عندما تزوجت في 16سبتمبر 1993م شرفني بالحضور يومها عدد من الزملاء في دائرة التوجيه المعنوي وصحيفة 26 سبتمبر بينهم الصديق والزميل الراحل عبدالله الشعوبي, والفنان الكبير أحمد المعطري, فهمس الفنان المعطري في أذني بعد أن غنى أغنية عرائيسية رائعة, فقال « أخ يحيى كلم أصحابك مش هكذا؟ قلت أيش أكلمهم, قال يا أخي أنا فنان مش شاقي كل واحد منهم يقول « أحمد .. دُق « الناس يقولوا لو سمحت أطربنا, غني لنا, مش أحمد دُق, هذه كلمة جلفة. وصادف يومها أن المزمر كان أعورا فقال البعض إنه سيكون نذير شؤم وقد يتحول العرس إلى مأتم, حيث كانت الأزمة السياسية بين « المؤتمر الشعبي العام « و « الحزب الاشتراكي « في ذروتها فالسلاح والرصاص كان منتشرا بكثرة بانتظار حرب العام 1994م, فكان من يريد التعبير عن درجته العالية من الاحتفال نشن وهات ياقراح بالأوالي, وأحدهم فجر قنبلة احتفالا بنظر عينه (يحيى), وكأننا في غزوة ومعركة حامية الوطيس, تشعر وأنت عريس بالموت في ليلة الدخلة, فكان من قاموا بذلك « القراح « أقرب إلى تسميتهم ب» ثوار ليلة الدخلة « وأنا قائدهم رغم أنفي, في يوم قلب نظام حكم العزوبية بنظام حكم الزوجية. وفي منتصف الثمانينات كنت مجندا في إحدى المحافظات, فسمعنا أصوات المدافع والأسلحة الرشاشة طوال اليوم, فاعتقدنا بأنها حرب بين قبيلتين قد اندلعت فقيل لنا لا تخافوا « ختنوا ولد ال........ «, ولم نخف بعدها بل كدنا نموت من الفجيعة, وهكذا .. محكوم علينا أن نولد بالرصاص ونتخرج من المدرسة والجامعة على وقع الرصاص ونذهب إلى الحج وأداء العمرة لتكفير الذنوب والعودة كما ولدتنا أمهاتنا ونعود فنجد من يستقبلنا بالرصاص, وهو شكل من أشكال الإرهاب الذي نمارسه بحق أنفسنا, وتخطب البنت على أصوات الرصاص وتتزوج كذلك على أصوات الرصاص وتلد مولودها الأول على أصوات الرصاص, وكأن اليمني خلق من الرصاص ويدفن في الرصاص وليس من تراب ويعود إلى التراب.. وذات مرة بعد العام 1994م شكا زميل صحفي أنه تعرض للسرقة, فقال لقد أبلغت المباحث الجنائية عن أن بيتي سرق, فقلت وماذا سرقوا؟ قال « آلي ومسدس وعشر قنابل وألفين رصاصة آلي وذخيرة رشاش, وجنبية غالية وجنبهن زلط «, هذه من عدة الصحفي, حينها, وليس الكل طبعا .. قتلى كثيرون سقطوا من العرسان في ليلة الدخلة برصاص فرحة الاحتفال بهم فكانوا شهداء الفرح, ومن عاش منهم تخيل النسل القادم أي فصيلة دم سيحمل إذا ما كان الاحتفال بوالديه في ليلة الدخلة بالرصاص والقنابل والطماش والنار والمجنيق؟ هل ستكون فصيلة دمه نووية أو ذرية, لقد سأل سائل هل « لأعراسنا ومناسباتنا أن تتم بدون سلاح وبدون رصاص وبدون قتل كهذا الذي يحدث ؟ فقالوا نعم ولكن من سيعلم بعرسه إن غابت بنادق الفرح وقوارح السلا ! كل شيء في حياتنا صاخب, نتحاور بعنف وبالصوت العالي حتى يسمعنا الموتى, إعلاناتنا التي تقدم في إعلامنا بما فيها العطور وأدوات التجميل تشعرك أنها أخرجت من فوهات المدافع وقذائف الدبابات, تسمع المعلن يروج لبضاعته عبر أصوات ترعبك وترفع لك ضغط الدم والسكر وقد تخصيك أحيانا, وكأنك تشاهد فيلم رعب أو فيلما لمصاصي الدماء, وفوق ذلك هناك عدوان خارجي من فوقنا ومن تحتنا ومن حولنا يضاف إليه عدوان آخر نصنعه بأيدينا .. في إحدى إذاعاتنا المحلية ظل المذيع يقدم فنانة شعبية لأكثر من عشر دقائق وهو يصفها ب» الأستاذة «, وكنت سهرانا ليلتها أستمع لما ستغني وما ستقول لأكثر من ساعة, وكان من بين ما غنته أغنية تقول « وعمتي مخزنة بليمه.. مخزنة جنبي ساع البهيمة «, ولا أدري أي علاقة بعد هذه الأغنية القادمة..