مر أكثر من عشرة أيام على إطلاق فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مبادرته الوطنية الجريئة والشجاعة التي تضمنت دعوته مكونات العملية السياسية في السلطة والمعارضة إلى استئناف الحوار والبحث في الإصلاحات المطلوبة لتطوير النظام السياسي والنهج الديمقراطي وتعزيز بناء الدولة اليمنية الحديثة، والتي وجدت صدى واسعاً على المستوى الوطني ومباركة دولية غير مسبوقة. ورغم كل ذلك، فإن أحزاب "اللقاء المشترك" وعلى عكس المتوقع منها والمفترض بها، لم تحدد حتى اليوم موقفها من هذه المبادرة، وهل هي معها أم ضدها.. مع أن تلك المبادرة الوطنية قد استوعبت كل مطالب هذه الأحزاب من دون أي تحفظ!!. وفي هذه الحالة لم يعد الحزب الحاكم أو الحكومة المعنيين فقط بمطالبة تلك الأحزاب بتوضيح موقفها، بل أن الشعب اليمني بأكمله هو من ينتظر تفسيراً واضحاً منها يبرر هذه الحالة من الغموض والموقف الضبابي الذي ما زال يكتنف رؤية أحزاب "اللقاء المشترك" إزاء هذه المبادرة وغيرها، خاصة وأنها لم تكشف عمّا تريد من وراء إصرارها على إبقاء الأبواب مفتوحة أمام كل الاحتمالات!!. وتقتضي المسؤولية الوطنية في ظل الظروف الراهنة والتحديات العاصفة التي تجتاح المنطقة العربية برمتها وتلقي بظلالها وانعكاساتها السلبية على اليمن وغيره من البلدان العربية، أن نكون صرحاء أكثر مع الجميع ليس تحيزاً لطرف ضد طرف أو لمجاملة هذا الطرف على حساب الآخر. فما يهمنا هو أن يقف أبناء شعبنا على حقيقة المواقف بتجرد من أي انتماء حزبي أو سياسي حتى يتمكنوا من رؤية الحقيقة كما هي لا كما يطرحها بعض من يحاولون خلط الأوراق واستغلال تداعيات المشهد العام الذي يعتمل على الساحة العربية بهدف تضليل الشباب وتغييبهم عن استشراف ملامح الصواب والوقوف على الحقائق والإمساك بتضاريسها، ليصل الأمر إلى تزييف وعي هؤلاء الشباب ودفعهم، أفراداً وجماعات، للخروج إلى التظاهر في الشارع للمطالبة بالإصلاحات، دون أن يدرك هؤلاء الشباب أن من يدفعونهم إلى الشارع لإعاقة حركة السير وإقلاق السكينة العامة والإضرار بمصالح الناس وممارسة حياتهم دون مصاعب، هم أنفسهم من يقفون عائقاً وحجر عثرة أمام الإصلاحات سواء السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية!!. وحتى يكون الناس على بينة أكثر بتفاصيل المشهد ووقائعه وحقائقه، نقول: أليست أحزاب "اللقاء المشترك" هي من أقامت المهرجانات الواحد تلو الآخر للمطالبة بفتح أبواب الحوار للتوافق حول التعديلات الدستورية وحينما استجابت القيادة السياسية لذلك المطلب من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية، بدأ مسلسل التسويف والمماطلة وهدر الوقت من قبل هذه الأحزاب، وعلى النحو الذي يثير أكثر من علامة استفهام؟!!. وكأن المطلوب من هذا الشعب أن يدفن رؤوسه في الرمال على طريقة النعامة عندما تستشعر الخطر، إذْ أنه وكلما لاحت في الأفق بارقة أمل للخروج من الانسداد السياسي، وجدنا أنفسنا أمام فتيل أزمة أخرى لم تكن في البال أو الحسبان، نرتكس معها لننشغل من جديد في دوامة تجاذبات لا طائل منها. وكما قلنا بالأمس أن التضليل الذي استهدف به الشباب من خلال شعارات الاسطوانة المشروخة "التوريث.. والتمديد.. والتأبيد"، قد عكس توجهاً من قبل أحزاب "اللقاء المشترك" لإظهار هذا الشباب كشباب هش ومغيب وسطحي، فإننا نؤكد اليوم على أن استمرار طاحونة هذا التخدير لشبابنا يفرض على أبناء شعبنا مسؤوليات جساماً تجاه بُناة حاضره ومستقبله الذين يراد لهم أن ينسلخوا من عقولهم وكذا طريقة التفكير الصائب التي ينبغي أن نغرسها في دواخلهم. ذلك لأن هناك من يعمد - مع الأسف الشديد- إلى التسلق على هموم هؤلاء الشباب لتنفيذ أجندته السياسية والحزبية حتى لا يدرك أولئك الشباب الذين ينساقون بعفويتهم وراء بعض الدعوات، أنهم ليسوا أكثر من كبش فداء ومطية لبعض من لا تهمهم سوى مصالحهم ولو كان ذلك على حساب مستقبل هؤلاء الشباب الذي لن يكون مأموناً ومضموناً إلاَّ إذا ما تم توظيف الطاقة العظيمة لدى الشباب في المجرى الصحيح، وبعيداً عن ذلك الاستلاب المتشح بالزيف والخداع من قبل أولئك الذين لا يدرون ماذا يريدون ولا يأبهون بعواقب ما يفعلون!!.