FONT, Helvetica, sans-serif" size=2صوت مجلس الأمن الدولي اليوم بغالبية 13 صوتا وامتناع دولتين عن التصويت على مشروع قرار أمريكي يهدد السودان بفرض عقوبات بشأن أزمة دارفور ويمهل القرار السودان 30 يوماً لاتخاذ خطوات جادة باتجاه حل الأزمة.واعتبر المندوب الأمريكي القرار ترجمة لضغوط المجتمع الدولي على الخرطوم لوقف ما وصفها بالكارثة الإنسانية في دارفور.وينص المشروع الجديد على إعراب المجلس عن "اعتزامه النظر في مزيد من التدابير في حال عدم وفاء حكومة السودان بتعهداتها بعد 30 يوما من تبني القرار وقد أسقطت الولاياتالمتحدة كلمة "عقوبات" من مشروع القرار وأشارت بدلا من ذلك إلى المادة 41 من ميثاق الأممالمتحدة التي تدعو إلى "قطع" الأنشطة الاقتصادية والدبلوماسية والاتصالات والتي ترقى عمليا إلى مستوى العقوبات.وكان المسئولون الأمريكيون يأملون في تمرير القرار بالإجماع وموافقة 15 دولة عضو في المجلس عليه لكن الصين وباكستان للقرار امتنعتا عن التصويت، وبرر زانغ يسان نائب المندوب الصيني لدى الأممالمتحدة الامتناع مستنكرا الإبقاء على التهديد بفرض عقوبات ضد الحكومة السودانية بشكل ضمني في النسخة النهائية للقرار الذي خضع للتعديلات مرارا، وقال إن "هذه الإجراءات لا تساعد على إحلال التسوية في دارفور"وينص القرار الذي شاركت في رعايته كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا ورومانيا على تحديد مهلة شهرا للخرطوم لنزع سلاح ومحاكمة أفراد الميليشيا المعروفة باسم جنجويد وإلا يدرس المجلس إجراءات أخرى منها الواردة في المادة 41.وقال دبلوماسيون إن دولا أخرى منها الجزائر وروسيا التي أثارت اعتراضات على مدى أسابيع تعتقد أن إسقاط كلمة "عقوبات" يجعل القرار مقبولا أكثر لدى السودان، لكن جون دانفورث السفير الأمريكي يرى أن التغييرات لم تغير التهديد بالعقوبات في شيء، وقال "إذا قرأت المادة 41 ستجد أنها تتحدث عن إجراءات وتقول إن ذلك قد يتضمن قطعا كاملا أو جزئيا للعلاقات الاقتصادية وخطوط السكك الحديدية والبحرية والجوية والبريد والبرق والإذاعة وسبل الاتصالات الأخرى وقطع العلاقات الدبلوماسية ... ولهذا.. إنها فقرة عن العقوبات"ويفرض القرار أيضا حظرا فوريا على السلاح يطبق على الميليشيا والمتمردين في دارفور، حيث تتصدى الحكومة منذ العام الماضي لتمرد من جانب السكان الأفارقة، وتقول حكومة السودان إن الجنجويد خارجون على القانون بينما يتهمها البعض بمساندتهم وتسليحهم.وقال كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة الموجود في غانا للقاء مع زعماء أفارقة عن ساحل العاج إنه تلقى تقارير جديدة عن حدوث عمليات اغتصاب وهجمات جديدة للجنجويد.وقال عنان يوم الخميس في بيان إن أفراد قوات الأمن الحكومية هددوا السكان الذين يتحدثون إلى الأجانب "وضربوا عددا من زعمائهم."وانتقدت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان والكونجرس الأمريكي الذي وصف ما يحدث في دارفور بأنه إبادة جماعية حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش لعدم تهديدها بالتدخل العسكري أو فرضها عقوبات فورية على الخرطوم.وتعتزم الأممالمتحدة إرسال قوات حفظ سلام بعد إبرام اتفاق سلام نهائي في جنوب السودان لإنهاء حرب أهلية مستمرة منذ عقود، وينص القرار على أن الخطة يجب أن تتضمن دارفور أيضا وإن كان من غير المتوقع نشر قوات حفظ سلام في دارفور قريبا.ويشكك بعض أعضاء مجلس الأمن في قدرة حكومة السودان على السيطرة على الميليشيا وعلى قواتها الخاصة وفي قدرتها على الوفاء بالاتفاق الذي أبرمته مع عنان الشهر الماضي لنزع سلاح الجنجويد.من جانبها حذرت جامعة الدول العربية الغرب من التهديد بفرض عقوبات على السودان بشأن الأزمة الإنسانية في دارفور في خطوة يراها البعض في العالم العربي على أنها ذريعة أمريكية لإسقاط نظام حكم عربي آخر.ويقول السودان إن الضغوط بشأن دارفور التي تقول الأممالمتحدة إنها تشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم ترمي إلى تقويض الحكومة الإسلامية السودانية التي أصاب الفتور علاقاتها مع واشنطن بعد أن كانت قد بدأت في التحسن.وقال حسام زكي المتحدث باسم الجامعة العربية إن كثيرين سيقولون إن الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية وجدت في أزمة دارفور ذريعة لوضع الحكومة تحت سيف العقوبات الدولية، وأضاف أن أي حظر لن يساعد في حل الأزمة ولكنه سيثير استياء الخرطوم.ويجتاح العالم العربي غضب عارم إزاء الغزو الأمريكي للعراق والانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، ويتشككون أيضاً في دوافع واشنطن في إحالة قضية دارفور إلى مجلس الأمن.وقال محمد مهدي عاكف زعيم الإخوان المسلمين في مصر إن واشنطن تستغل دارفور في إطار خطة ترمي إلى تفتيت كل دول المنطقة وإن بداية هذه الخطة كان في العراق.وأطلقت الولاياتالمتحدة في عام 1998 صواريخ على مصنع للأدوية في الخرطوم زاعمة أنه كان يصنع مكونات لأسلحة كيماوية، وتفرض على السودان عقوبات امريكية منذ عام 1997 بزعم رعايته للإرهاب.ويرى المحللون العرب على جانب آخر أن الدبلوماسية الأمريكية تهدف إلى فصل الشمال السوداني الذي تقطنه أغلبية مسلمة عن الجنوب الذي تقطنه أغلبية نصرانية أو وثنية.وأثارت تصريحات بريطانية واسترالية عن الاستعداد لإرسال قوات إلى دارفور قلقا رسميا رغم قول واشنطن إن الحديث عن تدخل عسكري سابق لأوانه، وقالت ليبيا إنها لا يمكن أن تقبل وجود قوات من خارج الاتحاد الإفريقي في السودان الذي قال إنه سيقاتل أي قوات أجنبية. وقالت الجامعة العربية إن الحديث عن مثل هذا التدخل يثير قلقها.وقال زكي إن عرض استراليا إرسال قوات يشير إلى الكيل بمكيالين فيما يتعلق بحقوق الإنسان ولاسيما في ضوء تصويتها ضد قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب إسرائيل بهدم الجدار الذي تبنيه في الضفة الغربية.