وقد مثل بين يدي ولي العهد أكابر ذي نوف وحوش الخلاء الذين ليس لهم عمل الأغوز قبائل المشرق كالكرب والصيعر،وقد تمد غزواتهم في بعض الاحيان الى نجد ولهم في ذلك حكايات غريبة..وتقدم عامل برط الى وادي خب،وبلغت الرهائن من ذي حسين وذي محمد وبني نوف نحو ثلاثمائة شخص وأرسل ولي العهد بعض من يثق بهم من افراد الجيش لحصر عدد المواشي والنخيل فلم يعترضهم أحد، وامنت السبل حتى ان السائر من الجوف الى مارب لا يحتاج الى رفيق والمسافة بينهما نحو ستة أيام، وكان لا يقطعها قبل ذلك الا الجماعات الوافرة. في المفاهيم الإستراتيجية يظل الجوار الجغرافي والجيوبوتيكي محل دراسة ومحل تقدير اي علاقة وأي متغيرات في هذه العلاقة،لضمان الاستقرار والابتعاد عن الهزات وفي أحيان كثيرة يتحول الجوار هذا إلى مصيدة والى مصدر إنهاك للقدرات الوطنية، ومحط أطماع،ويصبح الجوار مصدر التهديد والتحدي .. وهذا ما عانت منه بلدنا من الجوار السعودي طوال أكثر من قرن مضى من الزمن ولقد دفعت اليمن قيادة وشعباً وجغرافية الثمن باهظاً جراء هذا الجوار المهدد والجوار الطامع .. ولم يكن آل سعود ونظامهم في كل تلك الحقبة الزمنية، إلا طامعين وعدائيين، ولم يعدموا وسيلة إلا واستغلوها ليفرضوا نفوذهم وسيطرتهم على اليمن .. وقاد هذا الجوار الى حرب وإلى قتل اليمنيين وإلى اشعال الفتن بين قواه السياسية والاجتماعية .. العلاقة بين اليمن وجارتها الشمالية مملكة آل سعود علاقة شابها الكثير من التوجس ومن التحين لغرض واقع حال وفرض هيمنة وسيطرة .. فقد كان الجار الشمالي لليمن مصدر قلق ومصدر ازعاج واضح في كل علاقاته مع اليمن، ولذلك جاء السطو السعودي على عسير وجيزان ونجران ليفرض على صنعاء واقعاً جديداً لم تتقبله حينها بل رفضته وقاومته وشهدت المنطقة حرب العام 1934م استطاع جار السوء السعودي من فرض سيطرته على اجزاء كبيرة من اليمن بمساندة بريطانيا ولم يقف الإمام يحيى مكتوفاً بل قاوم التدخل السعودي بكل ما أوتي من قوة، ووجها سياسياً وحرك الكثير من الملفات ضدها .. وفي كتاب الدكتور سيد مطصفى سالم المعنون : “مراحل العلاقات اليمنية السعودية 1158- _ 1353- 1754- 1934م خلفيات وحوادث تاريخية “ يشير الى الخلفية التاريخية للعلاقة اليمنية السعودية حيث يقول: قبل أن نتحدث عن الاتصال بين الدولة النجدية الأولى وبين اي أقاليم يمنية وبصفة خاصة اقليم عسير ونجران وجيزان يجب أن نتوقف هناك بعض الشيء لنعرف طبيعة هذا الإقليم وماحدث به من أحداث ومن أوضاع اجتماعية وتاريخية قبل هذا الاتصال .. وإذا عدنا إلى كتاب المخلاف يشير إلى اشهر قبائل تهامة عند ظهور الإسلام وعددها من لحججنوباً إلى العقبة شمالاً وقسمها الى ثمانية ِ أقسام منها : - “حكم “ وتمتد من جنوب وأدي مور إلى صبيا. -“خولان “ وكنافة في مخلاف عثر من شمال صبيا الى حمضة “ القحمة “ حالياً. بنو حرام من كنافة في جهة حلى ولاشك أن هذه الأسماء يمنية تتردد على ألسنة اليمنيين رغم تعاقب الأجيال وترجع تسمية هذه البقعة من الجزيرة العربية باسم المخلاف السليماني إلى سليمان بن طرف الحكمي الذي تولى المخلاف السليماني في آخر عهد الدولة الزيا دية وهومن آل عبد الجد الحكميين فقد تولى مبدئياً ما يتولاه أسلافه من رئاسة قبيلة حكم، بل تسامت همته الى أبعد مما قنع به ذروه ورفعه وطموحه في أثناء انحلال الدولة الزيادية وضعف السلطة المركزية الى إنشاء تلك الإمارة بجهته، بل وسع مجالها حتى شملت ما أطلق عليه اسم المخلاف السليماني هومن الشرحة الى حلى بن يعقوب . وكان العام 1932م يحمل في طياته عدة عوامل ساعدت ابن سعود على القضاء على الثورة التي قامت ضده في عسير وخاصة وابن سعود قد تغلب على معارضة شقيقه “محمد “ الذي كان يتزعم الجماعات التي تطالب ببقاء النظم القديمة، وذلك بعد أن تغلب على تمرد جماعات الاخوان وخاصة ثورة بن الدوش، وتلا ذلك نجاح ابن سعود في تعيين ابنه الاكبر سعود ولياً للعهد، بعد أن حصل على تأييد افراد الاسرة على ذلك وأعلن هذا التعيين رسمياً في اغسطس 1933م وبهذا جرى ترتيب البيت السعودي من الداخل مما يعني أن آل سعود سوف تفتح شهيتهم للتوسع جنوباً ولفرض وجودهم اكثر في الحد الشمالي لليمن مما يؤكد ان هناك تحديات جديدة قد شخصت امام الامام يحيى الذي كان ينظر الى عسير ونجران وجيزان انها أرض يمنية وانه لا مفر من استعادتها، ومن فرض سيطرة اليمن عليها وإعادة الأرض إلى اليمن “الأم “ ولذلك جاء إعلان توحيد المملكة العربية السعودية في سبتمبر 1932م مع ما يعني من الاستمرار في سياسته المركزية قد أمد إلى تهمة عسير التي كان ابن سعود قد مد إليها حكمه المباشر منذ عام 1930م .. وفي عام 1932م أرسل ابن سعود بثلاثة طوابير الى عسير أحداهما على الساحل والثانية فوق الجبال والثالثة في المؤخرة بقيادة ابن مساعد وهو الذي عينه اميراً في أبها بعد الانتصار على حسن الإدريسي الذي فر آنذاك إلى اليمن . وتمثل هذه التطورات بداية الصراع، ثم بدأت العلاقة تتوتر بين الامام يحيى وبين ابن سعود .. منذرة بمشكلات كبيرة بين البلدين .. وهذا ما حتم على الامام يحيى ان يتخذ خطوات نحو المنطقة المغتصبة عسير ونجران وجيزان، رغم ظروفه الشديدة حينها، إلا انه لم يسمح فرصة التأكيد على حق اليمن في تلك المنطقة المهمة .. ويشير كتاب سيد مصطفى سالم الى ان الامام يحيى كان ينظر الى ظهور محمد الادريسي في عسير بحذر وترقب حتى عام 1911م عقد صلح دعان مع العثمانيين فانفجر العداء بين الطرفين .. وعندما ذهب محمد نديم بك على رأس وفد الى قرب جيزان للتفاوض مع الادريسي عام 1913م انزعج الادريسي لرؤية السيد قاسم العزي ممثل الامام يحيى ضمن اعضاء الوفد فقد رأى في حضوره تجسيداً لرغبة الامام يحيى في احتوائه بطريقة أو بأخرى على اساس ان عسيراً جزء من اليمن وكان اتجاه السلطنة العثمانية آنذاك هو تجميع أجزاء ممتلكاتها وليس تفتيتها طبقاً لسياستها نحو المركزية، وكانت تعد عسيراً اللواء الرابع ضمن الوية اليمن الاخرى وهي صنعاء وتعز والحديدة منذ عام 1869م حتى انها ارسلت اسرى آل عايض الى صنعاء وليس الى اسطنبول كما كان الامر من قبل. الطبيعة الجغرافية للبحر الاحمر هذا المجرى الملاحي الدولي هي واحدة من المزايا التي منحت هذا البحر أهمية إضافية ولذلك، فان ادراك هذه الأهمية يعطينا صورة متكاملة عن البعد الجيوبوليتكي للبحر الأحمر.. ومن الأهمية بمكان أن نلم بطبيعة وجغرافيا ومناخ البحر الأحمر.. والمكونات الاستراتيجية مناخ البحر الأحمر حارجداً في الصيف ويعتبر من أكثر بحار العالم ارتفاعاً في درجة الحرارة والملوحة المنطقة الشمالية منه معتدلة نسبياً وتزداد حرارة سطح البحر باتجاه الجنوب والغرب وتقل الملوحة من الشمال إلى الجنوب، أما الرياح فهي موسمية غير مستقرة . وتختلف حركة التيارات البحرية بين الصيف والشتاء . كما تتباين حركة المد والجزر إن كانت تتميز بالارتفاع . ويتميز البحر الاحمر بموارده المعدنية المهمة فهو غني بالنفط والغاز والمعادن الثقيلة ولقد أثبتت الدراسات الاولية وجود الحديد والزنك والنحاس والرصاص والفضة والذهب وغيرها ويتركز معظم هذه الثروات على الجانب الشرقي .