كان من المنطقي أن تحل لغة المنجزات والبناء والعمل محل الصراخ وشعارات الزيف والأصوات النشاز الناعقة بالخراب، بل إن من الطبيعي أن من يشيدون إعمار الوطن وتنميته وإنجاز المشاريع الخدمية من طرق ومدارس وسدود وحواجز مائية ومعاهد وكليات ويقومون بغرس بذور الخير وتأمين الحياة الكريمة لأبناء المجتمع وحملوا على عاتقهم مسؤولية تحقيق طموحات وتطلعات أبناء وطن الثاني والعشرين من مايو 1990م، هم وحدهم من تعلو هاماتهم كلما ارتفع مدماك جديد من مداميك النهوض والتطور فوق أية بقعة من أرض اليمن الطاهرة. أما الأقزام الذين يرفعون معاول الهدم والتخريب ويعملون على افتعال الأزمات وإثارة الفتن، ويقومون بالترويج للنعرات الشطرية والعنصرية البغيضة فإنهم ليسوا أكثر من طبول فارغة احترفت مهنة التسول وأكل السحت والارتزاق، وهؤلاء أعجز ما يكونون عن تقديم أي شيء نافع لأنفسهم ووطنهم وأهلهم وشعبهم وأمتهم، وبالتالي فإنهم لا يشكلون رقماً، ولا وزن ولا تأثير لهم بين الناس الذي ينظرون إليهم باحتقار وازدراء، لقناعة الجميع بأن هذه العناصر هي كالنتوءات الكريهة التي لا يحلو لها العيش إلا في ظل الأزمات والحرائق والويلات المدمرة. والحقيقة أن هذه الخفافيش الظلامية التي عمدت خلال الأيام الماضية إلى التحريض على أعمال الشغب والتخريب والممارسات الخارجة على النظام والقانون، قد أصابتها حالة من الهستيريا وهي تتابع افتتاح ووضع أحجار الأساس لمئات المشاريع التنموية والخدمية في المحافظات التي حاولت فرض الوصاية عليها والتحدث باسمها مع أن أحداً من أبنائها لم يفوضها في التحدث باسمه. ويزداد غيظ هذه العناصر المأزومة باكتشاف المواطنين لنواياها السيئة وتفكيرها المريض، وفشل مخططاتها الإجرامية التي حاولت من خلالها إعاقة خطط وبرامج التنمية في تلك المحافظات لشعورها بأن استمرار هذه العملية بوهجها الكامل هو محاكمة لتاريخها الملطخ بالسواد وفضح لمسلكها الدنيء بالغ السوء وشديد القتامة، ونتاجاً لكل ذلك فإن تلك العناصر من المغامرين الجدد لم تجد ما تشفي به غليلها سوى إعلان العداء والحقد على المنجز الوحدوي العظيم الذي حققه شعبنا بعد تضحيات جسام في ال22من مايو عام 1990م. وبمنتهى الوضوح، فإن تلك العناصر وبفعل فشلها في إيقاف عملية التغيير التنموي والنهضوي فقد اتجهت للتعبير عن خيبتها من خلال الضجيج الإعلامي والفرقعات البلهاء في القنوات الفضائية دون وعي أو إدراك أن ذلك الصراخ والعويل الذي تُطلقه لم يعد أحد يلتفت إليه أو يهتم به أو يلقي له بالاً، وفي ذلك إشارة واضحة وعميقة الدلالة والمعنى على أن اللغة الحاسمة هي لغة التنمية ولغة البناء ولغة الإنجاز ولغة الاستقرار وأن قيمة اليمن ومكانته ووجوده هي في وحدته الوطنية وتلاحم أبنائه وإنه لا فرصة ولا مجال في هذا الوطن لتلك الأصوات النشاز التي باعت نفسها للشيطان لتنحرف عن طريق الحق والصواب وتنساق وراء نزواتها الدنيئة دون أن تتعظ وتستفيد من حقائق التاريخ ومصير من سبقها ممن ناصبوا الوطن العداء وحادوا عن المسلك القويم. والسؤال متى يمكن لتلك العناصر البائسة أن تخرج من دوائرها المظلمة وتتخلص من مفاهيمها الماضوية وثقافتها التي عفا عليها الزمن ومتى يمكن لها أيضاً أن تفهم أن يمن اليوم غير يمن الأمس وأن جيلاً جديداً قد نشأ على أساس من العلم والمعرفة بحقائق الأمور، وأن هذا الجيل المستنير هو جيل متسلح بالإرادة والعزيمة وأنه القادر على إسقاط كل المؤامرات والدسائس التي تستهدف النيل من مكاسب وإنجازات ثورته ووحدته، ووطنه، ويستحيل على هذا الجيل أن يفرط في حلمه ووعده وتاريخه وثمرة نضال آبائه وأجداده.