«الهولنديون والبحر الأحمر » لم يبدأ الهولنديون نشاطهم الاستعماري في فترة مبكرة رغم تأثير بلادهم نتيجة تحول التجارة الشرقية إلى طريق رأس الرجاء الصالح الذي أضعف من شأن الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط , ففي سنة 1602م تأسست شركة الهند الشرقية الهولندية , وكان يقوم بإدارتها مجلس مقره في أمستردام , وتشرف عليه الحكومة , ويعد ذلك فتحاً وإذ اناً بقيام نهضة تجارية عظيمة لبسط النفوذ الهولندي على كثير من الجهات فيما وراء البحار وكما ذكرت إن الهولنديين لم ينشئوا علاقات في منطقة البحر الأحمر كتلك التي أنشأ ها البريطانيون , حيث لم يبنوا قلاعاً , ولم يفدوا مبشرين بل اكتفوا بارتياد أربع موانئ في منطقة البحر الأحمر هي المخا , عدن , الشحر , قشن , وأحياناً الحديدة . فقد أقاموا وكالتين تجاريتين إحداهما في المخا والثانية في الشحر , والجدير بالذكر أن أول سفينة هولندية وصلت إلى المنطقة عام 1614م وفي عام 1618م حصلت شركة الهند الشرقية الهولندية على فرمان تركي للقيام بتجارة سليمة في موانئ اليمن , مع تحذيرهم من الاقتراب إلى مكة والاماكن المقدسة هذا ولقد تركز النشاط الهولندي في الشحر التي اعتبرت قاعدة نشاطهم التجاري في المنطقة , وتجدر الإشارة هنا إلى أن الهولنديين لم يحاولوا إطلاقاً الدخول في صراعات في المنطقة أو التوغل فيها بغرض التوسع التجاري رغم أن النشاط البريطاني المنافس في تلك المنطقة كان آخذاً في الازدياد . البريطانيون أكثر القوى الاستعمارية اطماعاً وهيمنة لم تخط إنكلترا أي خطوة خاصة لتامين نصيبها في التجارة الأوربية قبل عام 1500م , ولكن ما إن أطل القرن السادس عشر حتى وجد أن بريطانيا ولأول مرة قد ألقت بكل ثقل اقتصادها على تجارة ما وراء البحار.. ففي حومت الصراع البرتغالي الهولندي البريطاني أقام الإنجليز علاقات تجارية مع الهند ساهمت كثيراً في إبراز أهمية المنطقة التجارية والبحرية ففي سنة 1600 م منحت الملكة إليزابيت الأولى امتيازاً لشركة الهند الشرقية الإنجليزية يسمح لها بإقامة مشروعات تجارية في عدنوالبحر الأحمر , إلا أن استغلال الشركة لهذ الامتياز تأخر حتى 1609م . ومن أهم قيام هذه الشركة هو بسط السيطرة البريطانية على شبه القارة الهندية واستغلالها لتحقيق الأطماع البريطانية في بلاد الشرق. ولقد تركزت سياسة شركة الهند الشرقية الإنجليزية في بداية الامر على حماية الطرق الموصلة بين أوربا والهند , وحماية التجارة الإنكليزية في منطقة المحيط الهندي ولقد قامت هذه السياسة على مبدأين أولهما محاربة القراصنة , وتامين المواصلات في المنطقة الواقعة غربي المحيط الهندي حماية للمصالح الإنكليزية , وثانيهما الحيلولة دون خضوع هذه المنطقة لأية قوة أوروبية أخرى تشكل خطراً على تلك المصالح . ولقد بدأت المحاولة الإنجليزية الأولى في البحر الأحمر بوصول سفينتين بريطانيتين إلى عدن في 1609م تحملان مختلف أنواع البضائع إلا أن هذه الرحلة لم تكن ناجحة في حد ذاتها فقد قام قائد السفينة جون جرديان برحلة من عدن إلى صنعاء , ومنها إلى المخا محاولاً تخفيض في قيمة الضريبة الجمركية فتحدث بهذا الخصوص مع باشا صنعا الذي حذره بدوره من مغبة عودته إلى هذه المنطقة دون إذن من القسطنطينه .. وفي عام 1610م وصلت بعثة إنجليزية ثانية إلى المنطقة بقيادة السير هنري ميد لتون , حيث زار عدن ثم المخا حيث هوجم هناك وأعتقل ثم تمكن من الفرار بعد ذلك وما لبث عاد مرة أخرى بمرافقة جون سا برس الذي كان يحمل معه إذناً من الأتراك يسمح له بالتجارة السلمية في المنطقة ..