تحل علينا ذكرى فاجعة اغتيال الزعيم الحمدي في الانقلاب الدموي البشع والمروع الذي شهدته العاصمة صنعاء يوم الثلاثاء الأسود 11أكتوبر 1977م. اغتيال الرئيس الحمدي ضمن مؤامرة تعرض لها اليمن في تلك الفترة حيث تفيد المعلومات والأدلة والوثائق ضلوع القيادة السعودية في تلك الفترة بالجريمة المروعة وتولي أدوات يمنية من القيادات العسكرية العميلة التنفيذ بإشراف مباشر من الملحق العسكري السعودي بصنعاء العقيد صالح الهديان. وطنية الرئيس الحمدي جعلته مستهدفاً من العملاء والخونة الذين ارتهنوا للخارج وقبضوا ثمن خيانتهم للرئيس الذي وضع ثقته فيهم وأعانهم للوصول الى اعلى المناصب القيادية ظاناً أنهم البديل الوطني المناسب للقوى التقليدية. وفي هذه الذكرى الأليمة على كل أبناء الشعب اليمني تحيي القوات المسلحة من خلال دائرة التوجيه المعنوي يوم الوفاء للرئيس الحمدي وذلك بفعالية تقام السبت القادم وكذلك معرض صور سيكون متاحاً لكافة المواطنين. ويعتبر اغتيال الحمدي من شواهد التدخل السعودي السافر في شؤون اليمن الداخلية وجريمة لا يمكن أن تسقط بالتقادم كون ما حدث في 11أكتوبر 1977م لم يؤد فقط إلى اغتيال رئيس الدولة وعدد من القادة العسكريين بل كانت تأثيراته وتداعياته مستمرة حتى وقتنا الحالي وانعكست تلك التأثيرات والتداعيات سلباً على حياة اليمنيين من خلال تحكم عصابات الفساد والعمالة من القتلة بالبلاد طوال العقود الماضية. ورغم محاولات تغييب الحمدي من خلال سياسات السلطة الفاسدة وكذلك الهيمنة السعودية على البلاد إلا ان الحمدي استمر في الحضور بالذاكرة الشعبية لدرجة أن الأجيال المتلاحقة تعرف الحمدي أكثر من معرفتها بعصابات الفساد والنهب والارتزاق رغم أن الحمدي لم يستمر طويلاً في الحكم فقد طالته أيادي الغدر والخيانة قبل أن يكمل عامه الرابع. ويُمثل الحمدي حالة فريدة من بين الزعماء في اليمن والمنطقة وذلك بما حققه من شعبية كاسحة أجبرت القتلة في مرحلة معينة على منع تداول اسم الحمدي وصوره ومشاريعه وإنجازاته فقد كان الحمدي مزعجاً لكل فاسد وخائن وعميل حتى بعد استشهاده. ونجحت السلطة السعودية الى حد ما في إبعاد نفسها عن الجريمة محاولة إلصاق الجريمة برمتها بالرئيس الغشمي والأمر ذاته بالنسبة للرئيس علي عبدالله صالح الذي توافق مع السعودية في مهمة تحميل وزر الجريمة بالرئيس الغشمي في حين أن السعودية عبر ملحقها العسكري وسفيرها وكذلك مستشار الديوان الملكي مسؤول الملف اليمني ضالعون بشكل مباشر في الجريمة ومن القادة العسكريين اليمنيين نائب القائد العام رئيس هيئة الأركان المقدم أحمد الغشمي وقائد لواء تعز الرائد علي عبدالله صالح. ومن جريمة الانقلاب الدموي المروع الذي راح ضحيته الرئيس وشقيقه إضافة الى قادة عسكريين وطنيين آخرين الى جريمة الصالة الكبرى التي راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى كجريمة إبادة ارتكبها تحالف العدوان في أكتوبر 2016م حيث تعتبر الجريمة من الجرائم المروعة والبشعة التي تكشف للعالم الوجه القبيح والدموي لبني سعود وكافة أدوات الصهيونية من العملاء العرب الذين يقودون عدواناً على بلادنا لصالح واشنطن وتل أبيب. اليمن اليوم يواجه عدواناً سافراً لم يبدأ في 2015م بل يعود الى ما قبل عقود من الزمن حين فرضت السعودية وصايتها على اليمن من خلال العملاء والخونة والمرتزقة والفاسدين وحينما حاول الحمدي الخروج عن الوصاية والهيمنة والتوجه نحو بناء دولة حقيقية تولت أيادي الغدر والخيانة وبأموال سعودية تنفيذ مخطط تصفية الحمدي ليعود اليمن الى مرحلة الوصاية والعمالة تتحكم به عصابات الفساد والنهب التي استندت الى انقلابها الدموي على الحمدي. ويكفي هنا أن نقول ان الحمدي الذي غادرنا جسداً قبل 42عاماً لا يزال معنا يسابقنا نحو المستقبل بروحه الوطنية الثائرة وبحبه لليمن العزيز الذي يقف اليوم شامخاً أمام تحالف الغدر والشر والعدوان وأمام أدواته من العملاء والخونة والمرتزقة. لقد غادر الحمدي بالانقلاب الدموي البشع والمروع الحياة وهو نظيف اليد فلم يسرق ولم ينهب ولم يبن القصور ولا المنازل وليس له أي حسابات مالية في البنوك الخارجية وليس شريكاً لأي تاجر محلي او أجنبي وليس له إلا راتبه فكان الرئيس الذي يتفق كل خصومه على أنه كان نزيهاً لم يحافظ على شيء قدر محافظته على المال العام. لقد تعرض الحمدي لمحاولات التشويه في حياته وكذلك بعد استشهاده من قبل القتلة الذين وجدوا انفسهم أضعف من أن يصلوا الى مستوى ذلك الرئيس الذي اعطى ولم يأخذ وضحى بنفسه من أجل الوطن في حين كان بإمكانه أن يقدم تنازلات للسعودية أو على الأقل يهادنها ويراوغ ويخادع ويناور لكن مثل الحمدي في الوطن والوطنية لا مراوغة ولا خداع ولا مناورة, بل ذهب بكل شجاعة نحو تنفيذ مشروعه الوطني والبناء والتغيير محاولاً بشتى السبل أن يضع كل القوى الداخلية الخصوم قبل المؤيدين أمام أهمية البناء وترك العمالة للخارج وأن يكون الجميع حبهم لليمن. ولكل من يحاول الانتقاص من هذا الرجل تحت أي مبرر عليه أن يتذكر أن الحمدي هو الرئيس الذي أجمع الجميع من أعداء وأصدقاء على أنه الذي قدم نموذجاً متميزاً في النزاهة ولا يزال اليمنيون يتذكرون الكثير من القصص ويتداولون عشرات الحكايا عن ذلك الزعيم الحريص على أمنهم وحياتهم وعلى تعليمهم وتطويرهم وتنفيذ طموحاتهم. وكلما تطرقنا الى جريمة اغتيال الحمدي تذكرنا جريمة الصالة الكبرى بحكم تقارب ذكرى الفاجعتين لكن عندما نتذكر القتلة والقاتل يصل بنا المطاف الى الرئيس الشهيد صالح الصماد الذي مثل نموذجاً فريداً في التضحية والصمود وخاض تجربة قد لا تتكرر في قيادة البلد بمرحلة الحرب والعدوان والحصار حتى لقى الله شهيداً كريماً عزيزاً فاليمن ولادة بالرجال الأوفياء المخلصين والقادة العظماء الذين لم يترددوا في التضحية بأنفسهم في سبيل الله وفي سبيل الحق والعدل وفي سبيل هذا الشعب العظيم. أول فعالية رسمية بيوم الوفاء للزعيم الحمدي: وذكرت صحيفة 26 سبتمبر في عددها الصادر اليوم أن دائرة التوجيه المعنوي ستحيي باسم القوات المسلحة فعالية خطابية في الذكرى الأليمة للانقلاب الدموي البشع والمروع الذي أدى الى اغتيال الرئيس الحمدي وعدد من القادة العسكريين وإجهاض مشروع البناء والتصحيح. وتعتبر فعالية القوات المسلحة السبت القادم هي أول فعالية رسمية للدولة اليمنية عن الرئيس الشهيد منذ استشهاده في 11أكتوبر 1977م. هذا ومن المتوقع أن يتم الكشف عن تفاصيل جديدة بشأن أسباب اغتيال الحمدي وكذلك الضالعين بالجريمة من الجانب السعودي وبشكل رسمي. وهي المرة الأولى التي سيتم فيها الكشف وبشكل رسمي عن بعض الضالعين في الجريمة لاسيما من الطرف السعودي الذي تولى التمويل والترتيب والإشراف على الجريمة المروعة وبمساعدة أجهزة إستخباراتية أجنبية وتنفيذ ايادٍ عميلة يمنية.