المؤسسة الدفاعية والأمنية المرتكز الأهم والأساسي لبناء الدول واستقرار وتطور المجتمعات ونهوضها وازدهارها، وعلى انضباط ووحدة وتماسك منتسبي القوات المسلحة والأمن وبنائها تأهيلاً وتسليحاً وتدريباً على أسس علمية حديثة، تتجسد قوة الأوطان ومكانتها الداخلية والخارجية.. والأهم أن تكون هاتان المؤسستان التعبير المكثف لوحدة الشعوب الوطنية،مما يحتم أن يكون ولاؤها لله والوطن والشرعية الدستورية المنبثقة من نظام سياسي ديمقراطي تعددي، وحتى تكون المؤسسة العسكرية والأمنية تجلياً لهذه المعاني والمضامين الوطنية..، يتوجب الفصل بين العملية السياسية وطبيعة تكوين وبناء هذه المؤسسة لتتمكن من أداء وتنفيذ مهامها وواجباتها بصورة ترتقي إلى مستوى متطلبات استحقاقات الذود عن حياض الوطن والدفاع عن سيادته والحفاظ على وحدته واستقلاله وصون أمنه واستقراره، ولتحقيق هذه الغاية ينبغي أن تكون القوى السياسية- بعد ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية في اليمن- حريصة على إبعاد القوات المسلحة والأمن عن أي نشاط سياسي حزبي وهو ما تؤكد عليه القيادة السياسية والعسكرية العليا..والتي تعمل وفق وعي وإدراك على توحيد الجيش والأمن وهيكلتهما وفقاً لتشريعات وقوانين تحظر وجود أية ولاءات ضيقة تتخلل صفوفها، أكانت هذه الولاءات سياسية واجتماعية وحزبية أو مناطقية أو قبلية أو طائفية أو مذهبية، مستفيدة من دروس وعبر الماضي القريب والبعيد المستخلصة من الصراعات والحروب التي مر بها اليمن وأبناؤه في مراحل مختلفة من تاريخه المعاصر والتي كان لممارسة العمل الحزبي والولاء المناطقي والطائفي والمذهبي والقبلي والأسري الدور الأبرز في إذكائها، لذا لا يفترض تكرار مثل هذه الأخطاء ونحن نبني جيشاً وأمناً جديداً لليمن الجديد. ومن هنا فإن هذا التوجه هو من سوف يسهم فعالية أكبر في إعادة تنظيم وتطوير وبناء مؤسسة وطنية دفاعية وأمنية حقيقية لليمن واليمنيين جميعاً لها احترامها وتقديرها وهيبتها من الشعب اليمني قاطبة، لاسيما وان الفرصة مواتية والظرف ملائم وطنياً أو بموجب وقوف المجتمع الدولي معنا للخروج من الأزمة على أسس المبادرة الخليجية والتي من أهم بنودها توحيد الجيش والأمن وهيكلتهما ليكونا مؤسستين وطنيتين لكل اليمنيين، وهذا المسار سيسهم بالتأكيد في انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ونجاحه وتوافق اليمنيين واتفاقهم على صيغة دستورية تحدد شكل الدولة ومضمون النظام السياسي الذي تقوم عليه والبنية المؤسسية لمنظومته وفي مقدمتها مؤسسة الجيش والأمن. ولعل مشروع قانون حماية رجال الأمن وكذا القوات المسلحة أثناء تأديتهم للمهام الأمنية، يعد أول الغيث وخطوة مهمة في الطريق الصحيح لإعادة الاعتبار لمكانة منتسبي الوحدات والأجهزة الأمنية والعسكرية وبما يمكنهم من القيام بمهامهم وواجباتهم بمعنوية عالية وثقة بالنفس، ولكن.. لابد من الإشارة إلى ان هذا لا يكتمل إلاَّ بقوانين أخرى معززة لهذا القانون، ومنها ما يرتبط باستحقاقات المنتمين إلى هاتين المؤسستين وبما يؤدي إلى تحسين أوضاعهم الحياتية والمعيشية والصحية ورعايتهم وأسرهم في حالة تعرضهم لأي مكروه مثل الاستشهاد أو الوفاة أو الإصابة التي تؤدي إلى الإعاقة أو المرض.. فوجود مثل هذا الاهتمام سيحفظ كرامتهم وسوف يشعرهم أنهم قولاً وفعلاً جنود الوطن وحراسه الميامين المؤتمنين على سيادته وأمنه واستقراره وعلى مسيرة تطوره وتقدمه في الحاضر والمستقبل.. هذا كله سيجعلهم يشعرون ويحسون أنهم منتسبو جيش وأمن وطن وشعب ليسو منتسبي حزب أو قبيلة أو طائفة أو منطقة أو مذهب.. مستعدين للفداء والتضحية من أجل اليمن ووحدته وعزته ورفعته.