اليه.. الأسوأ ان مثل هذه النظرة للديمقراطية لدى البعض تنسحب على مواقفها في قضايا وطنية اخرى مشّكلة منظومة من انماط التفكير الشمولي منتجاً بنمطية جديدة.