من إيجابيات بطولة خليجي20 التي تستضيفها اليمن هذه الأيام أنها وفرت للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، سواء من حضر منهم لمتابعة فعاليات هذه البطولة على الواقع في محافظتي عدن وأبين، وهم بالآلاف، أومن تابعوها ولا يزالون عبر الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى فرصة كبيرة للتعرف عن كثب على اليمن وشعبه الأصيل حيث تمكن الجميع من الوقوف على حقيقة ثقافة اليمنيين وعاداتهم وتقاليدهم التي تحاكي كلياً ثقافة وتقاليد وعادات أشقائهم في دول الجزيرة العربية والخليج، وأنه لا وجود لأي فوارق أو اختلاف أو تمايز في الرؤى أو الخصوصيات أو السمات، باعتبار أن الجميع يستمدون ثقافتهم من الوشائج القوية التي ظلت تربط اليمن بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي برابطة الإخاء وأواصر القربى والرحم، سيما وأن اليمن - أرضاً وإنساناً - يعد كما تحكي كتب التاريخ المنبع الأول لكل من سكنوا منطقة الجزيرة والخليج، بدليل أن معظم الأسر الخليجية لا تزال تحتفظ بألقابها الدالة على أصولها اليمنية . ويكفينا في اليمن مثل هذه الإيجابية التي شكلت أحد تجليات استضافة بلادنا لهذا الحدث الرياضي الهام، والتي كان من نتائجها تلك الكتابات الصحفية الكثيرة والغزيرة التي ظهرت على صدر الصحافة الخليجية، والتي لم تقتصر على الإشادة بحسن التنظيم والمشاعر الفياضة التي استقبل بها ضيوف اليمن من قبل أشقائهم من أبناء الشعب اليمني، بل وجد الكثير من هؤلاء الكتاب في هذه العوامل سبباً كافياً للتساؤل عن أسباب تأخر انضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية والهواجس غير المبررة التي حالت دون هذا الانضمام مع أن اليمن جزء من هذا النسيج، والوضع الطبيعي له هو أن يكون ضمن دول هذا المجلس ليكون رافداً من روافده التي تزيده قوة واقتداراً . ونحن إذْ نقدر مثل هذه المشاعر وحميميتها الصادقة فإننا نؤمن بأن ما يجمعنا بدول مجلس التعاون الخليجي، سواء كنا داخل هذا المجلس أو خارجه، عروة وثقى لا انفصام لها، وستبقى هذه الخصوصية هي المحفز لنا على تعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية، لقناعتنا بأن اليمن ودول الجزيرة والخليج في قارب واحد، وعلينا أن نبحر به سوياً إلى شاطئ الأمان، وأن نتكاتف لحماية هذا القارب من كل الأنواء والأعاصير والأمواج المتلاطمة، وسيظل هذا الخيار بالنسبة لنا خياراً استراتيجياً، ونعتقد أن من المصلحة الاستراتيجية للأشقاء أيضاً أن يتغلب اليمن على معضلاته التي تتصدرها معضلتا الفقر والبطالة، وذلك من خلال مساندته في جهوده التنموية وتشجيع المستثمرين الخليجيين على القدوم والاستثمار في اليمن، وفتح الأبواب أمام استقدام العمالة اليمنية إلى الأسواق الخليجية، حيث وأن الشقيق أحق من الغريب، إن لم يكن ذلك واجباً تفرضه علاقات الإخاء والجوار والمصير المشترك . ومن حسن الحظ أن تثير بطولة خليجي20 كل هذه التفاعلات في الصحافة الخليجية، التي وجدت - ربما- في الرياضة أفضل السبل للحديث عن عملية اندماج اليمن في مجلس التعاون الخليجي والدعوة إلى التسريع بها . والحق أن ما قلناه في هذا الجانب لم يكن إلاّ من باب "رد التحية" كما يقول العرب . ومع ذلك نقول أن ما يهمنا اليوم هو أن يستمر ذلك التفاعل الرائع للجماهير اليمنية وبنفس الوتيرة التي شهدتها فعاليات خليجي20 في الأيام الأولى، إذ أن ما نعوله على جماهيرنا الوفية ألاّ يتأثر حماسها بخروج المنتخب الوطني، وأن تظل هي المساندة لكل الفرق الشقيقة بحضورها وتشجيعها للأداء الكروي المتميز بصرف النظر عن الفائز والخاسر، فتوهج البطولة ينبغي أن يظل بمستواه حتى آخر لحظة، لأن انتصارنا الحقيقي يكمن في نجاح هذه البطولة وبدرجة عالية من التميز، ليبرهن هذا الجمهور أنه فعلاً يعشق الأداء الجميل، وأن ما يعنيه في المقام الأول، هو رسم صورة مشرفة لبلاده كما فعل الجمهور الرياضي في جنوب أفريقيا، والذي حرص على ألا يؤثر خروج بلاده من الدور الأول لبطولة كأس العالم على ألق تلك البطولة التي كان لجنوب أفريقيا شرف تنظيمها، ليتأكد القول بأننا وإن خسرنا صعود المنتخب الوطني إلى الدور الثاني فقد كسبنا جمهوراً وفياً يعتز بوطنه وحبه لهذا الوطن، ومن هذا الشعور سيتواصل حماسه لإنجاح خليجي20 باعتبار ان نجاح هذه البطولة يساوي ألف كأس .