تتابع اليمن باهتمام شديد وقلق بالغ تطورات الأوضاع المؤسفة في العراق وما يجري هناك من أعمال عنف وتدمير وسفك للدماء وإزهاق للأرواح البريئة والتي ترتكب كل يوم في العراق الشقيق وبحق أبنائه وهي أعمال مستنكرة ومدانة من الجميع أياً كان مرتكبوها أو من يقفون وراءها.. فلقد دفع الشعب العراقي وما يزال ثمناً باهظاً ومؤلماً.. وإذا كان هناك من بشر بدخول العراق عهد جديد من الحرية والديمقراطية والاستقرار والازدهار عقب إزاحة النظام السابق بالقوة تحت مبرر الادعاء بامتلاكه أسلحة الدمار الشامل فإن شيئاً من ذلك لم يتحقق فلا أسلحة دمار شامل تم العثور عليها أو حتى الحصول على دليل لامتلاك العراق لها ولا الاستقرار أو الحرية أو الديمقراطية قد تحققت على أرض العراق بل على العكس من ذلك فإن معدلات العنف والمجازر والفوضى وعدم الاستقرار قد ازدادت على نحو مضطرد ومفجع وهو ما يضع أكثر من تساؤل وعلامة استفهام حول الكيفية التي يمكن بها إخراج العراق من محنته الراهنة ووضع حد للعنف والثأرات ونزيف الدم الذي يسفك دون توقف. واليمن وهو يتابع هذا الوضع بألم شديد يتمنى أن يتحقق الوفاق والاتفاق بين أبناء العراق بمختلف فئاتهم وأطيافهم السياسية والاجتماعية والدينية وذلك بما يكفل رأب الصدع وتحقيق الوحدة الوطنية وحشد طاقات الجميع من أجل بناء عراق ديمقراطي حر ومستقل ومزدهر. وإذا ما تحقق للعراق ذلك وهو ما يتطلع إليه كل أشقائه وكل من يتمنى له الخير والاستقرار والنهوض مجدداً للقيام بدوره في خدمة قضايا أمته والإسهام في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة فإن ذلك وحده سيهيء المجال لتطبيع الأمور المضطربة في العراق وعودة السفارات العربية والأجنبية إلى بغداد وانتشال هذا البلد من أوضاعه المأساوية والصعبة.. وانطلاقاً من ذلك فقد أكدت اليمن ودول عربية عديدة استعدادها لإعادة فتح سفاراتها في بغداد ولكن وفي ظل الوضع الراهن يبدو ذلك صعباً إذ أنه من غير المقبول أو اللائق أن يأتي أي سفير ليقدم أوراق اعتماده في الوقت الذي ما تزال مراكز السيادة العراقية كالقصر الجمهوري وغيره من المرافق السيادية بيد قوات الاحتلال ولا تخضع هذه المرافق للسيطرة العراقية أو يتواجد فيها المسئولون العراقيون. وكان من المفروض أن تبادر قوات الاحتلال بالانسحاب من تلك المراكز والمرافق السيادية وتسليمها للسلطة العراقية ليتمكن العراقيون من إدارة شؤونهم الداخلية بأنفسهم. وإذا ما رأت تلك القوات ضرورة لبقائها في العراق لأي فترة زمنية مناسبة فإن بإمكانها التمركز في قواعد ثابتة بعيدة عن الاحتكاك بالمواطنين على غرار ما هو موجود في بلدان عديدة من العالم وفي هذه الحالة وفي ظل استقرار الأوضاع الأمنية في العراق، فإن ذلك سيهيئ للكثير من الدول وفي مقدمتها اليمن أن ترسل سفراءها وتعيد فتح سفاراتها في بغداد مع التأكيد هنا أن اليمن أو غيرها من أشقاء العراق حالياً وفي ظل عدم وجود سفارات أو سفراء لها في هذا البلد الشقيق ليسوا بعيدين عما يعتمل على أرض العراق من مشاهد مؤلمة بل أن الجميع حريص على الوقوف إلى جانب الشعب العراقي والتضامن معه في السراء والضراء، ويتطلعون للحظة التي يخرج فيها من محنته الراهنة ويستعيد عافيته واستقراره وازدهاره. ولكي يتمكن الشعب العراقي من بلوغ هذه الغاية فإن على جميع أبنائه بمختلف أطيافهم توحيد صفوفهم وتعزيز وحدتهم الوطنية وتفويت الفرصة على كل المخططات الشيطانية الرامية إلى تمزيقهم وبث الكراهية والبغضاء في ما بينهم ونشر الدمار في وطنهم الجريح الذي يكفيه ما دفعه من ثمن باهظ من أرواح أبنائه ومقدراته. فقد حان الوقت لكي يتوقف شلال الدم العراقي وأن يتجه جميع العراقيين صوب إعادة إعمار وطنهم، فلن يبني العراق سوى أبنائه.