كلمات السيد حسن نصر الله قضت مضاجع آل سعود وحلفاءهم من المرتزقة والمعتدين توطئة: لم يقتصر تحالف العدوان على الحرب العسكرية, فقد شن على اليمن حربا إعلامية موازية, حشد لها كل الإمكانات والخبرات الضليعة في التضليل وقصف العقول وفي أساليب الحرب النفسية التي تسعى الى إنهاك الخصم دون حاجة الى المزيد من القوة النارية.. وإمعانا منه في هذه الحرب عمد التحالف السعودي الامريكي على استهداف الاعلام الوطني اليمني حتى يخلو له فضاء التأثير في جمهور المتلقي يمنيا وعربيا ودوليا, فقام بحجب الكثير من الفضائيات والوسائل الاعلامية والتشويش عليها واستنساخ بعضها وإغلاق العديد منها. غير أن الجبهة الإعلامية المواجهة للعدوان تمكنت من استعادة زمام المبادرة, وقدم الاعلام الوطني ملحمة كبرى في إطار المسؤوليات الملقاة على عاتقه بالموازاة مع تضحيات وصمود الشعب اليمني في مواجهة الحرب العاتية بمختلف صنوفها وتداعياتها. عبدالله علي صبري والى جانب الاعلام الوطني برز الدور الكبير للإعلام الصديق ممثلا في الصحف والفضائيات العربية المحسوبة على محور المقاومة والممانعة, ونتيجة لهذا التأثير الذي تمكن من كسر الحصار الاعلامي السعودي على اليمن فقد كان للكثير من هذه الوسائل نصيبها من الاستهداف عبر الترغيب والترهيب ثم الحجب والاغلاق. ولم تكن مصادفة أن الاستهداف السعودي للإعلام العربي المقاوم قد صب في خانة المصلحة العليا للكيان الصهيوني الغاضب الذي بدا عاجزا في وجه التأثير الكبير لهذه الوسائل على جمهور المتلقي العربي (بل والاسرائيلي) فإذا بالتحالف السعودي يقوم بهذه المهمة القذرة التي اتخذت من حرب اليمن ستارا لاستهداف الإعلام المقاوم. وشيئا فشيئا, ومع استمرار العدوان على اليمن تكشفت المطامع الدولية الكبرى في هذه الحرب التي يخوضها النظامان السعودي والاماراتي بالوكالة, وتكشفت حقيقة مرة, تفيد أن السعودية تحديدا قد قطعت شوطاً كبيراً في مضمار التعاون والتطبيع مع الكيان الصهيوني, الأمر الذي جعل استهداف الإعلام العربي المقاوم مهمة مشتركة لنظامين ودولتين اتحدتا وتشابهتا حين الميلاد وفي النشأة والمسار, ويبدو أنهما ستلتقيان أيضاً على هاوية الانهيار المشترك. أبرز الوقائع : إضافة الى استهداف الإعلام الوطني اليمني, وتكميم الأفواه في الداخل السعودي, وفي ظل ضغط تداعيات العدوان السعودي الامريكي على اليمن اتجهت السعودية الى محاولة إحكام الحصار الإعلامي على اليمن من خلال استهداف عدد من الوسائل الإعلامية المساندة لمظلومية الشعب اليمني, والغالية منها محسوبة على محور الإعلام المقاوم لإسرائيل وللمشروع الصهيوأمريكي بالمنطقة. فقد أقدمت السلطات السعودية على حجب الموقع الإليكتروني لصحيفة الأخبار اللبنانية عن التصفح داخل المملكة, حيث كانت صحيفة الاخبار من أهم الصحف العربية التي سلطت الضوء على حرب اليمن وجرائم التحالف بحق المدنيين في مقابل صمود الشعب اليمني والقوى الوطنية وعلى رأسها حركة أنصار الله. كما أقدمت السعودية على حجب الصحيفة الإليكترونية رأي اليوم عن التصفح داخل المملكة منذ أغسطس 2015م, ومعروف أن للصحيفة ورئيس تحريرها عبدالباري عطوان مواقف قومية مناهضة لإسرائيل ولعلاقة السعودية بالكيان الصهيوني, بالإضافة الى موافق التنديد بجرائم وانتهاكات التحالف السعودي الاماراتي في اليمن. وفي تصعيد لافت أقدمت شركة “ عربسات للبث التلفزيوني في ديسمبر 2015م على حجب قناة “ المنار” من أقمارها الاصطناعية بعد نقل مركز الشركة من لبنان الى الاردن, ولا يخفى على المتابع أن تغطية المنار وكلمات أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عبرها, قد أقضت مضاجع آل سعود وحلفائهم من المرتزقة والمعتدين وبعدها بأيام أقدمت إدارة عربسات على حجب قناة الميادين من القمر الاصطناعي, في خطوة أكدت استهداف الاعلام العربي المقاوم لإسرائيل والمناهض للعدوان السعودي على اليمن. وبلغ الاستهداف السعودي ذروته في إبريل 2016م, حين أوعزت الرياض الى شركة نايل سات المصرية بحجب قناة المنار على قمرها الاصطناعي. وفي إطار الاستهداف الممنهج قامت السفارة السعودية في لبنان (مايو2017م) برفع دعوى قضائية ضد صحيفة “الاخبار” ورئيس تحريرها إبراهيم الأمين بدعوى نشر مقال انضوى على اتهام المملكة العربية السعودية “بالتواطؤ مع إسرائيل أثناء عدوانها على لبنان, في (يوليو) عام 2006م, والتماهي مع المشروع الصهيوني في فلسطين وقبولها بالهزيمة في وجه إسرائيل. سجل أسود الجدير ذكره أن السعودية تحتل المرتبة 19 عربيا في المؤشر العالمي لحرية الصحافة للعام 2018م كما احتلت المركز رقم 169 ضمن تصنيف 180 دولة حول العالم, وهو ترتيب متدن جدا ويكشف الى أي مدى تعد السعودية دولة منتهكة للصحافة ولحرية الرأي والتعبير وحسب منظمة مراسلون بلا حدود فإن ترتيب السعودية قد يزداد سوءاً خلال النسخة المقبلة للمؤشر المزمع إصدارها في إبريل 2019م, بسبب تصاعد قضية مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول, ومع تصاعد الاتهامات العالمية بتورط الحكومة السعودية في قتله, وهي اتهامات طالت ولي العهد السعودي نفسه, محمد بن سلمان. حرب أخرى على اليمن : حين حجبت السلطات السعودية موقع صحيفة “رأي اليوم” قال بيان للصحيفة أن هذه الخطوة جاءت بسبب تغطيتها المهنية والموضوعية للحرب في اليمن, ومواقفها الواضحة والصريحة التي تطالب بالحوار وتجنب الحلول العسكرية لقضايا المنطقة العربية ودول الجوار ولفتت أسرة الصحيفة أن هذا الموقف يتعارض مع حقوق القارئ السعودي في الاطلاع على كل وجهات النظر دون أية رقابة أو معوقات. وهنا بيت القصيد, فالنظام السعودي وقد شن حربا غير مشروعة على اليمن, تنبه الى خطورة ما ينشر ويبث في وسائل الاعلام ويتناقض مع رواية التحالف وحسب بعض المراقبين المحايدين ومن خلال نظرة سريعة لعناوين الأخبار (خلال السنة الأولى من الحرب على اليمن) كان هناك نقص في التغطية لليمن مقارنة بالأحداث العالمية الأخرى ما جعل البعض يصف العدوان على اليمن بالحرب المنسية.. وقال هؤلاء أن هناك عدة أسباب تفسر عم الاهتمام باليمن منها أن السعودية تشتري صمت الإعلام الى جانب توظيف شركات علاقات عامة لتحسين صورتها في الاعلام كما ان الصحفيين الأجانب المستقلين لا يمكنهم دخول اليمن. من جهته أدان حزب الله بشدة القرار الجائر الذي اتخذته مؤسسة نايل سات للاتصالات والقاضي بوقف بث قناة المنار الفضائية على قمر نايل سات.. وأكد الحزب أن هذه الخطوة تعتبر انتهاكاً صارخاً لحرية الرأي والتعبير ومحاولة لكتم صوت المقاومة والحق الذي تجسده هذه القناة الحالمة لشعار واضح تطبقه بكل حرص وهو “ قناة المقاومة والتحرير.. قناة العرب والمسلمين” وبلغة دبلوماسية ألمح بيان الحزب الى الدور السعودي في هذا الانتهاك حين وصف خطوة الشركة المصرية بالانسياق مع الهجمة التي تشنها بعض الأنظمة العربية على المقاومة بكل قطاعاتها ومن ضمنها القطاع الإعلامي. وقال رئيس مجلس إدارة قناة الميادين غسان بن جدو أن قيام عربسات بحجب بث القناة, جاء على خلفية التغطية الإنسانية للملف اليمني. ولا ريب فقد كانت “ الميادين “ وما تزال صوتاً إعلامياً مقاوماً مناهضاً للعدوان ولحرب الإبادة والمجازر التي يرتكبها التحالف السعودي ولا يزال, فاستحقت تقدير واحترام اليمنيين, وتعرضت في المقابل الى سخط سعودي تطور الى انتهاك مباشر من خلال حجب بثها على القمر الاصطناعي عربسات, فلم تهادن أو تتراجع عن خطها المهني والإنساني المشهود. وحب إعلاميين فإن النظام السعودي قد حول من خلال هذه الانتهاكات الجمهور العربي والعالمي الى قطيع تائه حيث أمعن في قتل حقيقتين جوهريتين : حقيقة ما وراء الحرب, وحقيقة الجرائم التي ارتكبها التحالف السعودي بحق المدنيين. في ما قال مدير قناة العالم الفضائية سيد احمد سادات في تعليقه على هذه الانتهاكات بأن السعودية تحاول حذف جبهة المقاومة من الاعلام العربي بواسطة سياسة كتم الأفواه على غرار ما نشاهد عند الكيان الصهيوني والدول الغربية بشأن حذف خصومها.. وأشار الى ان أكثر من 70% من الاعلام العربي يخدم سياسات الرياض بشكل مباشر أو غير مباشر. ولفت سادات الى ان الخطوات السعودية تأتي بعد الرياض الهزائم المتعددة في اليمن والعراق وسورياولبنان موضحا أن السعودية تريد الانتقام من جبهة المقاومة. في المقابل كشفت الحرب العدوانية الاعلامية على اليمن سقوط كثير من المبادئ التي طالما تشدق بها الاعلام الحر وخاصة ما يتعلق بالحيادية والتنوع فقد انخرطت غالبية وسائل الاعلام الناطقة بالعربية والممولة من دول غربية, في عملية التضليل الاعلامي والسياسي المصاحب للحرب على اليمن في مختلف البرامج التي تبثها للمشاهدين وبالذات الخبرية منها ورغم الاختلافات في أساليب وصياغة المادة الإعلامية إلا ان المضامين كانت متشابهة بل ومتطابقة الى حد ما وكأنها تصدر عن مطبخ إعلامي واحد. الاعلام المقاوم.. الأدوار والتحديات : لا يمكن فصل دور الإعلام العربي المقاوم في مساندة القضية اليمنية, عن الدور المحوري الذي يلعبه الاعلام المقاوم في مواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية. ولم يعد سراً أن القوى والجهات التى خذلت الشعب الفلسطيني, هي نفسها التي انبرى إعلامها للحشد لما يسمى بعاصفة الحزم, تحت مزاعم استعادة الشرعية, والحد من النفوذ الإيراني في اليمن وحينما اضطلع محور المقاومة والاعلام المعبر عنه بمسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية وجد نفسه مصطفا على نحو تلقائي الى جانب مظلومية الشعب اليمني, التي بلغت من المعاناة والقساوة. والتعميم الى الحد الذي قال فيه سيد المقاومة حسن نصر الله أن مظلومية الشعب اليمني تفوق مظلومية الشعب الفلسطيني في عصرنا الراهن, ولا شك أن هذا الموقف القوي لأمين عام حزب الله قد انعكس ايجابا على مواقف الاعلام العربي المقاوم فعلى سبيل المثال : خصصت قناة نبأ الفضائية برنامجا اسبوعيا عن اليمن تحت مسمى “ عاصفة الوهم “ سلطت فيه الضوء على تداعيات العدوان السعودي الامريكي على اليمن واستضافت العشرات من الخبراء والصحفيين الذين قدموا معلومات وتحليلات مغايرة لما ألفه المشاهد العربي في قنوات ووسائل التضليل الممولة سعوديا وخليجياً. وبالمثل أطلقت قناة العهد برنامجا اسبوعيا تحت مسمى “ يمن الصمود “ تميز بمواكبة الحرب عل اليمن من خلال ضيوف يمنيين محسوبين عل الجبهة الوطنية المناهضة للعدوان, وعكس البرنامج الحقائق التي أراد العدو تغييبها, وخاصة ما يتعلق بصمود الشعب اليمني وانتصارات الجيش واللجان الشعبية. أطلقت قناة الميادين أكثر من حملة تضامنية مع الشعب اليمني ومنها حملة أنقذوا أطفال اليمن, التي سلطت الضوء على التداعيات الكارثية للحرب والحصار في شقها الانساني وكان لتغطيتها المواكبة والمتميزة لمجزرة الصالة الكبرى (8/10/2016م) تأثيرا كبيرا على المواقف الدولية التي خرجت عن صمتها وباتت أكثر حساسية تجاه الملف اليمني. اشتركت عدة فضائيات محسوبة على الاعلام المقاوم ولأكثر من مرة في بث مشترك عن اليمن ومستجدات العدوان والصمود وكان لمثل هذه الحملات أثرها الكبير في التعريف بجرائم وانتهاكات التحالف السعودي, وفي الحد من التضليل الاعلامي المصاحب لهذه الحرب. واكبت عشرات الوسائل الاعلامية المرتبطة بمحور المقاومة أخبار ومستجدات الحرب على اليمن في نشراتها وتقاريرها الاخبارية وفي برامجها الحوارية والتحليلية والوثائقية اهتمت قناة الاخبارية السورية عل نحو خاص بالملف اليمني, رغم الهجمة الكبيرة على سوريا التي تطلبت استنفارا اعلاميا في مختلف الوسائل الرسمية للدولة السورية, ومرة أخرى لم تكن مصادفة أن الاعلام المضلل الذي استهدف اليمن كان نفسه الاعلام الذي استهدف سوريا ومحور المقاومة بشكل عام. والى جانب قناة المنار المواكبة للحدث اليمني عملت إذاعة النور على تقديم مادة مسموعة مختلقة.. وبمناسبة اليوم العالمي للطفل أطلقت الاذاعة حملة تضامنية مع أطفال اليمن. لكن الى جانب الاهتمام بالقضيتين الفلسطينيةواليمنية يتعين على الاعلام العربي المقاوم الارتقاء بأدائه في خدمة الحقيقة وتعزيز الوعي خاصة بعد ان سقطت كبرى المشاريع الاعلامية العربية في خدمة المشروع الصيوأمريكي وأجندته السافرة. وبإمكان القائمين عليه الاستفادة من المستجدات والمتغيرات الاخيرة حيث سمح الانتصار الاستراتيجي لمحور المقاومة عل داعش والجماعات الارهابية بالكشف عن الكثير من الحقائق المستترة التي عمل الاعلام التضليلي على حجبها والتعتيم عليها وحاول صرف الأنظار عن محاولات فضحها, ومن هذه الحقائق أن النظام السعودي الرسمي على صداقة وعلاقة مباشرة بالكيان الصهيوني, وأن علاقة تل أبيب بالرياض أقوى في واقع الحال من علاقات كثير من الدول العربية مع بعضها البعض. وقد بات جليا أن الدعم الأمريكي للسعودية ونظامها القمعي يأتي في إطار حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة, كما أكد على ذلك الرئيس ترامب نفسه وهو يحاول أن يتجنب قطع العلاقة مع السعودية رغم التداعيات الكبيرة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. إن تغير الصورة النمطية عن السعودية وحكامها, وما يصاحبه من اتجاه دولي نحو إيقاف الحرب على اليمن, يفرض على الاعلام العربي المقاوم استغلال هذا المنعطف بما يخدم القضية الفلسطينية ويعزز من التفاف الشارع العربي والإسلامي حول خيار المقاومة, الذي أثبتت الأيام أنه الخيار الصائب ولنا في المستجدات الأخيرة في قطاع غزة خير مثل على أن العدو الصهيوني لا يفقه سوى لغة القوة والتحدي.. التحية والتقدير في الأخير لكل قنوات ووسائل الإعلام المقاوم ولكل الإعلاميين الأحرار في شتى بقاع العالم الذي كان لهم الفضل في كسر الحصار والتعتيم الإعلامي السعودي على اليمن, وفي كشف انتهاكات وجرائم وتحالف العدوان بحق الإعلام اليمني والعربي والإسلامي المقاوم. # رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين