كل المؤشرات والدلائل تشير الى أن إستراتيجية الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن تسير وفق رؤى متناغمة.. ودبلوماسية ناعمة.. بعيداً عن السياسات الرعناء والإجراءات غير المدروسة بدقة فائقة.. فهو صاحب خبرة وتجارب وحكنة سياسية, يشهد له تاريخه السياسي والفكري المتوازن.. أمام الرئيس بايدن اليوم سيناريوهات عديدة.. وقضايا شائكة.. وأعباء متراكمة من الإدارة السابقة.. وهذا يتطلب عدة أمور على كافة الصعد عربياً وإقليمياً ودولياً.. مع اتخاذ دور فاعل وحاسم تجاه تلك القضايا والتحولات الجوهرية في تفاعلات العلاقات الدولية، فبقدر ما تكون تلك التصريحات سهلة, بقدر ما تكون محاولة تنفيذها أمراً يحتاج الى عقود من الزمن.. فإصدار القرار شيء, وتنفيذه شيء آخر.. هناك سيناريوهات مثقلة بأعباء أحداثها.. وتداخل مفرداتها وتشابك مصالحها.. وفي حالة توجس وخوف وقلق خشية أن تدخل المنطقة في حروب دامية قد تؤدي الى نشوب حرب عالمية ثالثة بمشاركة نمور آسيا.. فالمشهد السياسي العراقي الحالي يواجه عدة سيناريوهات، من هم أطرافه المحركون والمسيرون؟! وما هي أهدافهم المعلنة وغير المعلنة؟!.. وما هي مرجعياتهم, ومن يقف خلفهم من القوى والدول الإقليمية والأطراف الدولية؟!.. هل من مخرج لهذه الأزمة المأساوية المتعددة الفواجع؟! فقادم الأيام سيكشف لنا من هم المزايدون.. وأصحاب الشعارات الزائفة؟! أما مسار وخيار الحل السياسي في اليمن فيحتاج الى إرادة قوية وصدق عن رغبة كل الأطراف المشاركة أو المتورطة في الحرب العدوانية على اليمن محلياً وإقليمياً ودولياً. وعلى كافة الدول والقوى الفاعلة أن تناقش الأزمة اليمنية على أسس موضوعية بعيداً عن الولاءات الضيقة أياً كانت.. وأن تحدد لمستقبل حقيقي يضمن للإنسان اليمني حقوقه, وحرياته على أرضه في دولة مدنية يسودها القانون والنظام الذي يطبق على الجميع. أما المسار العسكري هو المسار الكارثي الذي يقود الى العنف, والفوضى والقتل والدماء.. ومن المؤكد أنه سيطول لسنوات عديدة وفي ظل التوازنات والصراعات العسكرية القائمة والتدخلات الخارجية, ستتحول اليمن في نهاية المطاف الى دولة فاشلة.. وسوف تمزق يمن الحكمة والإيمان.. يمن العروبة والأرومة.. يمن العز والشموخ الى دويلات ومشيخات.. وكانتونات عديدة ومتناحرة عقائدياً وفكرياً ومذهبياً وغير ذلك من بؤر العنف والإرهاب.. وحينها لن تكون هناك دولة بالمفهوم الاصطلاحي السياسي.. وبالتالي سيتهاوى وجود النظام العربي في شبه الجزيرة العربية والأمن القومي العربي. أما إستراتيجية بايدن تجاه الاتفاق النووي الإيراني بالرغم من وضوح الرؤية, والأخطاء التي ارتكبها الرئيس الساقط ترمب تجاه إيران وردود الأفعال الأوروبية تحديداً: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا بالعودة لعضوية 5+1 وإلغاء كافة العقوبات التي فرضها نظام ترمب السابق.. دون ذلك لا حوار ولا مصالحة.. لأن المسألة أساساً بين واشنطن وطهران واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.. ولا تحتاج الى مداولات أو دخول أطراف أخرى.. فهل تستطيع إدارة بايدن إصلاح ما أفسده الرئيس الساقط ترمب تجاه الاتفاق النووي الإيراني.. وغيرها من القضايا التي اشعلها في كثير من الدول؟! ولكي تصدق نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران, فعليها أن تسمح واشنطن لكوريا الجنوبية بتسليم ستة مليارات دولار لإيران مقابل مستحقات نفطية إيرانية لديها، دون ذلك تظل الأوضاع غير مستقرة والثقة مهزوزة.. وهناك عدة سيناريوهات مازالت عالقة منها الأزمة اللبنانية والسورية والعراقية والليبية والأفغانية التي مافتئت تتأرجح في ميزان القوى بين الأقطاب العالمية والكل في انتظار الترياق المناسب من الدولة الأقوى والنافذة.. إذن هناك الكثير من السيناريوهات المعقدة في انتظار إدارة بايدن وتريد حلولاً توافقية تضمن مصالح واشنطن وأوروبا في تلك المناطق الحساسة.. بالرغم من الشريك المشاكس (إسرائيل) التي تحاول ان تضع موطئ قدم راسخ في المنطقة كسباً للرهان والدخول في المنافسة.. وتحقيق أهدافها الماورائية في المنطقة.. وهذا ما تسعى إليه منذ زمن بعيد أن يكون لها وجود عسكري في جنوبالبحر الأحمر أو جزر اليمن الكبرى أو المحيط الهندي. صفوة القول: إنها ألاعيب السياسة.. والسياسة لعبة قذرة ليس فيها ضمانات.. ولا اتفاقات بل فيها مصالح متبادلة ومنافع مشتركة فالأزمات والحروب كلما تطول تنحو منحى عكسياً وتفتح الباب على مصراعيه للأطماع الخارجية.. وتزداد مأساة الشعوب إنسانياً ومعيشياً وتقل خيارات الحلول وتسود المجتمعات أنواعاً شتى من الجرائم وتتهاوى السلوكيات والقيم والمبادئ والأخلاق.. في وسط كم هائل من المتناقضات والمأساوية الإنسانية والاجتماعية المتنافرة.. فياترى هل تستطيع إدارة الرئيس جو بايدن تجاوز جل هذه التراكمات المثقلة بالسيناريوهات المعقدة.. والخيوط المتشابكة في غضون فترة محددة؟! أم تحتاج الى عقود من الزمن؟!.. فالأيام القادمة كفيلة بكشف الكثير من مصداقية أو زيف تلك القرارات ومدى صحتها من عدمها..!