- إذاً.. هناك قمة عربية «ناجحة» كما يقال!! لابد وأنها كذلك، أما لو سألتني لماذا هي ناجحة؟ أو بماذا هي ناجحة تحديداً؟ فسأقول لك مباشرة: ربما لأن القادة العرب لم يقرروا شيئاً ولم يفعلوا شيئاً مهماً - طبعاً باستثناء مأدبة عشاء فاخر على شرف الزعماء ورؤساء الوفود - وبالتالي لم يكن ثمة داع لنشوب شجار أو اندلاع خلاف أو معركة كلامية من النوع الحصري، المسجل باسم القادة العرب كبراءة اختراع وتخصص! - هكذا تبدو القمة ناجحة.. ومريحة تماماً، وسوف نحتفل لاحقاً؛ كشعوب عربية «فادحة»، بقمة ناجحة؛ قال بيانها الختامي إن القادة العرب قد عبروا عن شكرهم وتقديرهم لدولة الانعقاد ولرئاستي القمة العربية - السابقة والحالية للجهود المخلصة في سبيل إنجاح القمة وتحقيق التوافق (حول القضايا التي لم تناقشها القمة!) وأيضاً الشكر والتقدير على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.. - في الحد الأدنى من قائمة «المواصفات والمقاييس» فإن هذه الاعتبارات للتو، ترجح أنها ناجحة بل وعظيمة النجاح، بما يخزي عين الحسود ويطعمها عود. وحتى يكتمل الخط وتعم النعمة والفائدة أقترح - بتواضع وامتنان - تخصيص علامة تجارية (ماركة) مسجلة باسم الجامعة العربية.. اسمها «ناجحة» وتعمم على أكثر من سلعة وخدمة - مناديل ورقية.. مثلاً - يعود ريعها ومردودها الربحي لصالح الأمانة العامة للجامعة من أجل تطوير العمل العربي المشترك وتحسين صورة القمم العربية في عيون العميان المشدودين إلى الشاشة! - أحدهم قرر أن يقاضي القمة لدى «محكمة الجنايات العربية» ولديه وجهة نظر «راجحة» في هذا الشأن؛ فهو يرى أن القمة العربية الأخيرة كانت ناجحة أكثر مما يجب وأكثر مما هو مطلوب منها. وبالتالي فقد طيرت عقول وقلوب الكثيرين من المواطنين العرب الذين باغتهم الأمر ولم يحتملوا الفرحة، فالبعض جن والبعض الآخر حجز له مقعداً في المشافي النفسية؟! - دعك مما نجحت فيه القمة. هناك قادة تصافحوا، وآخرون تسالموا بالنظر، وهناك بيان ختامي مليء بالشكر والتقدير، وهناك «إعلان الدوحة».. وقد تضمن فتوحات غير قليلة ولا هينة فهو أكد، وندد، وشدد، وحذر، وزمجر، وفي الأخير»طالب وناشد» - ولو ضمنياً على الأقل، وفاءً للتقاليد العربية المرعية في هذه المناسبات العظيمة والمفصلية في مسيرة العمل المشترك والنهضة الموعودة والمنشودة - وفضلاً عما سبق، هناك - أيضاً - صورة جماعية، ومأدبة عشاء.. جماعية هي الأخرى، وأشياء أخرى لا حصر لها.. - فكيف لا تكون قمة عربية ناجحة بلا تردد؟ حتى أنها لم تفكر قط في أن النجاح قد لا يحالفها، ولكنها فعلت ذلك مباشرة ونجحت بلا مشقة وبدون أن تفعل شيئاً أو تبذل جهداً أو تقطع وعداً أو تحقق أدنى شيء ينذر بالنجاح! - لن يعرف أحد ماذا أنجزت القمة - باستثناء السلام والكلام ودواعي المصافحة التي يقال عنها «مصالحة» عربية/ عربية؟ حتى أن القمة لم تكلف نفسها الاستماع إلى الورقة المفترض أنها مرفوعة من البرلمان العربي (المجيد و»الناجح» أيضاً) والمقدمة من اليمن وتتضمن مشروعاً معقولاً بخصوص تفعيل آليات العمل العربي المشترك وتقترح صيغة اتحاد عربي قابل للنمو والاحترام.. وكانت مدرجة على جدول أعمال ومداولات القمة بحسب إعلان الأمانة العامة للجامعة؟! - كانت هذه هي المادة الوحيدة والجادة للنقاش على جدول القادة. ولم يتح لها الوقت أو الفرصة للتحدث والعرض.. بل أجهضت كورقة للقراءة والقرض، فضلاً عن أنها كمشروع للاستمرارية والنفاذ.. وبهذا نجحت القمة وكانت شديدة الخصوبة (..) باختصار: قمة ناجحة، وعلى العرب السلام!! [email protected]