معظم اليمنيين يعرفون من هو صالح الهديان! الملحق العسكري السعودي بصنعاء والذي تولى الاشراف الفعلي على تصفية الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه قائد قوات العمالقة عبدالله الحمدي. وكان الهديان يتصرف في صنعاء وكأنه الحاكم العسكري لليمن فيتدخل في كل صغيرة وكبيرة ويملي على أجهزة الدولة ما يريده من قرارات واوامر باعتباره ممثلاً للنظام السعودي الذي يرى ان اليمن مجرد تابع وتحت الوصاية والهيمنة. في عهد الحمدي اقتصر نفوذ الهديان على مجموعة العملاء التابعين للنظام السعودي داخل الجيش ومنهم قادة عسكريون مقربون من الرئيس الحمدي الذي اتجه نحو بسط نفوذ الدولة وتحقيق سلطة القانون على الجميع وهو ما أدى الى تضييق الخناق على تحركات السفير السعودي ومعه الملحق العسكري. وتورط المملكة السعودية بدم الرئيس الحمدي امر لا يحتاج الى دليل إثبات او تأكيد فقد ورد اسم الملحق العسكري السعودي وكذلك النظام السعودي في الكثير من التقارير الإعلامية وكذلك تقارير السفارات ومراسلات لم يُكشف عنها بعد وجميعها تؤكد أن النظام السعودي وراء اغتيال الرئيس الحمدي وتصفيته بتلك الطريقة البشعة والمروعة مع شقيقه إضافة الى اختفاء عدد من المحسوبين عليه من قيادات الدولة في نفس يوم الاغتيال ناهيك عن الاخفاء القسري الذي طال العشرات من المثقفين والسياسيين والناشطين الذين لم يكشف عن مصيرهم حتى اللحظة فقد كانت قيادات عسكرية وأمنية في الأجهزة الحكومية اليمنية تعمل لصالح النظام السعودي الذي رغب في تصفية كافة المعارضين للدور السعودي في الشطر الشمالي. أما عن أسباب الإصرار السعودي على التخلص من الرئيس الحمدي فالاسباب متعددة ابرزها توجه الحمدي نحو استقلال القرار الوطني والاستمرار في عملية البناء بعيداً عن الشروط السعودية, ناهيك عن ملف الحدود الذي رفض الحمدي تقديم أية تنازلات فيه وكذلك ملف النفط الذي عمل الحمدي على استقدام الشركات الأجنبية للاستكشاف في الكثير من القطاعات والمناطق وعلاوة على ذلك قيامه بتمتين العلاقة مع الشطر الجنوبي وموقفه من أمن البحر الأحمر والدور الذي بدأت تأخذه اليمن على المستوى الإقليمي والعربي. لقد اصبح الحمدي في نظر النظام السعودي متمرداً يستحق العقاب رغم انه ظل حريصاً على التعامل مع هذا النظام بما يحفظ العلاقة بين البلدين والشعبين ولهذا كانت مطالب الحمدي تقتصر على إيقاف السعودية دعم المخربين والمشايخ الذين وقفوا ضد بناء الدولة وكذلك عدم التدخل في الشأن الداخلي لليمن وبما يؤدي الى إيقاف عجلة التنمية والتأثير على عملية البناء. احدى وثائق السفارة الامريكية تؤكد ان الحمدي حاول توسيط الرئيس السوداني جعفر نميري لدى السعودية وهو ما يؤكد ان الشهيد الحمدي كان حريصاً على استمرار العلاقة بل لم يكن في مخيلته, بل ولا في مخيلة اليمنيين كافة ان يصل الامر بهذا النظام الى الاقدام على جريمة التصفية والاغتيال وهي الجريمة التي لم تستهدف الحمدي كشخص وكرئيس بقدر ما استهدفت اليمن المشروع والنهضة والتقدم والمستقبل. وبعد ان قررت المخابرات السعودية بالتعاون مع مخابرات دولية التخلص من الرئيس الحمدي كان هناك عدة سيناريوهات لاغتيال الحمدي من ضمنها ايكال المهمة للأدوات المحلية وتحديداً للقادة العسكريين التابعين للسعودية والذين كانوا للأسف الشديد من المقربين من الحمدي, وقد تمكنت السعودية وكذلك مخابرات دولية من استقطابهم فكانوا يعملون على تزويد النظام السعودي بالمعلومات المطلوبة عن الحمدي وماذا يقول في الاجتماعات المغلقة سيما مع القيادات العسكرية..وتم إصدار الأوامر بالإسراع في تنفيذ عملية الاغتيال وذلك قبل موعد الزيارة المرتقبة للحمدي الى عدن والتي كانت مقررة ظهر الأربعاء الموافق ال12 من أكتوبر 1977م. كان الحمدي قد عاد من زيارة عدد من المحافظات وبدأ في الإعداد للزيارة المرتقبة إلى عدن في الوقت الذي كثف عملاء السعودية من تحركاتهم لتنفيذ العملية. هذا وكان وفد عسكري سعودي قد وصل صنعاء بعد العملية بثلاثة أيام وفي مثل هذه الأحداث وهذه الظروف يعمل النظام السعودي على استخدام المال لضمان الموقف وهو ما حدث في تلك الفترة وتكرر- أيضاً- بعد ذلك.