أكدت تركيا مساء الأربعاء على أهمية دورها في ليبيا، وتعهدت بمواصلة دعم حكومة الوفاق. وبينما وافقت الأممالمتحدة على دعم التحقيق في المقابر الجماعية بمدينة ترهونة، شدد المندوب الليبي على رفض أي دور للإمارات في بلاده. وفي حين طالبت الولاياتالمتحدة بإبعاد القوات الأجنبية والمرتزقة من المناطق النفطية، أعلنت روسيا موافقة اللواء المتقاعد خليفة حفتر على توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن بلاده تدعم الحكومة الشرعية في ليبيا بموجب اتفاق التعاون العسكري المبرم بين أنقرةوطرابلس في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وذكّر بأن التدخل التركي في ليبيا غيّر مجريات الأحداث والاشتباكات في هذا البلد، وحقق توازنا في الصراع "أقر به الجميع". وأضاف قالن "لولا الرؤية الصحيحة للرئيس رجب طيب أردوغان في التدخل لازدادت الاشتباكات في ليبيا، ومات أناس كثيرون، وربما كان انقسام ذلك البلد أمرا محتّما". وأردف "يوجد طرفان في ليبيا، وتركيا تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق تقدم في المسار السياسي تحت مظلة الأممالمتحدة، وحكومة فايز السراج لها حق الدفاع الشرعي عن النفس ضد هجمات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، وتعاوننا مع حكومة السراج يستمر في هذا الإطار". من جانبها، وافقت الأممالمتحدة على طلب حكومة الوفاق الليبية دعم التحقيق في المقابر الجماعية بمدينة ترهونة الليبية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا- إن الأممالمتحدة ردت بالموافقة على طلب من رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، لدعم التحقيق في المقابر الجماعية بترهونة. وأضاف أن قرار مجلس حقوق الإنسان بإنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق في ليبيا يعزز المساءلة، معبرا عن صدمته من اكتشاف مقابر جماعية في ترهونة. كما ذكر غوتيريش أن قوات حفتر والمرتزقة التابعين لها زرعوا ألغاما أودت بحياة الكثير من المدنيين الذين كانوا يحاولون العودة إلى منازلهم، بالإضافة إلى أفراد المنظمات الإنسانية غير الحكومية المكلفة بتطهير هذه الألغام الفتاكة. وأوضح أنه بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران وثقت البعثة الأممية مقتل 356 شخصا على الأقل، منهم 102 مدنيا، وإصابة 254 آخرين. وفي ذات الكلمة، حذر غوتيريش مجلس الأمن من أن الصراع في ليبيا دخل مرحلة جديدة، "مع وصول التدخل الخارجي لمستويات لم يسبق لها مثيل". وعبّر عن قلقه الشديد من الاحتشاد العسكري حول سرت والتدخل الخارجي المباشر في انتهاك لحظر الأممالمتحدة للأسلحة، مطالبا بوقف كافة أنواع التصعيد في ليبيا والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار ودعم جهود التسوية. وهوت ليبيا إلى الفوضى بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011. ومنذ 2014 وليبيا منقسمة، إذ تسيطر الحكومة المعترف بها دوليا على العاصمة طرابلس والشمال الغربي، بينما يحكم حفتر الشرق مدعوما ببرلمان طبرق والإمارات ومصر وروسيا، في حين تتلقى الحكومة المساندة من تركيا. رفض وقال مندوب ليبيا بالأممالمتحدة طاهر السني إن بلاده ترفض مشاركة الإمارات في أي حوار سياسي بشأن ليبيا، متسائلا ما الذي يفعله جنود إماراتيون في بلادنا، ولماذا يدعمون حفتر، ولماذا يزعزعون استقرارنا؟ وأضاف السني في كلمته أمام مجلس الأمن أن المجتمع الدولي صمت على دعم عدة دول لحفتر وهو الآن يتحدث عن سلام في ليبيا، داعيا كلا من المجتمع الدولي والأممالمتحدة إلى أن يقتصر أي اتفاق سلام على دول جوار ليبيا فقط. وأكد أنهم يمثلون حكومة شرعية و"حين نوقع اتفاقا مع أي دولة فهذا أمر مشروع وفق المواثيق الدولية، ويدخل في إطار سيادتنا وليس تدخلا خارجيا". وفي موضوع النفط، قال المندوب الأممي سنحاكم كل المتورطين في وقف إنتاج النفط وتهديد اقتصاد ليبيا وثروتها، متهما حفتر بالسيطرة على النفط بدعم من المرتزقة ووقف الإنتاج وضرب اقتصاد البلاد. ووصف السني حفتر بأنه مجرم حرب ولا يمكن أن يكون طرفا في اتفاق سلام، مشيرا إلى أن دولا كبرى لم تقدم فقط الدعم لحفتر، بل عرقلت عقد أي مؤتمر للسلام. إبعاد المرتزقة وقالت مندوبة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن كيلي كرافت -في الجلسة- إن بلادها تعارض كل تدخل أجنبي في ليبيا، وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى مفاوضات 5+5، إلى جانب احترام وتطبيق حظر السلاح الذي فرضته الأممالمتحدة على كل الدول، ومن بينهم أعضاء في هذا المجلس. وحثت المندوبة الأميركية على مشاطرة المعلومات مع لجنة الخبراء الخاصة بليبيا حول انتهاكات حظر السلاح، ودعت الجميع إلى المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار بحسن نوايا، واحترام ما تمخض عنه مؤتمر برلين. كما دعت إلى إيقاف العمليات العسكرية ونقل الأسلحة والمقاتلين الأجانب، مشددة على أنه لا مكان للمرتزقة الأجانب أو العملاء بالوكالة، خاصة قوات فاغنر الذين يقاتلون نيابة عن القوات الروسية، معربة عن قلقها بشأن ما يجري في مدينتي سرت والجفرة القريبتين من الهلال النفطي الليبي، وأكدت أن لديها تقارير تفيد بنقل أسلحة وألغام إلى مناطق ليبية للسيطرة عليها، وهذا انتهاك واضح للسيادة الليبية. وطالبت بتمكين مؤسسة النفط الوطنية من استئناف عملها في ليبيا، لأن المصادر النفطية لصالح كل الليبيين، ولا بد أن تبقى تحت السيطرة الحصرية لمؤسسة النفط الوطنية. وأضافت المندوبة أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترحب بتأسيس بعثة تقصي حقائق في ليبيا، للتحقق من انتهاكات حقوق الإنسان والتأكد من أن من يقوم بهذه الانتهاكات سيحاسبون في نهاية المطاف. حفتر مستعد للتوقيع من جهة ثانية، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف -اليوم الأربعاء- استعداد حفتر لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، متهما حكومة الوفاق بأنها "غير راغبة" في ذلك. ونقلت وكالة أنباء تاس الروسية عن لافروف قوله "في مرحلة ما دعونا القادة الرئيسيين: حفتر، والسراج، و(رئيس مجلس النواب الليبي بطبرق) عقيلة صالح، في يناير/كانون الثاني هذا العام قبيل مؤتمر برلين، وكان الجيش الوطني الليبي (قوات حفتر) يعتقد أن موقفه على الأرض أقوى، ولم يكن مستعدا لتوقيع وثيقة اعتبرها السراج مقبولة". وأضاف لافروف "الآن فإن قوات حفتر -بحسب تقييماتنا- مستعدة لتوقيع مثل تلك الوثيقة بشأن وقف إطلاق نار فوري، لكن هذه المرة حكومة طرابلس هي التي لا يريد فعل ذلك، معتمدة على الحل العسكري". كما اتهم لافروف الولاياتالمتحدة بمحاولة "عرقلة" تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا، وقال إن الإجراءات الأميركية تعطي انطباعا عن محاولات التدخل في تعيين ممثل خاص جديد للأمم المتحدة في ليبيا.