قبل مايو كان الحديث عن الوحدة في الوطن العربي مجرد تمنيات واستذكار يلفه شعور مغلف بالحسرة الى حد الفجيعة بسبب قيام وانهيار تجارب وحدوية لم تعمر سوى شهور او أيام بل حتى موضوع الوحدة صار من حصة دارسي التأريخ السياسي والتجارب الفاشلة . لكن بعد العشرين من مايو في عام 1990م وضعت اليمن آمال الأمة كلها أمام الحقيقة الكبرى بانه من الممكن النجاح ولا خوف من الفشل وان أتمام الوحدة فعل كبير لا ينقصه شيء سوى اقتران الرغبة بالإرادة مع توفر شرط القيادة المؤمنة وهو ما كان فأضاءت اليمن بتوحدها قنديلا في ظلام ليل عربي طويل سماته اليأس والإحباط وجعلت أمة العرب على خارطة التأريخ وصناعة الأمل وان المستحيل صار ممكنا واطمأنت قلوبنا من الايمان حقاً يمان واستحقاقاً لشعب أنشا حضارة مأرب وسبأ وأن الحكمة في اليمن نصيبها كبير .. عشرون عام هو عمر رجل مفتول العضلات في لغة الأعمار والسنين بلغ وتجاوز سن الرشد ولا خوف عليه بعد ذلك من العثرات .. ذلك هو احساسنا وقناعتنا الثابتة عن وحدة اليمن الخالد مبعث فخرنا وموئل عزنا ومبتدأ تأريخنا المجيد . ويقينا لن يساورنا شك بعد مايو ابدا بأن شعب اليمن ينكص عن ثوابته او يتخلى عن ايمانه او لا سمح الله يفقد حكمته ‘ فرجال اليمن ونسائه وشبابه هم السد العالي الذي يحمي الحوض وأن تلاطمت وتزاحمت عند حافاته قليل من الامواج الفائضة عن الحاجة. فالوحدة كمنجز هو ليس نهاية المطاف والقصور والضعف لن يكون بها لأنها من الثوابت والمسلمات التي لا تقبل المساس والتفكير بها مطلقا مثلما تقول النظريات العلمية والمنطق .
فقط هي السياسات والبرامج في كل بلدان الدنيا تظل عرضة الى المراجعة والتمحيص وأن تفقد مكامن الخلل والقصور في هذه السياسات او تلك البرامج ليس نقيصة او سببا كافيا لطعن المنجز الخالد فالعالم كله يشكو من تصدعات في البنى والبرامج والممارسات الاقتصادية والإدارية وتحاول العقول والقوى الحية في المجتمعات أن تخلق حولها حوارات هادفة من أجل ابتكار حلول تحفظ للبلدان وحدتها وتصون للشعوب كرامتها .. بعض الندوب على الجسد قابلة للعلاج بكل يسر وليست مدعاة إلى تفتيت هذا الجسد الجميل والمتناسق من الجبل الى البحر . وعقلاء اليمن وقادته واحزابه الوطنية لا يساورنا القلق في انهم قادرون على تجاوز الصعوبات مهما تعاظمت والشدائد وأن قست .. نحن في الوطن العربي نحبكم يا أحفاد قحطان ويا نسل عدنان ونفخر بكم واليمن بعد أن توحدت أصبحت لا تقبل القسمة على أثنين ابداً .. قدركم في وحدتكم وكيف يتمكن المرء أن يغير من أقداره فاليمن بعد مايو هو غير اليمن الذي كان ..بلاد جميلة تختزن كل عناصر القوة . شعب أصيل وقيادة واعية ومؤمنة بما تحقق وقد أختبرت صلابتها الظروف لا أحد في الدنيا يقدر ان يفرقكم .. فلله دركم يا أهلنا في اليمن دعونا نفرح بكم ونبتسم للمستقبل ‘ فأنتم ذخيرة الامة في الملمات منذ أيام الفتح والى الآن ‘ فعليكم عقدنا آمالنا العريضة وسط مناخات دولية وإقليمية غاية في الصعوبة والتعقيد . نثق انكم تبقون دوما مصدر تفاؤلنا وهنيئا لكم ولقائدكم ابن اليمن البار الذي نحب ‘ الرئيس علي عبدالله صالح بذكرى وحدتكم العشرين فنحسبها صارت رجلا قويا وراشداً قادرا على مواجهة التحديات . ولا أحد يستطيع ان يزايد على ابناء اليمن في النصيحة ولا أحد أكفأ منكم في القدرة على الثبات والنجاح ولا نمتلك سوى ان نطلب منكم ان تدعونا نفرح لفرحكم ونسعد بقوتكم التي هي قوة للعرب في كل مكان مهما تباعدت الرؤى وتنافرت السياسات .. فاليمن بلد عظيم وجميل وعريق وكان فناننا ابو بكر سالم محقا عندما غنى لكم من يشبهك من ؟ يا يمن \"\".