انتقالة مؤتمر الحوار الوطني من جلسته العامة الأولى الى جلسات اللجان المشكلة حسب القضايا الوطنية المحورية والاساسية التسع، والتي بدأت أعمالها مطلع هذا الاسبوع وبروح جادة ومسؤولة حريصة على ايجاد الحلول والمعالجات التي تضعنا فعلاً على طريق تجاوز الصعوبات والتحديات والاخطار التي عاشها ويعيشها الوطن وأبناؤه.. لتجسد- معنى ومبنى- أن اليمنيين ومن خلال ممثليهم في مؤتمر الحوار الوطني عازمون على انجاح التسوية السياسية للمبادرة الخليجية، لاسيما بعد صدور قرارات رئيس الجمهورية لاستكمال هيكلة القوات المسلحة وبما يستكمل انهاء الانقسام ويعيد وحدة وتلاحم وتماسك بنيان المؤسسة الدفاعية، على نحو تتجسد في صفوفها الوحدة الوطنية لكل أبناء اليمن، وبما يمكنها من امتلاك الكفاءة والقدرة والجاهزية والاستعداد لطمأنة اليمنيين ان الامور تمضي قدماً بالطريق الصحيح، وأنها أصبحت الضامنة ليس فقط لتأمين مسارات التسوية والنتائج التي سيخرج بها مؤتمر الحوار الوطني فحسب، بل ايضاً الاسهام الفاعل في بناء اليمن الجديد ودولته المدنية الديمقراطية المؤسسية القوية القادرة العادلة التي في ظلها نتجاوز مآسي الماضي وويلات محن صراعاته وحروبه وفتنه وفساده، الذي تنهش في الجسد اليمني بما فيه الكفاية، وآن الأوان للخلاص من كل مظاهره التي دمرت اليمن- أرضاً وانساناً- ملحقة أضراراً فادحة في منظومة القيم والاخلاق والمبادئ العظيمة والنبيلة التي عرف بها شعبنا اليمني الحضاري العريق والعظيم. ان هذه النجاحات التي باركها شعبنا وأيدها ويؤيدها ويدعمها أشقاؤه وأصدقاؤه من المجتمع الاقليمي والدولي لتؤكد ان السير نحو تأسيس مفاهيم الاصلاحات والتسوية السياسية يحقق نجاحات ملموسة.. ويفضي إلى ما هو مأمول منه.. إلا أن هناك ممن لا زالت مصالحه الأنانية الضيقة تدفعه الى رهانات دون وعي سيكون هو أول وأكبر الخاسرين فيها، وهذا يتضح من أننا كلما خطونا خطوة الى الامام يحاول البعض إعادتنا عشر خطوات الى الخلف بما يقومون به من ممارسات حمقاء ورعناء تتجلى فيها الروح الاجرامية العقابية لشعب بكامله لأنه أراد التغيير.. باصرارهم على استمرار اشاعة الفوضى وأعمال التخريب وقطع الطرقات، ولعل المثال الأبرز في هذه التوجهات الحاقدة الاستهداف المستمر لمنشآت الطاقة الكهربائية من أبراج وخطوط نقل ومحطات.. ان الاعمال الشريرة لضرب أسس انتاج الطاقة الكهربائية لا تزيد اليمنيين إلا قناعة وإصراراً على مواصلة السير في المسار الصحيح مؤكدين على ضرورة تمسكهم بملامح المستقبل المحقق لطموحات وتطلعات اليمنيين في مؤتمر حوارهم الوطني الذي انطلق في مجموعات عمل لبحث ومناقشة قضايا الوطن بشفافية ووضوح، تتطلب من كل الاطراف المتحاورة التعاطي الموضوعي والاستعداد لتقديم التنازلات من أجل الخروج بمحصلة تؤدي الى أساس وبناء جديد لليمن الوطن والدولة والمجتمع، يجعل الانتماء إليه ليس محتوىً فارغاً، بل حقيقة معاشة في مساواة وعدالة اجتماعية سياسية واقتصادية ينعم بها الجميع عبر وجود مؤسسات دولة مدنية حديثة تطبق القانون، وتحقق النظام دون تمييز بين أبناء الوطن الواحد الذي لا مكانة فيه لأي شكل من أشكال الاجحاف والظلم والاقصاء والتهميش لأي مكون من مكوناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو أي فردٍ من أفراده. ومن أجل الوصول الى هذه الغاية علينا كيمنيين- مواطنين واحزاباً وقوى سياسية واجتماعية ومنظمات مجتمع مدني ورجال دين وفكر وعلم واعلام- ان نستشعر المسؤولية تجاه أنفسنا ووطننا وشعبنا وأجيالنا القادمة، وأن نعمل معاً دون تواكل أو تراخٍ أو توانٍ، وبهمة عالية كلُّ من موقعه وفي موقعه على المواجهة والتصدي لكافة المعيقات والتحديات، وفي الصدارة اعمال التخريب والارهاب، وما تؤدي إليه من مظاهر القنوط والاحباط واليأس والتشاؤم واللامبالاة تجاه أنفسنا ووطننا في هذه الفترة الدقيقة المعقدة والحساسة من تاريخه.. وبروح متحفزة منتصرة وبوعي ومسؤولية عالية حتماً سننتصر وسينتصر بنا اليمن الجديد لحاضره ومستقبل أجياله.