بحث مقارن لحملات الغزاة المتعاقبة على اليمن عبر التاريخ خلص إلى أن الغزاة لايستفيدون من التجارب المال الايوبي دفع ببعض المشايخ اى اتخاذ موقف الحياد مما ادى الى مضاعفة حجم الخسائر في صفوف المقاومة اليمنية نستكمل حلقتنا لهذ العدد عرض الفصل السابع من هذا البحث والذي تناولنا في حلقات سابقة استعراض الجزء الأكبر منه والذي خصصه الباحث للغزو الأيوبي لليمن في القرن الحادي عشر الميلادي لنضع القارئ أمام صورة مكبرة ومقربة لتصرفات الولاة الأيوبيين وفسادهمومجازرهم الفضيعة الذي أدى إلى ثورة الشعب اليمني عليهم في معارك عديدة، فإلى الحصيلة: عرض/ امين ابو حيدر كوكبان واستولى على حصن الظفر ثم توجه إلى حصن كوكبان وفيه السلطان عمرو بن علي بن حاتم ومعه ألف وخمسمائة رجل ومائة فارس فحاصره حصاراً شديداً ونصب عليه أربعة مجانيق وظل يضرب عليه ليلاً نهاراً حتى أثر على سور الحصن المبني من التراب ولما طالت الحرب وطال الحصار وقتل خمسمائة من أهل كوكبان وألف من الحراس الموجودين فيه انتشر الضجر والسأم بين الجند فطلب السلطان عمرو بن حاتم من طغتكين تسليم الحصن له مقابل إبقاء حصن العروس له فوافق طغتكين وسلم الحصن في 1190م ومما تذكره المصادر التاريخية طريقة استهزاء طغتكين باليمنيين وكذلك افتخاره بسفك الدماء فقد كان ينشد متمثلاً: بسفك الدماء يا جارتي تسفك الدماء وبالقتل تنجو كل نفس من القتل أما عن نظرته إلى بعض اليمنيين الذين استسلموا له فتجسدت في مقولة شهيرة قالها أثناء قبوله مأدبة غداء كبيرة أقامها على شرفه عمرو بن علي في كوكبان بعد الاستيلاء عليها، فقد دخل الحصن ومُد السماط له فقال: ما رأينا مثل هؤلاء القوم نأخذ حصونهم وبلادهم ويلقوننا بالإنصاف ورغم ذلك الإنصاف من قبل اليمنيين الذي أشار إليه في مقولته إلا أنه لم يكف عن سفك دمائهم ونهب أموالهم والدليل على ذلك أنه اتجه إلى حصن سواد عزان قرب ثلا وكان لمشائخ أولاد مفرح والشيخ حاتم بن سعيد الشهابي وهناك ارتكب طغتكين مجزرة جديدة بقتله أربعين رجلاً منهم وأسره للشيخين عبد الله وعامر ابني مفرح وحاتم بن سعيد الشهابي ولما وصل الأسرى إليه أمر بقتل الشهابي وأخذ فدية قدرها ثلاثون ألف دينار مقابل إطلاق عبدالله وعامر ابني مفرح . أما عن مصير حصن ذي مرمر فقد استمر الأيوبيون في حصاره أربع سنوات متتالية حتى وصل الطرفان إلى الصلح الذي يتضمن أن يعطي علي بن حاتم خمسمائة دينار وخمسمائة كيلجة من الطعام شهريا بشرط أن لا يكون له سلطان على مناطقه بل تكون في يد الأيوبيين، وقبل الاستيلاء على الحصن كان الأيوبيون قد اتجهوا للسيطرة على حصون الفصين وجبل الظلمة واستخدموا المجانيق بشكل كبير جداً في تلك الحملات ، ووصلوا إلى منطقة شوابة في البون ثم اتجهوا نحو الجوف وصعدة، وعاد طغتكين إلى صنعاء 1191م واتجه إلى حضرموت . معركة شوحطين : تكاد تكون معركة شوحطين هي المعركة الأولى التي يظهر لنا فيها اسم الإمام عبدالله بن حمزة بحسب ما وقع بأيدينا من مراجع ومصادر تاريخية متنوعة فعندما تقدم الأيوبيون إلى كوكبان وعسكروا بالقرب منها ثم اتجهوا إلى حصون ميتك وبني شاور انسحب أتباع الإمام عبدالله بن حمزة بموجب أوامره وانتقلوا إلى صبرة وذلك لشن الحرب على الأيوبيين الذين تقدموا إلى قرية شوحطين قرب صنعاء فلما وصلوا إلى تلك القرية جرت معركة شديدة بين الطرفين استشهد فيها محمد بن حمزة ، أما طغتكين فكان قد انتقل من معسكرة بكوكبان إلى شرق ميتك مستخدماً سياسة ترهيب الأهالي وتحذيرهم من التعاون مع الإمام أو مع أتباعه وعدم السماح لهم بالتواجد في تلك المناطق وإلا فستكون القرى والمزارع عرضة للنهب والاعتداء وحتى لا يصيب الأهالي ضرر من جنود طغتكين قرر الإمام سحب كافة أتباعه وانتقل بهم إلى الجوف. معركة صعدة : حاول الإمام عبدالله بن حمزة تشكيل جبهة أمامية لقتال الأيوبيين الذين كانوا قد تمكنوا من بسط سيطرتهم على مناطق صنعاء وتوسعوا إلى كوكبان وإلى عمران وتقدموا إلى صعدة تاركين بها حامية لتأكيد سيطرتهم عليها ،فأرسل الإمام مائة فارس لطرد الأيوبيين منها وحتى تكون منطلقاً للهجوم فيما بعد على بقية الحاميات فباءت المحاولة الأولى بالفشل، ثم جهز قوة ثانية بقيادة يحيى نجل الإمام أحمد بن سليمان وبعد أن تقدمت تلك القوة إلى صعدة شنت الغارات على الحامية الأيوبية حتى تمكنت من هزيمتها ومن ثم طرد من تبقى من الجنود فيها الأمر الذي أثار غضب طغتكين فقرر تجهيز حملة عسكرية كبيرة لاستعادة صعدة إلا أن تلك الحملة لم تصل إلا بعد عام كامل وعندما بلغت صعدة كان أتباع الإمام قد انسحبوا منها، فقرر الأيوبيون ترك حامية مكونة من ثلاثمائة فارس . وبعدها حاول طغتكين إخضاع كافة المناطق الشمالية فتوجه إلى بلاد الأهنوم وأجزاء من حجة فكان يمر من تلك المناطق فتظهر القبائل الطاعة له وبعد مغادرته تعود إلى طاعة الإمام ، أما عن السيطرة الأيوبية على صعدة فلم تكن تشمل سوى منطقة المدينة أما المناطق الأخرى فقد ظلت خارج السيطرة. ثورة حاشد وبكيل في أثافت والمصنعة وثلا : قرر طغتكين تعيين نجله إسماعيل والياً على مناطق غرب صنعاء بلاد كوكبان وبلاد الظاهر في العام 1191م وكان مشهوراً بالقسوة والعنف والبطش الأمر الذي كشفه سلوكه وتعامله مع القبائل اليمنية والأهالي في تلك المناطق فكان يأمر جنوده بعدم التهاون في التعامل مع اليمنيين الأمر الذي تسبب في اندلاع ثورة عارمة شملت معظم تلك المناطق وكان هدف تلك الثورة رفع الظلم الأيوبي الذي طال الأهالي بمزارعهم وبيوتهم وأموالهم وأنفسهم من دمار وقتل ومصادرة وتعذيب واحتجاز وغيره، ولم يتردد ابن طغتكين في قمع تلك الثورة بكل الأساليب الوحشية فوجه الأهالي نداءات الاستغاثة للقبائل المحيطة بمناطقهم للمسارعة في نصرتهم ورفع الظلم عنهم وبالفعل استجابت معظم تلك القبائل من حاشد وبكيل فقدمت كل ما بوسعها من مساندة حربية عبر شن الغارات والغزوات على معظم تجمعات الأيوبيين وقد بدأت تلك الحروب والمواجهات في أثافت والمصنعة وتعرضت الحاميات الأيوبية لعمليات هجومية واسعة أدت إلى وقوع خسائر كبيرة، ففي ثلا تمكنت القبائل المجاورة للمنطقة من شن عدة غارات وخاضت مع الأيوبيين صراعاً يومياً أدى في نهاية المطاف إلى اندحار الغزاة وهزيمتهم والأمر كذلك في بقية المناطق حتى أن إجمالي خسائر الأيوبيين قدرت بمصرع سبعمائة مقاتل إضافة إلى عقر الخيول ونهب السلاح والاستيلاء على كامل عتادهم وعدتهم، وتكاد تكون تلك الخسائر هي الأكبر في صفوف الجيش الأيوبي وحققت بذلك القبائل انتصارا حاسماً انتقمت من خلاله لكافة ضحايا الأيوبيين في تلك المناطق وغيرها، وأمام هذا الانتصار سارع طغتكين بعد وصول الأخبار إليه إلى إسناد نجله بإرسال حملة عسكرية شنت هجوماً واسعاً على مناطق كوكبان وثلا والظاهر وكافة المناطق التي شهدت الثورة، فدارت معارك على إثر تصدي القبائل للحملة وبحسب بعض المصادر التاريخية فقد قُتل ما يقارب ال 200 من القبائل في تلك المعارك . معركة عجيب : تفاجأ طغتكين ونجله بصمود القبائل أمام الجيش الأيوبي الذي كان يُعد الأكفأ من الناحية القتالية وكذلك من ناحية التسليح فيما اليمنيون لم يكونوا يمتلكون العتاد الحربي الكافي للقتال سيما سلاح الدروع الذي بفضله تمكن الأيوبيون من تفادي طعنات الرماح الحاشدية والسيوف البكيلية إلا أن الخسائر الأيوبية كانت كبيرة في ثورة مغارب صنعاء حاشد وبكيل حتى أن بعض المراجع التي تطرقت بشكل طفيف إلى حروب اليمنيين والأيوبيين تحدثت عن اضطرار اليمني إلى توجيه أكثر من طعنة في جسد الجندي الأيوبي المتدرع بشكل كامل حتى لم يكن يُرى منه إلا العينين فقط وأمام ذلك الانتصار دفع الغرور طغتكين إلى إرسال حملة توجهت إلى ريدة وقبل أن تصل إلى تلك المنطقة وحتى لا يكون مصيرها كسابقاتها استخدم قائدها المال لاستمالة المشائخ وضمان تأييدهم أو على الأقل حيادهم ومن ثم توجه إلى عجيب التي كان بها مقاتلون من الأشراف آل حمزة وأهل الظاهر وكذلك من قبائل حاشد وبكيل وقد أراد طغتكين من تلك الحملة الانتقام للهزيمة التي مني بها جيشه بقيادة نجله على أيدي تلك القبائل فبعد أن وزع المال وضمن ضعف طرف المقاومة بقيادة الإمام عبدالله بن حمزة أمر قواته بالهجوم، فجرت معركة شديدة بين الطرفين أدت إلى انكسار القبائل . وعلى ما يبدو أن المال الأيوبي دفع ببعض المشائخ إلى التراجع عن المشاركة بالمعركة فمنهم من اتخذ موقف الحياد ومنهم من تظاهر بعدم القدرة على القتال وكل ذلك أدى إلى مضاعفة حجم الخسائر في صفوف المقاومة فقد خسرت ما يقارب المائتين ناهيك عن الجرحى فيما لم تذكر المصادر التاريخية الخسائر في صفوف الأيوبيين، وكان من أبرز نتائجها عودة السطوة الأيوبية على مختلف المناطق فيما يعرف اليوم بهمدان وثلا وكوكبان وغيرهما من المناطق وهو ما تكشفه رسائل رؤساء القبائل للإمام الذين طلبوا منه النصرة لرفع الظلم الأيوبي وعلى ما يبدو أن المال قد أغرى بعض المشائخ والنافذين حتى ظنوا أن الأيوبيين لم يعودوا إلى ما كانوا عليه من قهر واستعباد اليمنيين سيما المزارعين والفلاحين البسطاء فكانت الصدمة بالنسبة لهم كبيرة حتى عادوا لمراسلة الإمام الذي كان وقتها قد انتقل إلى صعدة لترتيب أمورها ومن ثم اتجه إلى براقش بالجوف وفيها وصلته الرسائل من المشائخ والأهالي وقد سارع إلى الاستجابة فقرر نصرتهم وعاد إلى حشد القبائل وتحريضها للجهاد لرفع الظلم ودحر المعتدي وانتقل بنفسه إلى أكثر من منطقة لتأدية ذلك الدور المهم ثم شكل عدة مجموعات من أتباعه وأمر كل مجموعة قتالية بشن الغزوات والغارات على الأيوبيين والانتصار للمظلومين الفلاحين، أما الوضع في الجانب الأيوبي فكان طغتكين قد قرر إقالة نجله من ولاية مناطق غرب وشمال صنعاء وجرى الخلاف بينهما، ومن واقع تاريخ طغتكين مع اليمنيين فإن إقالته لنجله ليست بسبب ما ارتكب من ظلم وجرائم بحق الأهالي والفلاحين بل بسبب فشله في قمع الثورة، وقرر إسماعيل الرحيل من اليمن للمرة الثانية وعندما وصل إلى منطقة حرض جاءته الأخبار بوفاة أبيه وذلك في العام 1196م فعاد إلى تعز لاستلام الحكم بعد أبيه. المعارك الأصعب بالنسبة للأيوبيين: نظراً لما كانت تمثله الحصون والقلاع من أهمية بالغة في الصراع الحربي بتلك الفترة فلاغرابة في أن نجد معظم المعارك كانت تدور حول قلعة أو من أجل السيطرة على حصن نظراً لمناعة الحصون والقلاع واعتبارها معسكرات صغيرة من خلالها يتم بسط السيطرة على المناطق المحيطة بشكل كامل، ولعل الأهمية الكبيرة للحصون في تلك الفترة تتمثل في أنها تعد تحصيناً بشرياً إضافة إلى الحصانة الطبيعية الذي تمثله الجبال والمرتفعات سيما في المناطق الشمالية الغربية ،فكان الأيوبيون بحاجة إلى مضاعفة الجهود من أجل اختراق الحصانة الطبيعية للجبال وتجاوز مسالكها الوعرة وتعرجاتها المعقدة كمهمة أولى تليها مهمة السيطرة على الحصون التي عادة ما تتربع على عروش تلك الجبال ومهمة الوصول إليها ليست بتلك السهولة التي قد يتصورها البعض كون الجيش الأيوبي كان يحتاج إلى نقل معداته وعتاده عبر ظهور الخيول والجمال إلى أعالي تلك الجبال وهذا يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين ناهيك عن معرفة مسبقة بالطرق والطبيعة الجغرافية بالمنطقة وتجاوز أي كمائن في تلك الطرقات وهذا كله يُعد مهمة أولى تليها مهمة نصب المجانيق في مواضعَ مستويةٍ أو يتم تسويتها حول الحصون والعسكرة في منطقة محصَّنة قريبة من الهدف ومن ثم فرض الحصار الذي قد يستمر عدة أشهر نتيجة براعة اليمنيين في بناء الحصون والقلاع فكانت عملية البناء تستجيب لهدفين رئيسيين الأول يتمثل في المناعة الحربية حتى لا يستطيع العدو اختراقها بسهولة والهدف الثاني يتمثل في استيعاب أكبر عدد ممكن من الأشخاص ووجود مخازن للغذاء ومصادر للمياه بما يعزز الصمود ويحقق عامل البقاء ليس لأشهر بل ولسنوات أيضا،إضافة إلى تحقيق ذلك فقد أبدع اليمنيون في تخطيط القلاع والحصون بما يوفر ممرات سرية تستخدم وقت الحاجة سواءً لخروج القائد وعودته أو للحصول على مؤن إضافية من الغذاء والسلاح، ولهذا نجد أن المهمة الأصعب التي واجهت الأيوبيين والعثمانيين من بعدهم كانت تتمثل في السيطرة على الحصون التي كانت تمتد من عدن إلى مرتفعات تعز وإب وذماروصنعاءوعمران والمحويت وحجة وصعدة والجوف وريمة، ولطالما فشل الأيوبيون في السيطرة على بعض الحصون كحصن الدملؤة في الصلو بتعز وحب في بعدان بإب وبراش وذي مرمر بصنعاء وحصون كوكبان وثلا وغيرها من الحصون التي ظلت صامدة بمن فيها لسنوات ولم يتمكن الأيوبيون من إخضاعها إلا باستخدام الحيلة السياسية أو المال السياسي رغم قوتهم العسكرية واستخدامهم سلاح المجانيق لإسقاط تلك القلاع والحصون. معركتا حصن الظفر ومتنة : وبما أن السيطرة على الحصون كانت المهمة الأصعب بالنسبة للأيوبيين فإن مهمة استعادتها من قبل المقاومة لم تكن عملية سهلة بل تحتاج إلى عقلية حربية متمكنة وأداء قتالي خاص ضمن خطة محكمة ولعدم توافر كل تلك العوامل لجأت المقاومة إلى الهجوم على حراسات القلاع والحصون التي أصبحت تحت السيطرة الأيوبية ضمن حرب استنزافية لجأ إليها الجيش المنصوري خلال فترات عدة، ومن أهم وسائل تلك الحرب الغارات الليلية الخاطفة كالهجوم على حصن الظفر وقتل عدد من أفراد حراسته ثم تعزيز ذلك الهجوم بهجوم آخر أدى إلى الاستيلاء على القلعة السفلى من الحصن ،فيما القلعة العليا ظلت تحت سيطرة الأيوبيين فاضطر الإمام ومعه الأمير عمر بن علي إلى المشاركة بالمعركة بهدف الاستيلاء على كامل الحصن فتقدم لإسناد المقاتلين بالقلعة السفلى وجرت عدة معارك مع الأيوبيين الذين اضطروا إلى الاستسلام وتسليم القلعة العليا في وقت كانت قوة أيوبية أخرى في الطريق إلى الحصن إلا أنها تراجعت بعد أن شاهدت حجم قوات الإمام في شبام. وفي العرف العسكري بتلك الفترة فإن السيطرة على حصن أو أكثر من حصن في منطقة معينة يعني بسط السيطرة على كامل تلك المنطقة بل وعلى ما يحيطها من المناطق في حال عدم وجود حصن أكثر قوة ومنعة من الحصون المسيطر عليها، ومن الأساليب الحربية لليمنيين والتي تعود إلى زمن الحملة الرومانية تدمير وهدم أي تحصينات قد يستفيد منها العدو سواءً قبل الانسحاب أو بعد التقدم، فكان اليمنيون يحسنون تقدير مستوى قوتهم العسكرية ولا يستهينون أبداً بحجم قوات عدوهم وهذا ما تظهره التحركات العسكرية بقيادة الإمام عبدالله بن حمزة ومشائخ بني حاتم في شبام وكوكبان فقد دُمرت مواقع عسكرية للأيوبيين وسُوِّيت بالأرض وعادةً لا يتم اللجوء إلى هذه الخطوة إلا عند عدم القدرة على الاستفادة من تلك التحصينات، وكان الأيوبيون في صنعاء حال علمهم بخبر هزيمة قواتهم في شبام قد جهزوا حملة عسكرية بقيادة الشهاب الجزري فتوجهت إلى منطقة متنة وإليها تقدم الإمام وأتباعه فجرت المعركة بين الطرفين وانكسر فيها اليمنيون رغم وقوع الخسائر بين الطرفين واعقب تلك المعركة قام الأيوبيون بنهب قرية بيت خولان وقتلوا اثنين من أهلها . محاولة مصادرة الأراضي الزراعية من اليمنيين : يقال إن طغتكين أول من جار على أهل النخل ورفق بأ أهل الزرع فلما دانت له البلاد تاقت نفسه إلى شراء جميع أراضي اليمن وأن يؤجرها على من أراد حرثها كما هي عادة مصر .. واتخذ لتحقيق ذلك إجراءات عملية الهدف منها مصادرة كافة الأراضي الزراعية وتحويل ملكيتها إلى الدولة الأيوبية ومن تلك الإجراءات تعيين المندوبين الذين سيتولون عملية تثمين الأراضي وتسجيلها في سجلات الدولة ومن ثم شراء الأراضي قهراً من كافة اليمنيين ،وبينما كان المثمنون قد بدأوا في تنفيذ الأمر إذ شاع الخبر بموت طغتكين الذي قيل إنه مات مسموما من قبل الشيخ علي بن محمد المعروف بابن المعلم . وتتحدث بعض المراجع أن جماعة من اليمنيين لجأوا إلى أحد المساجد وقرروا أن لا يخرجوا منه إلا بعد قضاء حاجتهم المتمثلة في تراجع طغتكين عن قراره مصادرة أراضيهم الزراعية ، ومما قاله المؤرخون عن طغتكين إنه كان يشتري أموال التجار لنفسه ويبيعها كيف يشاء وإنه كان يُضِّيق على الرعية . الغزو الأيوبي إسماعيل ابن طغتكين : تتميز هذه المرحلة كونها شهدت توسع رقعة المقاومة اليمنية بقيادة الإمام عبدالله بن حمزة فقد ظلت المناطق من ذمار وحتى صعدة مناطق مقاومة دائمة ولم يتمكن الغازي من السيطرة عليها بشكل مستمر وسنشهد في هذه المرحلة تصدعاً وانشقاقات في طرف الأيوبيين بعد أن امتد ظلم إسماعيل بن طغتكين إلى أتباعه ما دفعهم ونكاية به إلى مبايعة الإمام، وقد أدى ضعف الأيوبيين في اليمن إلى وصول تعزيزات عسكرية من مصر وهذا تأكيد على أطماعهم في البلاد ورفضهم الانسحاب تحت وقع الثورات والانتفاضات منها ثورة أهالي وصاب وعتمة الذين سيحققون نصراً ساحقاً على الأيوبيين بعد أن رفضوا الاستجابة للقائد الأيوبي في المشاركة بقتال الإمام فكانت معركة الدغاري شاهدة على الحس الوطني لدى اليمنيين وإن كان هذا الشعور وقتها لم يتحول إلى شعور عام ضمن مشروع وطني لمواجهة المحتل وبناء دولة يمنية واحدة إلا أننا نستطيع أن نؤكد أن حالة التذمر بلغت مختلف المناطق اليمنية، ففي صبر بتعز تلقى الأيوبيون صفعة مدوية في معركة حاسمة مع أهالي تلك المنطقة الذين تمكنوا من قتل أهم القادة مع مائة فارس آخرين وسنتعرف في البداية على ثورة قبائل غرب صنعاء والتي أدت إلى مقتل المئات من الغزاة الأيوبيين، وكان للخلافات والصراعات بين القبائل دورٌ في تأخير حسم المعارك بل إن بعض هذه القبائل ونكاية بقبائل أخرى أو بالإمام