للتاريخ ذاكرة لا تنسى وهناك أحداثات مهمة مر بها الزمن تظل عالقة في الأذهان مغروسة في الأنفس والوجدان، وعملية “نصر من الله” التي سطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية في المعركة المصيرية لمواجهة العدوان السعودي - الإماراتي الأمريكي ستظل مضيئة في صفحات التاريخ، محفورة في ذاكرة ووجدان كل أجيال الوطن حاضراً ومستقبلاً، ومعززة بالألم والحسرة في ذاكرة العدو المجرم الذي غرته عدته وعتاده وأمواله، وكل الخونة والعملاء الذين راهنوا جميعاً من بداية معركتهم الخاسرة على وطننا الغالي وشعبنا الحبيب بأنها مجرد أيام وإن طالت فلن تتعدى الأشهر ولكن أبطال جيشنا ولجاننا الشعبية البواسل وكل شرفاء الوطن الأوفياء راهنوا على ثقتنا بنصر الله وتأييده أولاً ، وأننا أصحاب قضية وأصحاب حق والحق دائماً هو المنتصر مهما كانت قوة الأعداء ومهما كانت مؤامراتهم الدنيئة، ولعل حاضر اليوم في الميادين والجبهات شاهد على أن رهاننا هو الرابح وأما الأعداء فهم الأخسرون. لو أننا تتبعنا هذه العملية الأسطورية التي تكاد بمثابة الفتح الأكبر لما تضمنته من وقائع وأحداث وترتيبات من قبل قيادة الوطن وقيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وكل المعنيين من كل الجوانب العسكرية القتالية والعملياتية والمعنوية لتّكون لدينا مفهوم عام عن مدى تقدمنا في هذا الجانب المهم الذي استطعنا من خلال اتقاننا للأعمال العسكرية التكتيكية والعملياتية الايقاع بجحافل الأعداء في مصيدة لم يتمكنوا من الخروج منها وكان عنصر المفاجأة والإحاطة بالأنساق العسكرية من كل الجوانب هو العنصر الفعال في هذه العملية النوعية والذي أربك قوات العدو، يضاف إلى ذلك عملية الاستطلاع التي تميزت بها قواتنا لرصد وتعقب كافة تحركات قوات المعتدين وأماكن تموضعهم وتحديد الزمان والمكان لتنفيذ هذه العملية التي جعلت العدو في موقع المتخبط فما كان منه إلا أن قام بجريمته الشنعاء والانتقامية من أولئك الذين كانوا يقاتلون في صفه لسنوات يدافعون عنه وعن حدوده عكس ما تعامل معهم أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين عاملوهم بالحسنى وداووا جرحاهم إنطلاقاً من القيم الدينية اليمنية الأصيلة التي تربوا عليها التي لا تسمح بأن يمس الأسير بأذى، ليس كما يتعامل المجرمون عديمو الضمير والأخلاق مع الأسرى، ولعل جريمة مأرب التي أستشهد فيها ثلاثة من أبطال الجيش واللجان الشعبية تحت التعذيب من قبل مرتزقة العدوان تبين مدى الفارق بين تعاملنا الإنساني مع الأسرى وتعاملهم الإجرامي الخالي من كل القيم والمبادئ الدينية والإنسانية. أما لو تابعنا الأصداء الإعلامية والشعبية التي تواكبت مع هذه العملية العسكرية لوجدنا أن العالم وقف على قدم واحدة مبهوراً ولم يستوعب حقيقة ما حصل اذ كيف لثلاثة الوية بكامل عدتها وعتادها مدعمة بالقوة الصاروخية والقوات الجوية والأسلحة المتطورة أن تقع في الأسر .. بالفعل لم تحصل في تاريخ الحروب ولكن المقاتل اليمني بخبرته وحنكته ومهاراته أستطاع أن يحقق هذا النجاح العسكري الفريد من نوعه فكانت كل قنوات العالم والمحللين العسكريين والسياسيين يتناولون هذا الحدث العظيم كلاً بحسب اهتمامه وميوله إلا العدوان الذي وقف مصدوماً ما بين النفي والتأكيد وقنواته المأجورة التي سعت عبر المهرجين السياسيين والعسكريين التابعين لها الذين سخر منهم كل من سمعهم وهم يحاولون التغطية على فضيحتهم المدوية ولكن دون جدوى لأن عنصر الحقيقة كان هو الحاضر بالصورة والكلمة وقد كان للإعلام الحربي الدور الكبير والبارز في تغطية هذه العملية ونقل الصورة واضحة دون تزييف للمشاهد والمتابع والمهتم. لقد كان لنتائج عملية (نصر من الله) أثر أنهزامي كبير على الجانب النفسي والمعنوي لتحالف العدوان وقواتهم في الميدان وكل الخونة الذين ما زالوا مستمرين في غيهم وجهلهم خاصة بعد تلك المشاهد التي عرضها إعلامنا الوطني وإعلام العالم ولعل الكثير ممن تابعوا أحداث ومجريات العملية سواءً عبر المشاهدة أو المشاركين في العملية ذاتها قد وصلوا إلى قناعة بأن تحالف العدوان مصيره ومصير قواته مجهول، ولعل القادم سيكون عليهم وبالاً وحسرة خاصة وأن نفس المشاهد قد أعطت المقاتل من أبناء الجيش واللجان الشعبية دفعة نفسية ومعنوية قوية لتحقيق الأفضل في الأيام القادمة وتنفيذ المهام والواجبات العسكرية بحسب التوجيهات الصادرة من المستوى الأعلى حتى يتحقق النصر الأكبر وهو قريب بإذن الله تعالى.