كل من لديه مطالب ومن يسعي لتحقيق تطلعات سياسية عليه ان يجتهد في سبيل ذلك ويعمل من خلال قنوات ووسائط الشرعية الدستورية والقانونية وداخل إطارها الوحدوي والديمقراطي . ويظل الاتصاف أو الالتزام بالأداء الشرعي عند الاقدام على أي تصرف بمثابة اشارات المرور التي تقود الخطوات على طريق السلامة وتوصلها إلى بر الأمان. وهو ايضا فرس الرهان عند احتدام الخلافات واشتداد الأزمات والورقة الرابحة والحاضرة بقوة الحسم والنفاذ في حال توافق الإرادات على المعالجات والحلول السلمية. ولا مخرج غير ذلك وبعد ان ثبت للجميع وعلى وجه اليقين ان العامل الخارجي صار مرهونا بعنصر التقدم والالتقاء الداخلي على الخيارات الوطنية التي تأسست وقامت عليها مبادئ الشرعية السياسية. ولم يعد هذا العامل موضوع رهان إذ ليس في وسع دولة ان تشرعن للتمرد في داخلها بالوقوف إلى جانب تمرد في دولة اخرى ويضاف إليه ان ذلك هو منطوق المفهوم الثنائي لعلاقات الاحترام المتبادل للشئون الداخلية بين الدول والقواعد الأممية لتنظيم التعاملات بين أعضاء المجتمع الدولي وتامين الاستقرار والسلم العالمي. ولقد توالت التأكيدات الخارجية المتكررة على الامتداد الزمني لجرائم عصابة المتمرد الإرهابي وتحركات عناصر العصيان الانفصالي ولم يتوقف تحديد التأكيد عليها بان الموقف مع استقرار ووحدة اليمن وحصل ان حسمها الأشقاء والأصدقاء منذ وقت مبكر بان ليس لاحد ان ينتظر منهم تدخلا بوساطة أو دور خارج إطار الشرعية الديمقراطية والدستورية القائمة ودون علم ودعوة من ممثليها ومما كان يتحتم على المتمردين العصاة ان يستوعبوا المسألة ويضعوها في اعتبارات وحسابات تقييمهم للوضع وتحديدهم للموقف الصائب الذي عليهم اتخاذه. وطبقا للموقف الخارجي المنحاز كليا وبالإجماع الذي لايقلل منه حالة شاذة عن القاعدة للشرعية الدستورية والوحدوية الديمقراطية يحلم وحاله كالظمآن يحسب السراب ماء ليس الا من يفكر في تحقيق مطامع وأهداف مصلحية خاصة على حساب الوحدة والديمقراطية. ولا داعي للاستمرار في استجرار أساليب ودعاوي الماضي البعيد والقريب وتكرار الحديث الممجوج عن الإلحاق بالقوة ومحاولة إحياء الدعاوي الميتة عن الحق الإلهي وقد حكم عليها التطور الإنساني بالفناء التاريخي. وتلك ممارسة لا تخرج عن كونها نوعا من التغطية على العجز والفشل في التكيف النفسي والتطبع الذهني مع المناخات الديمقراطية الجديدة والتعايش مع الواقع الوحدوي الذي انتقلت في ظلهما حقوق صنع القرار السياسية إلى الإرادة الشعبية وصار الأمر محكوما بمبدأ الشراكة الوطنية الديمقراطية. وليت هؤلاء وجهوا جزءا من النشاط والجهد الخرافي الذي يبذلونه في سبيل تأزيم الأوضاع في اتجاه الارتقاء الديمقراطي بأحوالهم السياسية لكان في مستطاعهم تحسين إمكانيات ومراكزهم وتفوقهم الانتخابي في مضمار التنافس السلمي على تداول.. ولكنهم لم يفعلوا . وحقيقة الأمر انه لم يكن هناك ما يحول دون تمتع الخارجين على القانون اليوم بحرياتهم وحقوقهم الديمقراطية في الترشح و الانتخاب. ويستحيل بالتالي النيل من نظام وسلطة قاما على الشرعية الديمقراطية. ولا يخرج أمر التمرد في ظل هذه الديمقراطية عن كونه محاولة للاستيلاء على الحكم بقوة السلاح والفكر الغاشم.