هي الثانية خلال أسبوع ..فقدان مقاتلة أمريكية "F-18" في البحر الأحمر    كيف تُسقِط باكستان مقاتلات هندية داخل العمق؟    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين جراء العدوان الصهيوني على غزة إلى 213    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    57 عام من الشطحات الثورية.    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    إنتر ميلان يحبط "ريمونتادا" برشلونة    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ اليمن .. مقبرة العزاة:للباحث / عبدالله بن عامر ( الحلقة (25)
نشر في 26 سبتمبر يوم 03 - 11 - 2019

بحث مقارن لحملات الغزاة المتعاقبة على اليمن عبر التاريخ خلص إلى آن الغزاة لايستفيدون من التجارب
احتدام المقاومة والثورة الرافضة للوجود الأيوبي أثمر أخيراً عن تصدعات في صفوف الجيش الأيوبي ما أجبرهم على تسليم صنعاء
نستكمل حلقتنا لهذ العدد عرض الفصل السابع من هذا البحث والذي تناولنا في حلقات سابقة استعراض الجزء الأكبر منه والذي خصصه الباحث للغزو الأيوبي لليمن في القرن الحادي عشر الميلادي لنضع القارئ أمام صورة مكبرة ومقربة لتصرفات الولاة الأيوبيين وفسادهمومجازرهم الفضيعة الذي أدى إلى ثورة الشعب اليمني عليهم في معارك عديدة، فإلى الحصيلة:
عرض/ امين ابو حيدر
وعلى إثر تلك الهزيمة قرر إسماعيل الانتقام فأمر بإعدام كافة الرهائن لديه ورفض الانصياع لنصائح قادته بالتوقف عن إهانة المشائخ وإعدام الأسرى لما لذلك من نتائج وخيمة على تواجد الأيوبيين في اليمن، ونتيجة للخسائر الكبيرة التي تعرض لها الأيوبيون قاموا بطرد أهل مبين من بلادهم وحفروا خندقاً وبنوا سوراً ونصبوا المجانيق حتى لا يعود أهلها إليها .
وعلى ما يبدو أن تلك الأعمال انتقامية من الأهالي الذين استبسلوا في الصمود أمام الأيوبيين وألحقوا بهم خسائر كبيرة.
تكتيك حاصر حصارك :
نعود إلى حصار كوكبان الذي استمر كما أشرنا أكثر من أربعة أشهر وأثناء ذلك الحصار تحرك إسماعيل طغتكين إلى حجة ومن ثم عاد إلى حصار كوكبان مرة أخرى الأمر الذي أثر على أهالي المنطقة فقرر الإمام وحلفاؤه بنو حاتم العمل على تخفيف الضغط الأيوبي على المنطقة وإجبارهم على رفع الحصار من خلال فتح جبهات أخرى في مناطق متعددة حتى يضطر الأيوبيون إلى رفع الحصار أو على الأقل تخفيفه بما يمكن أهالي المنطقة من كسره بالقوة عندما تضعف القوات المحاصرة وكانت أول الجبهات التي اندلعت جبهة سنحان بقيادة الحسن بن حمزة الذي شن عدة غارات على حاميات الأيوبيين ومراكز تجمعاتهم واستمر في ذلك حتى تمكن من الوصول بتلك الغارات إلى أسوار صنعاء وتحديداً إلى باب شعوب وكانت الخطة تقتضي حصار القوات الأيوبية المحاصرة لكوكبان وذلك ما يتضح لنا من خلال خارطة المعارك العسكرية التي شملت محيط صنعاء ودفعت بالقبائل إلى إعلان ولائها للإمام بالتزامن مع تحركات لأهالي صنعاء الذين تشجعوا بوصول الغارات إلى أسوار المدينة وقامت قبائل سنحان والرحبة بدعم قوات الحسن بن حمزة في الغارات وقامت بقطع كافة طرق الإمدادات إلى معسكرات الأيوبيين في كوكبان وبهذا تعرضت القوات المحاصرة للحصار وكان لهذه الخطوة أثر كبير في فك الحصار واضطر ابن طغتكين إلى طلب الصلح والهدنة مع الإمام .
لماذا عجزت المقاومة عن هزيمة الأيوبيين ؟
عن تلك المرحلة يمكن القول إن البراعة الحربية للإمام عبدالله بن حمزة وكذلك لبني حاتم وغيرهم من قادة المقاومة قد أدت إلى تغييرات جذرية بالمشهد فقد تضاعفت خسائر الأيوبيين واستعادت المقاومة زمام المبادرة وذلك يعود إلى الخطط الحربية التي كانت تعتمد على حسن استخدام الممكن واستغلال المتاح فما كان يسمى بالجيش المنصوري التابع لدولة الإمام عبدالله بن حمزة لم يكن سوى تشكيلات قبلية غير نظامية بمعنى أنها لم تكن تشكيلات ضمن جيش نظامي له معسكرات دائمة وقوانين وتدريبات وأسلحة ولهذا نجد أن أساليبه لم تكن على ذلك المستوى الذي وصله الجيش الأيوبي ومع ذلك حقق عدة إنجازات من خلال حرب الاستنزاف التي شاركت بها القبائل المناهضة للغزاة، إضافة إلى تكتيكات قتالية تمثلت في الغارات الخاطفة والغزوات المحدودة والواسعة وجميعها ضمن أسلوب الكر والفر ولم يغامر الإمام بأتباعه في الدخول بمواجهات مباشرة نظراً لتفوق الجيش الأيوبي من حيث الكفاءة القتالية ونوعية الأسلحة فقد كان ينسحب كلما شعر أن المقاومة غير مستعدة بشكل كبير للتصدي وحسم المعركة، إضافة إلى استدراج الأيوبيين إلى المناطق الشمالية وإنهاكها ، وبذلك تمكن الإمام من التصدي بالسياسة وبالقوة على حد سواء لمحاولات الأيوبيين شق صف اليمنيين بشكل عام وأبناء المذهب الزيدي بشكل خاص ولعل أهم إنجازاته توظيف قضية انضمام العشرات من القادة الأيوبيين إليه في معركته مع إسماعيل طغتكين وفي تحسين الموقف العسكري للمقاومة والاستفادة قدر الإمكان من المهارة الحربية للأيوبيين المنضمين إليه.
قد يتساءل البعض عن أسباب عدم تمكن اليمنيين وقتها من إلحاق هزائم متلاحقة بالأيوبيين تدفعهم في نهاية المطاف إلى الانسحاب من اليمن؟ وللإجابة على ذلك نحن بحاجة إلى قراءة متمعنة في ظروف تلك المرحلة من حيث الوضع الاجتماعي والاقتصادي وقبل ذلك التكوين العقائدي المذهبي والوضع السياسي وأياً كان الأمر فإن الأهم بالنسبة لنا طبيعة الموقف العسكري أو حجم القوة ونوعيتها بين اليمنيين من جهة وبين الأيوبيين من جهة أخرى ونستطيع أن نكتشف ذلك ببساطة من خلال ماتركه المؤرخون لنا من تفاصيل بعض الأحداث عن تلك الفترة سيما المعارك الحربية إضافة إلى ما ورد في رسائل الإمام عبدالله بن حمزة ومن كل ذلك نستنتج أن اليمنيين لم يستمروا في قتال الأيوبيين طوال فترة العام بل كان لهم فترات محددة تسمح لهم بالانضمام إلى أي تشكيلات أو مجاميع للمشاركة في القتال وتلك الفترات ترتبط بالمواسم الزراعية فعندما يحل موعد الزراعة أو مواسمها المختلفة يضطر الرجال إلى الانشغال بالأرض ولهذا نجد أن هجمات الأيوبيين في بعض الفترات كانت تنجح في تلك الفترات التي قد لا يجد فيها الإمام عبد الله بن حمزة سوى العشرات فقط من المقاتلين إلى جواره وأما البقية فجميعهم انطلقوا إلى الزراعة وما إن ينتهوا من ذلك حتى يعودوا مرة أخرى إلى القتال وقد أثر هذا العامل كثيراً في طبيعة المواجهة الحربية بين الطرفين فقد كان الأيوبيون يتقدمون في تلك المواسم التي كان فيها اليمنيون منصرفين إلى الأرض والزراعة، فالفلاحون هم المقاتلون والأفراد العاديون هم التشكيلات القتالية لما كان يعرف بالجيش المنصوري والجهد الشعبي هو الجهد الذي عليه قامت المقاومة وتنامت وتضاعفت وتوسعت وكل ذلك كان من الزراعة التي اعتبرت العمود الفقري لليمني في تلك الفترة سيما في المناطق الجبلية حتى أن الكثير من المعارك بين الطرفين كانت أسبابها محاولة نهب المحصولات والأموال.
أما الأسباب الثانوية فكثيرة أبرزها أن الغزو الأيوبي جاء حاملاً شعار الوحدة الإسلامية وبالتالي استجاب الكثير من اليمنيين لذلك في بداية الأمر لكنهم اصطدموا بالغزاة بعد أن شاهدوا أفعالهم وأعمالهم من نهب وتعدٍ وظلم، إضافة إلى سبب يتعلق بالوضع العسكري لليمنيين، فلم يكن هناك قوة أو تشكيل عسكري نظامي مؤهل وفق الأنظمة المعمول بها في تلك الفترة من حيث التدريب والتخطيط أو من حيث التسليح فقد أثبتت تلك المرحلة مستوى تراجع اليمنيين بشكل كبير في صناعة الأسلحة حتى أنهم لم يتمكنوا من تغيير معادلة التفوق الأيوبي إلا في مراحل لاحقة من الغزو، وعلاوة على ذلك فإن أسبابا أخرى تتمثل في تغذية الأيوبيين العصبيات المذهبية والخلافات المناطقية وكل ذلك كان له تأثير كبير على مشروع الاستقلال الذي لم يكن قد بلغ مرحلة النضوج من الناحية السياسية كون التفكير بالاستقلال في تلك الفترة قد يعني تمرداً على الدين الإسلامي بحكم الثقافة الممتدة من زمن دخول الإسلام اليمن وما أعقبه من بقاء اليمن تحت حكم الخلفاء ومن ثم الأمويين وكذلك العباسيين ، رغم أن نزعة التحرر كانت حاضرة في اليمن أكثر من غيره من المناطق، فاليمنيون قاوموا الولاة العباسيين وفي اليمن تأسست عدة دويلات كتعبير عن حالة رفض الخضوع لأيّة قوة خارجية سيما عندما تصبح تلك القوة خارج المتفق عليه من عهود ومواثيق وقوانين فعندما خرج الولاة عن مهامهم واتجهوا إلى الظلم والفساد خرج اليمنيون عن الطاعة للعباسيين وكانت أرضهم ميدان تجارب للمشاريع السياسية المرتدية عباءات دينية ،وحتى لا نخرج عن الموضوع فإن الأيوبيين إضافة إلى اتخاذهم شعار الدين استغلوا انتصاراتهم ضد الصليبيين بما كان يمثله الخطر الصليبي من تهديد ضد كيان الأمة ،ولهذا لاغرابة في أن يقال إن الحملة الأيوبية على اليمن كانت في إطار محاربة الصليبيين الذين كانوا يشكلون خطراً على السواحل اليمنية.
والأهم من كل ذلك أن المقاومة اليمنية للأيوبيين لم تكن قد وصلت إلى مرحلة تبني مشروع سياسي بل ظلت في مربع المطالب الحقوقية وفي إطار ردة الفعل ،فكان الظلم الأيوبي سبباً للثورة وليس التطلع إلى الاستقلال، هذا بالنسبة لبعض اليمنيين أما الإمام عبدالله بن حمزة وأتباعه من أبناء المناطق الشمالية والغربية فكان مشروع الاستقلال حاضراً وإن لم يُعلن بشكل واضح ولهذا نجد أن الكثير من اليمنيين عندما يبلغ الظلم الأيوبي ذروته يتجهون إلى الإمام ويعلنون تأييدهم له ودخولهم في طاعته كونه المشروع الوحيد الذي أمامهم للخلاص من الغزاة والمحتلين إضافة إلى تطلع قوى محلية أخرى للحصول على امتيازات أو ما يشبه الحكم الذاتي من قبل الأيوبيين الذين تفننوا في تغذية تلك الطموحات وتحويلها إلى خلافات محتدمة مع الإمام عبد الله في إطار دعم الخصومات بين اليمنيين حتى تسهم تلك الصراعات في القضاء على مشروع الإمام الذي كان يعد الخطر الأول بالنسبة للأيوبيين سيما بعد وصول نفوذه إلى مشارف مكة شمالاً وإلى إب جنوباً ولهذا نجد أن من أهم العوائق الكبيرة التي وقفت أمام مشروع الإمام الاستقلالي كان يتمثل في تمردات القبائل في مناطق نفوذه منها تمردات بدعم الأيوبيين وأخرى لأسباب قد تكون حقوقية مطلبية ليس لها أي هدف سياسي.
وإذا ما عُدنا إلى المقارنة من حيث القوة العسكرية بين الجيش المنصوري أو المقاومة القبلية وبين الجيش الأيوبي نجد أن نوعية السلاح كان له دور كبير في حسم الكثير من المعارك، فالأيوبيون اعتمدوا على المجانيق، فيما اليمنيون لم يتمكنوا من تحييد هذه الآلة الحربية القوية إلا في مراحل لاحقة وإضافة إلى المجانيق، فقد كان الجندي الأيوبي يمتلك دروعاً تقيه ضربات السيوف وطعنات الرماح والسهام وتحافظ على حياته من خلال التقليل من مخاطر الموت في المعركة وهذا يُفسر لنا قلة الخسائر الأيوبية في معظم المعارك المذكورة أو التي تطرقنا إليها سابقاً أو التي سنتطرق إليها لاحقاً، فيما الخسائر في صفوف اليمنيين كانت أكبر بكثير وكل ذلك يعود إلى الدروع التي كان يلبسها الجندي الأيوبي على معظم جسده حتى أنه لم يكن يرى منه سوى العينين فقط ،وفي الجانب اليمني لم تكن هناك دروع مخصصة للمقاتلين فقد كانت المقاومة عفوية بسلاح تقليدي هو السيوف والرماح وإذا ما التحم الفريقان في المعركة يبذل اليمني طاقة ومجهوداً غير عاديين حتى يتمكن من التغلب على جندي أيوبي واحد وعلاوة على ذلك ظلت الظروف الاقتصادية عائقاً كبيراً أمام شراء الأسلحة أو صناعتها بل إن المقاومة ظلت إمكانياتها محدودة من حيث عدد الخيول والدواب والجمال وكافة وسائل النقل في تلك الفترة ، ولا غرابة في القول إن اليمنيين أبدوا شجاعة كبيرة في مواجهة الأيوبيين حتى أن ذلك الصمود أذهل القادة الأيوبيين أنفسهم وكان اليمنيون لا يبالون في التضحية بأنفسهم لاسيما أولئك الذين كانوا يتقدمون الصفوف فلا يتراجعون إلا بنيل إحدى الحسنيين.
الهجوم الأيوبي على صبيا :
يُعد الهجوم الأيوبي على جيزان وأجزاء من المخلاف السليماني واحداً من الأمثلة على جرائم الغزاة وبشاعة تعاملهم مع اليمنيين ونكثهم للعهود والمواثيق وارتكابهم المحرمات، وتبدأ قصة الهجوم على صبيا بتحرك حملة عسكرية كبيرة قادها إسماعيل بن طغتكين إلى صبيا ،وما إن علم الأهالي باقتراب الحملة منهم حتى غادروا القرى وتفرقوا في الجبال والأودية والشعاب وكان لهذا الانتقال السريع وإخلاء القرى بتلك الصورة تأثير كبيرعلى الأيوبيين الذين لم يكونوا يتوقعون ذلك فقد أرادوا الغنيمة والنهب والسبي والاعتداء على النساء ولهذا راسل إسماعيل بن طغتكين الأهالي وبعث إليهم بالرسل يطلب عودتهم إلى قراهم ووعدهم بعدم التعرض لهم أو الاعتداء عليهم ومنحهم الأمان الذي على ضوئه عاد الأهالي إلى مساكنهم مع ما أخذوه معهم من متاع لكنهم لم يكونوا يعلمون أنهم وقعوا في مصيدة النزعة الشيطانية الخبيثة لقائد الأيوبيين ولجنوده الذين سارعوا إلى الاعتداء على الأهالي بأوامر من قائدهم فاعتدوا على الرجال بالقتل والذبح وعلى النساء بالاعتداء عليهن واستباحتهن وارتكاب المحرمات حتى قال المؤرخون إن ابن طغتكين أمر بضرب أعناق الرجال وأباح النساء لعسكره بعد أن أخذ منهن لنفسه ما أراد .
وكانت تلك الجريمة في العام 596ه الموافق 1200م، وقد قتل الكثير من أهل الضحى وصبيا في عمليات التصفية والإعدامات الجماعية ناهيك عن النهب والسلب، وللأسف أن الكثير من المؤرخين المنحازين للأيوبيين تجنبوا التطرق لمثل هذه الجرائم لأنها تكشف حقيقة الغازي وتُظهره على حقيقته دون مساحيق التجميل التي حاول البعض إضافتها عليه في محاولة لإخفاء صورته البشعة.
انشقاقات في صفوف الجيش الأيوبي :
كما أشرنا سابقاً فإن سياسات إسماعيل بن طغتكين وفساده قد أديا إلى استمرار حركة الانشقاقات في صفوف جيشه وقادته سيما بعد أن وجد من سبقهم من المنشقين طرفاً يرحب بهم ويدعوهم إليه ويشجعهم على اتخاذ قرار الانضمام وكان ذلك الطرف يتمثل في الإمام الذي تمكن من إذابة جبل الجليد الذي صنعته الدعاية الأيوبية التي كانت تحاول ترسيخ مفاهيم عن الزيدية وعن الإمام في عقول الجنود باعتبار هذه الطائفة وزعيمها في تلك الفترة ليسوا إلا روافض يسبون الصحابة وما إلى ذلك من الدعايات فكلما انضم أحدهم إلى الإمام اتضحت له الحقيقة فدعا غيره إلى اللحاق به نافياً ما كان يُشاع عن الإمام وأتباعه، ولهذا فإن تضاعف عدد القادة المنشقين عن إسماعيل طغتكين والمنضمين للإمام لايعود إلى فساد القائد الأيوبي فقط بل وإلى حسن تعامل الإمام مع كل من يأتي إليه من الأيوبيين.
وقد بلغت حركة الانشقاقات ذروتها بانضمام قادة كبار منهم هشام الكردي وشمس الخواص الذي كان يعد من أقرب القادة العسكريين إلى إسماعيل وقد أدى تمرده إلى تأثر الموقف العسكري للأيوبيين بسبب انضمام ما يقارب من 600 جندي دفعة واحدة مع شمس الخواص إلى صف الإمام وفي تفاصيل حركة تمردهم أنهم خرجوا من صنعاء وعسكروا في منطقة عصر ومنها راسل شمس الخواص الإمام وأبدى استعداده للتعاون معه في فتح صنعاء وطرد الحاكم الأيوبي وحاميته العسكرية، ومن ضمن المنشقين أيضا قائد عسكري يدعى هلندري وكذلك ورد سار اللذان انتقلا إلى الإمام ليعلنا دخولهما في طاعته فرحب الإمام بهما حتى أن بعض القادة من أجل الوصول إلى الإمام عانوا الكثير من الصعاب حتى يتمكنوا من تجاوز الحاميات الأيوبية فورد سار اضطر إلى اتخاذ طريق ريمة التي كانت وقتها قد أعلنت ولاءها للإمام الذي أرسل عدداً من أتباعه لمساعدة ورد سار على الوصول إليه غير أن ورد سار عندما وصل ريمة انتقل منها مع عدد من مشائخها إلى الإمام الذي كان وقتها في صعدة ، وقد كانت حركة الانشقاقات في الجيش الأيوبي مقدمة لحركة انقلابية ستفضي إلى تصفية إسماعيل بن طغتكين.
مقتل إسماعيل بن طغتكين :
أثارت انشقاقات القادة العسكريين لجيش الأيوبيين في اليمن غضب قائدهم إسماعيل بن طغتكين الذي قرر مواجهة ذلك التمرد بكل قوة فأخذ في الاستعداد لذلك وانتقل إلى تهامة لتهيئة الجنود للقادم من العمليات العسكرية ضد تحالف الإمام والقادة المنشقين لكنه لم يكن يعلم أن عملية التذمر جراء سياساته قد بلغت معظم كتائب الجيش وأن مجموعة من الجنود الأكراد قد خططوا لاغتياله وسارعوا من أجل تنفيذ العملية الانقلابية وتحين أول فرصة سانحة من أجل التخلص منه وبينما كان ينتقل في الطريق بين زبيد ومنطقة المدارة أحاطوا به وتمكنوا من قتله وكان ذلك في أبريل من العامل 1202م أي بعد خمس سنوات من الحكم في اليمن وفي رواية أخرى أنه قتل عند مسجد شاته .
وقد سارع الجنود الأكراد بعد نجاحهم في العملية إلى زبيد وفيها مارسوا النهب والقتل وكما يقول المؤرخون إنهم عاثوا فيها فسادًا .
قصة تسليم صنعاء :
انتشر خبر مقتل إسماعيل بن طغتكين في كل أرجاء اليمن فضعف بذلك موقف الأيوبيين إضافة إلى إعلان الجنود الأكراد في زبيد انشقاقهم غير أنهم احتفظوا بزبيد ومارسوا النهب فيها وفي تهامة دون أن يعلنوا تنصيب أي قائد لهم وأمام هذا الوضع المرتبط قرر والي صنعاء الشهاب الخزرجي التواصل بالإمام وطلب وده ؛خشية من أن يقوم بتوجيه جيشه للوصول إلى صنعاء والاستيلاء عليها وطرد الأيوبيين منها ،فكان الخيار الوحيد أمام هذا الوالي حتى يحافظ على نفوذه وأمواله هو التواصل بالإمام وإظهار الطاعة له .
فبعد عدة مراسلات انتقل الخزرجي إلى بيت مساك وهناك التقى الإمام وأعلن دخوله في طاعته وتكشف لنا قصة انضمام هذا الوالي إلى الإمام بعضاً من تفاصيل النظرة الأيوبية لأبناء المذهب الزيدي وللإمام عبدالله بن حمزة وهي النظرة التي تشكلت على وقع الحرب الدعائية الأيوبية ضد الإمام كما أسلفنا والقائمة على اتهام الزيدية بسب الصحابة والخروج عن الدين حتى اعتبرت الزيدية وقتها من المذاهب الخارجة عن الدين أو غير الصحيحة ولهذا بادر الخزرحي إلى سؤال الإمام عن الحجة في تقديم علي وفي إطلاق السب على الصحابة؟ فرد عليه الإمام بالقول بأنه لا يجوز إطلاق السب على الصحابة ومن الواجب ذكر مناقبهم وسبقهم إلى الإسلام وجهادهم واجتهادهم في إقامة الدين وبعد هذا الرد تقدم الشهاب الخزرجي لتقديم البيعة للإمام وتبعه بذلك عشرات الجنود الذين كانوا برفقته .
وفي يوليو 1202م تقدم عماد الدين يحيى بن حمزة إلى استلام صنعاء وتولى أمورها وبعد دخول المدينة أعاد أهالي صنعاء حي على خير العمل إلى آذان الصلاة ما يشير إلى أن الأيوبيين كانوا يمنعون الناس من ذلك وأرسل الإمام أحد القضاة لإقامة الحدود ونشر العدل فكان من أوائل أحكامه جلد شارب الخمر وقد أقام الحد على أربعين شارباً وعاقب الفواسد من النساء وزوج طائفة منهن .
وتوالت الرسائل من القادة الأيوبيين للإمام منها رسالة بعثها حاكم حرض شريارك يؤكد فيها أنه تحت طاعة الإمام فرحب به الإمام وبكافة جنوده الذين انضموا إليه وأعلنت بلاد ريمة وحجة دخولها في طاعة الإمام .
وكذلك وصلت رسائل من تهامة تحث الإمام على فتح زبيد في الوقت الذي أعلن فيه القادة الأيوبيون في تلك المناطق دخولهم في الطاعة، وكان عماد بن يحيى بن حمزة قد وصل ذمار وهناك أعلن الأيوبيون دخولهم في طاعة الإمام بالتزامن مع وصول رسل القبائل الحجازية التي أعلنت ولاءها للإمام وكان عليهم من طرف الإمام الفقيه العالم بهاء الدين علي بن أحمد الأكوع وفي تلك الأثناء وصل نفوذ الإمام إلى مكة .
كانت الفرصة مهيأة للإمام وأتباعه للتقدم والسيطرة على كافة المعاقل والحصون التي كانت بحوزة الأيوبيين ومطاردتهم حتى تهامة بل والذهاب أبعد من ذلك حتى تحقيق الاستقلال الكامل فقد كان الأيوبيون في موقف لا يحسدون عليه فلا قائد لهم والخلافات تعصف بمن تبقى من القادة في ظل انشقاقات وتمردات وبروز خلافات بين الفئات المختلفة التي يتكون منها الجيش غير أن الإمام لم يتحرك وعلى ما يبدو أن رسائل القادة الأيوبيين كانت قد تمكنت من خداعه حتى ظن صدق مرسليها الذين أوهموا الإمام بطاعتهم له وتركهم يرتكبون المحرمات كشرب الخمور والاعتداء على الناس بالباطل، فيما الحقيقة أن مواقف القادة الأيوبيين لم تكن سوى تخدير للإمام حتى لا يستغل تلك الفرصة التاريخية التي كان بها الأيوبيون في مرحلة ضعف قد لا تتكرر كثيراً فعمدوا بذكائهم إلى تطمين الإمام وإعلانهم زوراً وبهتاناً دخولهم في طاعته دون أن يتخذ أية إجراءات على الأقل تؤكد ما ذهبوا إليه من مواقف معلنة لا تعكس حقيقة ما بأنفسهم من رغبات وطموحات..إضافة إلى ما كان يدور فيما بينهم من تشاورات ولقاءات حول تنصيب قائد من بينهم لتولي أمرهم باليمن وحتى تبقى هذه البلاد تحت طاعتهم يستفيدون منها كيفما يشاؤون سيما المناطق السهلية والساحلية وبالفعل نجحوا في التضليل على الإمام وخداعه وليس بغريب أن يحدث ذلك من القادة الذين كانوا تحت سلطة إسماعيل طغتكين بل والقادة العسكريين الذين كانوا في صف الإمام والذين سارعوا إلى محاولة الهروب حتى يتمكنوا من اللحاق ببقية القادة للتشاور في تنصيب قائد جديد، ومن مظاهر ضعف الأيوبيين في تلك الفترة أن سنقر حاول جمع أكبر قدر ممكن من الجنود في تعز والتوجه نحو تهامة لقمع المتمردين عليه من العساكر الأيوبية وعندما علم القرابلي وكان قائد الأيوبيين في المهجم بذلك تواصل بالإمام وأكد أنه على طاعته.
أضاع الإمام فرصة الانقضاض على الأيوبيين الذين تمكنوا من حل مشكلة صغر سن شقيق إسماعيل ودعا أيوب بن طغتكين بتنصيب قائد منهم كوصي فبرز اسم الأتابك سنقر لتولى المهمة ووقتها كان سنقر من ضمن القادة التابعين للإمام فما إن علم بحادثة مقتل إسماعيل ومراسلات القادة الأيوبيين حتى تخلى عن بيعة الإمام والتحق ببقية القادة وكل ذلك يؤكد أن انشقاق القادة الأيوبيين وانضمامهم للإمام لم يكن رفضاً لجرائم إسماعيل بحق اليمنيين بل لأن تلك الجرائم شملت أيضا الأيوبيين حتى تأثرت مصالح القادة وما إن قتل هذا القائد حتى عادوا إلى ما كانوا عليه وأشد وأقسى.
أما الإمام فقد كان يهتم ببعث الرسائل إلى كافة القادة الذين لم يعلنوا دخولهم في طاعته ويحثهم على ذلك إلا أنهم لم يستجيبوا واستمرت الأوضاع على ذلك الحال حتى اختيار سنقر قائداً للأيوبيين في اليمن فسارع إلى مواجهة التمردات التي نشبت في عدن وتوجه إلى هناك بحملة عسكرية للقضاء على حاكمها برعش وكذلك تمرد آخر بقيادة الآمر نجاح في حصن الدملؤة بالصلو وبعد تلك الأحداث عين سنقر القائد ورد سار نائباً له ووزع بقية القادة المقربين منه على بقية المخاليف وذلك من أجل كسب تأييدهم .
التحرك الكبير لقبائل بعدان وحبيش والشعر :
يبدو أن الإمام شعر بتحركات القادة الأيوبيين للحيلولة دون انهيارهم الكامل باليمن والعمل على توحيد صفوفهم واختيار قائد لهم الأمر الذي يجعل كل مواقفهم المعلنة له ليس إلا محاولة لذر الرماد على العيون وحتى لا يتحرك الإمام لاستغلال ماهم به من ضعف وخلافات بل كان استمرارهم في إرسال الرسائل للإمام إشعاراً له ببقائهم على الطاعة ولتأكيد ذلك كانوا لايترددون في استشارة الإمام ببعض القضايا ويطلبون منه المساعدة وهو بدوره لم يكن يتوانى عن تقديم ما يستطيعه من مساعدات لهم ولو بالرسائل الجوابية التي تثني على مواقفهم وتحثهم على الاستمرار فيما هم عليه حتى بدأت الأمور تتضح شيئاً فشيئاً فمخططهم نجح في إعادة ترتيب أوضاعهم بشكل كامل ولم يتبقَ أمامهم سوى قمع بعض التمردات ومن ثم التفرغ لمواجهة الإمام وحتى يبلغوا ذلك لابد من الاستمرار في تخدير الإمام عبر الرسائل والمواقف.
وفي تلك الفترة بعث الإمام برسائل إلى الشيخ طهير الدين مفضل بن منصور المسؤول من جهة الإمام على منطقة حبيش في إب وأمره بالتحرك للاستيلاء على الحصون في المنطقة وبالفعل تمكن مع قبائل حبيش من دحر الأيوبيين من القلاع والحصون والتمركز فيها .
وكان لمناطق إب أهمية كبيرة في تلك الفترة كون الطرقات والمسالك من صنعاء إلى تعز تمر بتلك المناطق ومن يسيطر عليها يتحكم في الطرقات المهمة وعلى ما يبدو أن القادة الأيوبيين أدركوا مخاطر تحركات الإمام فسارعوا إلى تأكيد طاعتهم له وتحركوا في تعز وبقية المناطق باسمه وكأنهم أتباع مخلصون له فكانوا بذلك يأمنون شر القبائل التي هبت لقتالهم لاسيما في إب فكان أكبر حشد للقبائل وعلى ضوئه قرر التمركز أيضا في نقيل سمارة بعد أن كان الشيخ ابن منصور قد سيطر على حصن حب ببعدان والشيخ عمران الحداد على رأس المئات من المقاتلين مُعسكراً في الشعر .
وكانت الحماسة تملأ تلك القبائل لقتال الأيوبيين ودحرهم إلا أن القيادة وقتها لم تكن مدركة مخاطر استمرار القادة الأيوبيين في خداع الإمام والنتائج الخطيرة لذلك وعلى رأسها تفويت الفرصة التاريخية للانقضاض على فلول الغزاة وإجبارهم على مغادرة البلاد بدلاً من منحهم الفرصة لإعادة ترتيب أنفسهم واستدعاء قوات إضافية من خارج اليمن لتعزيز الموقف العسكري وتغييره لصالحهم.
وحتى لانطيل في الحديث عن تلك المرحلة فإن القادة الأيوبيين تمكنوا ببراعة من خداع اليمنيين حتى أن بعضهم كان يحمل راية الإمام من أجل المرور من منطقة معينة حتى لا يتعرض للهجمات الانتقامية من قبل القبائل سيما في ذمار وإب وصنعاء، أما الأوضاع في تهامة وغيرها فقد جاهر القادة الأيوبيون فيها بالعودة عن قرارهم السابق وأعلنوا الانقلاب على الإمام منهم أمير حرض بشيرياك.
أما ورد سار فقد أراد الوصول إلى صنعاء بعد أن عينه سنقر والياً عليها ولهذا استخدم الحيلة لتجاوز عثرات وعوائق القبائل في إب ومن ثم الوصول إلى ذمار وفيها تصدت القبائل له إلا أنه تمكن من تجاوزها والوصول إلى صنعاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.