في خطوة لافتة، أصدر مجلس الأمن الدولي مساء أمس الخميس قرارا اعتبر فيه أن تفشي فيروس الإيبولا في إفريقيا بات يشكل تهديدا حقيقيا على السلم والأمن الدوليين، مطالبا في الآن نفسه برفع القيود عن التنقل التي فرضت على حدود الدول التي تشكل بؤرا للوباء. ففي قرار صدر بإجماع الأعضاء ال 15 المشكلين للمجلس، دعا مجلس الأمن شركات الطيران وشركات الملاحة البحرية إلى الإبقاء على خطوطها مفتوحة مع الدول التي تسجل إصابات بالمرض، واعتبر أن هذه القيود "تزيد من عزلة الدول التي يتفشى فيها الوباء وتجهض جهودها لمواجهته". وهذه هي المرة الأولى التي يصف فيها مجلس الأمن الدولي حالة طوارئ صحية بأنها تشكل خطرا على الأمن والسلم الدوليين، وإحدى المرات النادرة في تاريخه التي يتدخل فيها في أزمة متعلقة بالصحة العامة، حيث لم يسبق له أن أصدر قرارات تتعلق بأوبئة إلا مرتين، في العام 2000 و 2011 وكلاهما كان بشأن فيروس فقدان المناعة المكتسبة (السيدا). وفي قراره ليوم أمس رقم 2177 الذي رعته 131 دولة، وهو رقم قياسي آخر، دعا مجلس الأمن إلى التحرك لوقف التفشي المرعب لفيروس "إيبولا" في غرب القارة الإفريقية وحث دول العالم، وخاصة القوى العظمى، على تقديم مساعدة عاجلة للدول التي تفشى فيها الوباء، وفي مقدمها غينيا وسيراليون وليبيريا، مشيرا إلى أن هذه المساعدات يتعين أن تشمل بالخصوص مستشفيات ميدانية وأطباء وطواقم تمريض ومعدات لوجستية والنقل الجوي الطبي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعلن في رسالة وجهها لمجلس الأمن، عن تشكيل بعثة ميدانية في غرب إفريقيا لتنسيق جهود مكافحة تفشي الوباء ، موضحا أن هذه البعثة ، التي ستكلف بمهمة تنسيق رد طارئ على انتشار الوباء، ستتخذ مقرا في المنطقة، ولكن ليس في الدول الثلاث الأكثر تضررا من المرض على أن تكون لها فروع في تلك الدول . وسيقود البعثة ممثل خاص عن الأمين العام، وستكلف بجمع قدرات وكفاءات جميع فروع المنظومة الأممية في بنية موحدة، من أجل ضمان رد سريع وفعال على الأزمة، وستتعاون مع حكومات الدول المتضررة والمجاورة ومع المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وفي سياق متصل، طالبت الأممالمتحدة بتوفير حوالي مليار دولار (773 مليون أورو)، لمكافحة إيبولا في منطقة غرب إفريقيا، أي نحو ضعف الأموال التي سبق وطلبتها قبل أقل من شهر. وصرح منسق الأممالمتحدة الخاص بمكافحة إيبولا ديفيد نابارو لوسائل الإعلام، عقب اجتماع دولي مغلق الثلاثاء المنصرم بجنيف، أن الأممالمتحدة بحاجة لمليار دولار، واصفا تعبئة هذا المبلغ ب "التحدي المالي الهائل". وتشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن أزيد من 22 مليون شخص يعيشون في مناطق ينتشر فيها الفيروس يحتاجون للمساعدة، بحسب وثيقة نشرت على هامش هذا الاجتماع، وتوقعت أيضا أن يصاب 20 ألف شخص بإيبولا بحلول نهاية السنة، 16 بالمائة منهم في غينيا و 40 بالمائة في ليبيريا و 34 بالمائة في سيراليون.