ونحن على أعتاب العيد الوطني التاسع عشر لقيام الجمهورية اليمنية، فإن ما يضاعف من ابتهاج أبناء شعبنا بهذه المناسبة، أنها تأتي متلازمة مع رصيد هائل من المنجزات والمكاسب والتحولات التنموية والاقتصادية والديمقراطية والثقافية والاجتماعية، التي تحققت لوطننا في ظل وحدته المباركة على الرغم من كل التحديات التي جابهت هذه المسيرة الوحدوية المظفرة وفي الصدارة منها التركة الثقيلة الموروثة عن حقبة التشطير وما اتسمت به هذه الحقبة من تداعيات واضطرابات ونزاعات داخلية كان أشدها حلقات الصراع المتتالية التي صبغت الأوضاع في المحافظات الجنوبية والشرقية بفعل حمى النزاع على السلطة. ومع كل تلك التحديات فقد ظلت القيادة السياسية ممثلة في فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حريصة على الدفع بعملية التنمية والمضي بخططها وبرامجها بوتيرة عالية حيث انصب التركيز على النهوض بالمحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تفتقر لأبسط مقومات البنى التحتية من طرق وشبكة اتصالات ومدارس وكليات وجامعات ومستشفيات ومستوصفات، وكهرباء ومياه وصرف صحي ولما من شأنه تعويض تلك المحافظات عن سنوات الحرمان. وبجردة حساب بسيطة سنجد أن اليمن قد دخلت يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م عصراً جديداً التأم فيه شمل الأسرة اليمنية الواحدة وتعززت فيه فرص النهوض الشامل، حيث تعكس الشواهد الحية على أرض الواقع الكم الهائل من المنجزات التي تحققت خلال (19) عاماً وهي إنجازات واضحة للعيان ولا تحتاج إلى من يتحدث عنها. وفي إطار هذا الزخم التنموي المتواصل يغدو من الواضح أن ما يتم تدشينه أو وضع حجر الأساس له من المشاريع التنموية والاقتصادية هذه الأيام إنما يندرج في إطار خطط التنمية التي رسمتها الحكومة وتعمل على تنفيذها على قدم وساق، وقد اعتدنا على أن تقترن احتفالاتنا كل عام بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية بالمفهوم التنموي ما يعني أن مسارات التنمية محكومة ببرامج تتضمنها سنوياً أبواب الموازنة العامة للدولة فضلاً عن الخطط الخمسية التي يجري تنفيذها وفق جداول زمنية محددة، وعلى أساس أولوية الاحتياج سواء على المستوى المركزي أو المحلي ودون أي تمايز بين محافظة وأخرى فخير التنمية صار يتوزع على كل أبناء الوطن بمختلف المحافظات والمديريات والريف والحضر على حد سواء .. وأي ملامح من الفاعلية قد تظهر هنا أو هناك فإن مصدره ولا شك الدور الجيد والفاعل والنشط الذي تتميز به بعض المجالس المحلية وقيامها بمتابعة تنفيذ المشاريع المحددة لمناطقها في مواعيدها.. وفي المقابل نجد أن خمول بعض المجالس المحلية ينعكس بتأثيراته السلبية على عملية التنمية في مناطقها، وهو ما تنبهت له الحكومة مؤخراً وسارعت إلى دعوة تلك المجالس للقيام بدورها ومسئولياتها في متابعة جهود التنمية وفق الخطط المرسومة لها. ولعل ما لا يخفى على أحد، أن نجاح عملية التنمية متصل بعلاقة وثيقة بعوامل الأمن والاستقرار، وهذه العلاقة الشرطية تستدعي من كل أبناء الوطن الوقوف صفاً واحداً في مواجهة أية ممارسات أو سلوكيات تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الزوابع والفتن التي تعيق توجهات التنمية كما هو شأن أولئك الغوغاء الذين عمدوا إلى التحريض على أعمال التخريب والشغب والترويج لثقافة الكراهية والحقد والنعرات المناطقية والشطرية المسيئة للوحدة الوطنية متوهمين أنهم بتلك الأعمال الدنيئة سيتمكنون من إعادة عقارب الساعة في هذا الوطن إلى الوراء مع أن ذلك أبعد عليهم من عين الشمس، إذْ أن وما يفعلونه ليس سوى إعاقة لعجلة التنمية في تلك المديريات التي يسيئون إلى أبنائها وتاريخهم النضالي بممارساتهم التي لا يُقبل عليها سوى الأرعن والطائش والمخرب أو من أعمى الله بصره وبصيرته والعاقل من اتعظ بغيره وادرك أن الرهان الحقيقي هو على الوطن.. لا على الشعارات الطوباوية واللهث وراء المصالح الأنانية الضيقة. ونكبة هؤلاء أنهم يجهلون حقيقة الشعب اليمني .. ووفاءه لمبادئه وثورته ووحدته وأنه يستحيل على هذا الشعب أن يفرط بثوابته أو يتخلى عن مستقبل أجياله القادمة. ومن يعتقد أنه بزوابعه وضجيجه الإعلامي سيضعف هذا النّفَس سيفاجأ عما قريب بأنه ليس سوى ضحية لغبائه وبلادته وفشله وفساد تفكيره وانحلاله الأخلاقي والوطني والقيمي والإنساني.