لقد تأخر كثيراً.. قضى زمناً طويلاً في ثلاجة تعاني من التجمد والتبخر ربما بسبب انطفاءات الكهرباء وعدم التوازن بين حجم الطاقة المنتجة وزيادة الطلب عليها.. لكنني أشعر أنه يتواجد اليوم ولو على خجل.. * أما من هذا الذي تأخر ثم جاء؟ فإنه وبلا مواربه.. القانون.. القانون الذي نزعم أننا نحبه لكننا نريده فقط أن يحضر إن لم يكن ضد مصالحنا النفعية السريعة.. القانون الذي شكا انتهاكات القائمين على تطبيقه أكثر من شكواه من المتهمين بالخروج عليه.. * على طريقة المثل البولندي الشهير أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي يجيء القانون هذه الأيام ولو بدرجة متواضعة .. لكنه يجيء .. وهي كما نعرف بشارة العنب.. بروق سحابة نتمنى أن تكون ممطرة تروي الظمآن.. تدر الضرع وتحيي الزرع وتعيد للحكمة اليمانية ألقها الضائع وصيتها الذي كان ذائعاً.. * وسأسرد بعض الشواهد على أن القانون بدأ يكشف شيئاً من ملامح وجهه للخاطبين وهم الغالبية الساحقة الماحقة من الشعب اليمني الذين ساءهم ونكد عليهم عيشهم القول البائس بأن القانون غير قابل للتطبيق في اليمن.. أو كب إلى شعوب أو إبرد يا رجال أنت في اليمن.. * صرنا نسمع عن تحويل قضايا إلى النيابة ليس بخطة ذر الرماد على العيون وليس لامتصاص حنق المتحمسين مثلي ومثلك وإنما بهدف إحالة المتهمين إلى المحاكم العادية.. المتخصصة.. والجزائية.. الخ. وطبعاً فقد جرى تنفيذ أحكام وحجز أحكام أخرى للنطق.. بل اننا صرنا نتابع قضايا عزل ونقل في حق قضاة فاسدين أو خاملين. * ليس تشاؤماً.. لكنني أعرف أن بعضكم سيقول.. ماذا يريد الصعفاني أن يقول.. في المشمش.. وعشم إبليس في الجنة.. وما إلى ذلك من العبارات التي تحتاج لإرادة سياسية وحكومية لنفيها من أجل اليمن الذي نحب.. ومن أجل مستقبل أطفال يذهبون صباحاً وظهراً إلى المدارس وأحلامهم تضاهي الأفق.. ثم من أجل إيجاد اصطفاف وطني حقيقي يكثر فيه الإيجابيون ويقل فيه عدد المتفرجين على معارك ينبغي أن تكون حاسمة مع التخلف .. مع الجهل.. مع العبث.. مع النافخين في نيران الفتن.. ومع الذين لا يخجلون وهم يعملون أو يروجون أو يبررون لمساع مقيتة تريد أن تنزع مني ولائي للثوابت .. تريد أن تستأصل هويتي وهوية أخوة وأصدقاء في مناطق في إحدى أو جميع الجهات الأصلية أو الفرعية لليمن. * عودة على بدء أرجو أن يتجدد ويتحول كل قول إلى فعل مستمر.. أنا وأنت وهي وهو وكل الراغبين في ركوب قطار الحضارة لا نملك إلاّ التصفيق لفكرة مواجهة من يتاجرون في المخدرات ومن يقطعون الطريق ومن يحاولون فرض الغش في الامتحانات بأسنة الكلاشينكوف وما يكرفونات الاستهتار بالنظام. * من أبجديات الانتصار لسيادة القانون ما نقرأه عن اعتقال ومحاكمة من يخربون أو يحرقون الممتلكات العامة والخاصة.. ومن أبجديات النظام ضبط القتلة والخاطفين وحتى من يحاولون تسريب الإجابات إلى صالات الامتحانات والمتجمهرين ومنتحلي الشخصية. * وألف باء القانون أن يكون عندنا ما هو أهم من إعلان القائمة السوداء للمقاولين وهو وجود قائمة سوداء للمهندس الذي يتواطأ مع المقاول الغشاش وقائمة سوداء تقتلع المسؤولين الذين يسمحون بمرور مثل هذه الفضائح أو يكونون جزءاً منها. * يجب أن تبذل الحكومة الكثير لضبط السواحل اليمنية من "القرصان" و"مهرب المخدرات".. ومن يفرض تواجده في الأراضي اليمنية خارج القانون. وبعض من يساعد هؤلاء هم (حرامية) يجلسون على كراسٍ عامة حتى برروا الحال بالاعتبار الاجتماعي أو تغليب السلامة الشخصية. مجرد نقل المراكز الامتحانية إلى أمانة العاصمة ليس حلاً دائماً وإنما يجب استعاضته بفرض القانون والنظام في المراكز الأصلية بالمناطق لأن حبوب الإسبرين لا تغني عن المضادات الحيوية ولا تقوم بالدور الحيوي الذي يحققه البتر الاضطراري. * وفي الوقت الذي يجب أن يتعاون فيه الجميع للانتصار لضبط المتهمين بارتكاب الجرائم الخفيفة والمتوسطة والثقيلة يجب أن يكون القضاء هو حصانة الجميع وأن يكون هذا القضاء قوياً حتى وهو ينقي نفسه ويصلح أخطاءه.. وكم هو رائع أن يتم عزل قاض فاسد أو مرتشٍ أو ميال للتطويل الذي يسيء للقضاء. باختصار سيكون قراراً وطنياً بالغ الحكمة لو نعترف وبلا استثناء أننا أخطأنا في حق الوطن بانتهاج عقود المهادنة والفرجة على العبث وعلى الفساد.. سيكون موقفاً وطنياً بالغ الحكمة لو اعتبرنا ما يجري في الوطن من مساع للانتقاص من وحدته وأمنه واستقراره وهوية أبنائه لحظة تاريخية مفادها..