شموخٌ، عظمةٌ، إباءٌ، أخلاق العظماء، هذه هي أقل الصفات التي يمكن أنْ نطلقها على فخامة الرئيس وهو يُطِلُّ أمس الثلاثاء بكلمته الموجّهة من العاصمة السعودية الرياض للمؤتمرين في مؤتمر القبائل اليمنية، والتي أبان فيها عن خُلُقٍ نادرٍ قَلَّ أنْ يتصف به أحدٌ مِن أولئك الموتورين والحاقدين الذين يطمحون لكرسي الرئاسة والمناصب العُليا في الدولة والذين كانوا السبب في كل ما تعانيه البلاد اليوم مِن أزمة خانقة لم يسلم منها أحد. لقد ظهرَ فخامته ومِن خلال مفردات خطابِهِ المؤثِّر عظيماً بكل ما تعنيه هذه الكلمة مِن دلالات وإيحاءات، وثابتاً بموقفه كالجبال الرواسي، ذلك أنّهُ يستند إلى قاعدة شعبية كبيرة متناهية، ويستمد قوّتَهُ مِن السواد الأعظم مِن أبناء هذا الوطن الذين هم فعلاً كما قال لا يحبون إلّا مَن تواضع لهم وكان قريباً منهم ويكرهون كل المتعالين والمتطاولين الذين يرون أنفسَهم فوق القانون. وهذا هو جوهر ما عبّرَ عنه كل اليمنيين الذين زادتهم هذه الأزمة حُبّاً للأخ الرئيس وإصراراً على التمسُّك بفخامته أكثر مِن ذي قبل، خاصة وهم يقارنون مدى الفرق الشاسع بين ما أثمرته يداهُ مِن تربية صالحة لذُريّة لم يعرفهم الشعب إلّا بعد تخرُّجهم مِن الجامعات عناصر صالحة أضحت مضرب المثل في التربية والقدوة الصالحة؛ وبين أولئك الشرذمة المتطاولين الذين طفحتْ الصُحُف والمجلات والمواقع الإلكترونية بجرائمهم ومخازيهم وتصرُّفاتهم الهوجاء التي أساءتْ لِمن كان سبباً في وجودهم أكثر مما أحسنتْ لذلك الاسم الذي لا يزال غالبية اليمنيين يكنون له كل التقدير والتبجيل. إنّ علي عبدالله صالح الزعيم الذي أذهل العالم بسياسته الحكيمة طوال مشواره الذي امتدَّ لأكثر مِن ثلاثة قرون ؛استطاع خلالها أنْ ينتشل اليمن مِن الحضيض ويحقق له ما لم يستطع تحقيقه كل الزعماء الذين سبقوهُ؛ وهو الذي لم يدخل مدرسة ولم يلتحق بجامعة.. قد ظهرَ بخطابه أمس ليذهل العالم مجدداً برزانته وتسامحه وقوة تحمُّلِه وصبره في المُلمّات، وأنّه زعيمٌ لم تلد الدنيا -وليس اليمن- مثله، فقد تركَ الأحقاد جانباً وتناسى قضية الثأر لنفسه وهو لا يزال بموقف القادر على أنْ يحيل كل مَن تعاون وشارك في ذلك العدوان الآثم إلى رماد، والشعب معه في كل ذلك، لكنّهُ بأخلاق العظماء آثر أنْ يتحدّثَ عن مصلحة اليمن الذي فداه بدمه وروحه وضحى مِن أجله براحته سنين عددا، وهذا ما لم يكن يتوقَّعه خصوم هذا الوطن ممن استبدَّ بهم الحقدُ وأعماهم عن رؤية كل ما هو صائب؛حتى وإنْ تدثّروا بعباءة الدين فهم منحطون وغارقون في الحقد والكراهية حتى آذانِهم. وإزاء هذا الخطاب التاريخي الذي حَمَلَ في خاتمته البُشرى العظيمة التي ظلَّ يترقّبُها أبناء اليمن منذ مغادرة فخامته إلى أرض المملكة العربية السعودية الشقيقة لا يسعنا إلّا أنْ نتساءل: ماذا بعد هذا الخطاب المتزن والدعوة الصادقة إلى نبذ العنف والعمل معاً مِن أجل مصلحة الوطن سيقوله أولئك المأزومون؟! وماذا بعد هذا الظهور المُشرِّف لهذا الزعيم الذي بدا بصحّة جيدة وخُطىً واثقة وعقلٍ يزن الجبال رجاحةً سيقوله أولئك الذين طلّقوا نساءَهم وحلفوا الأيمان المغلّظة على أنّ فخامته قد مات في حادث جامع النهدين؛ وأنّه وأنّهُ وأنّهُ وأنّهُ..؟؟!! هل سيثوبون لِرُشْدِهم ويعودون إلى جادّة الحق والصواب ويُقرّون أنّ هذا الرَّجُل زعيمٌ استثنائي ويجب التعامل معه وفق صفات العظمة والتسامح والترفُّع والمحبة والتعاون التي يتمتع بها؟ أم سيظل هاجس السُّلطة والرغبة في الوصول إليها بأيّة وسيلة هو المستحوذ على تلك العقول الصدئة التي لا ترى أبعد مِن أنفها؟! faiz.faiz619 @